ورغم أن المملكة وبالتعاون مع الولايات المتحدة، استخدمت مصادر الطاقة كأداة سياسية للضغط على عدد من الدول لتغيير مواقفها المتعلقة بقضايا منطقة الشرق الأوسط خصوصاً الأزمة السورية، فهي اليوم تواجه نفس المصير وتعاني من الأعراض الخطيرة للوتيرة المتسارعة لانخفاض الأسعار، وتسعى لصد السهام المرتدة إلى اقتصادها، بعد أن أُطلقت في اتجاه روسيا و إيران وسوريا، وفشلت في إصابة الهدف.
وأوضح رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الخبير الاقتصادي الدولي، الدكتور رشاد عبده، في حديث لـ "سبوتنيك" اليوم الأربعاء، أن إيرادات السعودية انخفضت، ولم يعد أمامها سوى أحد اتجاهين.
وأوضح أن الاتجاه الأول هو تبني خطط تقشف للاقتصاد وعدم تنفيذ برامج التنمية بالتبعية، والثاني هو البحث عن موارد أخرى، ومن هنا تبنت المملكة خطة "إصلاحية" تشمل رفع الدعم عن مصادر الوقود، واتجاه بعرض جزء من أسهم مؤسسة "أرامكو" في البورصات العالمية.
ولفت إلى أن المملكة تسعى للاستفادة من موقفها المالي في التنصيف الائتماني الدولي (AAA) وبالتالي جاء التفكير في اقتراض مبلغ الـ 10 مليار دولار.
وأشار الخبير الاقتصادي الدولي إلى أن السعودية كان أمامها فرصة جيدة للحصول ليس على 10 مليارات من الدولارات فقط بل 70 مليار في حال نجح اجتماع الدوحة، الذي عقد مؤخراً بهدف التوصل إلى اتفاق حول مستوى انتاج النفط بين الدول المنتجة، موضحاً أن ما قيل عنه "لعبة السياسة" هي التي دفعت السعوديين إلى الاقتراض وعدم الاتفاق مع روسيا وإيران وفنزويلا ودول أخرى على تجميد إنتاج النفط لتحقيق التوازن المطلوب في الأسعار العالمية.
ونوه إلى أن السعودية ساهمت في تراجع أسعار النفط، للضغط على روسيا اقتصادياً وتحجم عن دعم النظام السوري، وبالتالي يتغير مواقفها من الأزمة، في الوقت الذي تستمر فيه بدعم المعارضة لإسقاط الرئيس بشار الأسد.
كذلك فإن استمرار انخفاض الأسعار لن يسمح للدول التي تسعى إلى انتاج المزيد من النفط الصخري بالاستمرار في الإنتاج بسبب التكلفة المرتفعة لاستخراجه، وبالتالي تحجم هذه الدول عن الاستمرار في الانتاج لارتفاع التكلفة عن سعر البيع.
وأضاف أن الخلافات السياسية بين طهران والرياض، تؤثر بشكل مباشر على عدم الاتفاق حول مستوى الإنتاج، مشيراً إلى أن وضع إيران التي واجهت لسنوات حصار اقتصادي وعقوبات تدفعها إلى ضرورة الاستفادة من مواردها الطبيعية ولا يمكن معاملة إيران كأي دولة أخرى منتجة لأنها واجهت ظروف قاسية وتحتاج إلى تنمية مواردها بعد رفع العقوبات.
وأوضح أن السهام التي أطلقتها السعودية للضغط على روسيا وإيران، ترتد إليها، وأن الرياض تسعى إلى إخراج الدول التي تعتمد على النفط الصخري سواء داخل "أوبك" أو خارجها، حتى يمكن السيطرة على الأسواق العالمية، مضيفاً أن المملكة تعتمد على موقفها المالي الجيد في المؤسسات المالية الدولية عندما تقرر اللجوء إلى الاقتراض، وأنه على المدى القصير لن تتأثر بأي تداعيات سلبية لتراجع أسعار النفط.