لطالما استخدم الساسة الإسرائيليون العداء للعرب والفلسطينيين للهروب من المآزق الداخلية الإسرائيلية، ولانتزاع مكاسب حزبية وانتخابية، واستخدمه قبل ذلك المنظرون الصهاينة قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، وشكّل كره العرب والفلسطينيين نقطة التقاء بين كل مكونات الحركة الصهيونية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
زعيم حزب "العمل" ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، يتسحاق رابين، جسّد عملياً كرهه، وكره اليسار الذي يمثله، للفلسطينيين باعتماد سياسة تكسير عظام الفلسطينيين في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، في محاولة لتثبيط عزيمته الفلسطينيين وثنيهم عن النضال من أجل انتزاع حقوقهم الوطنية الثابتة والمشروعة بإقرار الأمم المتحدة. رغم هذا بقي حزب "العمل" حذراً في خطابه السياسي نوعاً ما، كي لا يعطي عليه ممسكاً يدينه أمام العالم، إلى أن قرر زعيم الحزب الحالي، يتسحاق هيرتسوغ، كسر قالب الماضي، وإشهار العداء للفلسطينيين والعرب، واعتبار ذلك من شروط خروج اليسار الصهيوني من مأزقه ووقف تراجع مكانته في الحياة السياسية الإسرائيلية.
تحريض هيرتسوغ على الفلسطينيين والعرب جاء خلال اجتماع حزبي لـ"العمل" في أشكلون، يوم الاثنين الماضي، حيث شرح للحاضرين سبب تراجع حزبه وازدياد قوة يائير لبيد في الاستطلاعات قائلاً: ثمة انطباع لدى الجمهور بـ"أننا محبون دائماً للعرب". وأن لبيد ينجح لأنه "يتحرك باتجاه اليمين أكثر منا في الوعي الوطني". في تنصل صريح من المساواة المدنية في الحقوق بين اليهود والفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، في الجليل والمثلث وحيفا ويافا والنقب.
وينطبق على هيرتسوغ بأنه قدّم عذراً أقبح من ذنب، في محاولته تبرير تفاهاته ضد الفلسطينيين والعرب، بتأكيده في لقاء له مع محطة إذاعية إسرائيلية أنه كان يقصد الفلسطينيين في المناطق (الضفة الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية) عندما صرح بأنه يجب ألا يظهر أعضاء حزب "العمل" دائماً كأنهم محبو العرب، وأضاف إنه لم يكن يقصد السكان العرب في إسرائيل. أي أنه يقصد ضرورة عدم إبداء أي نوع من التضامن مع ضحايا لممارسات جيش الاحتلال والمستوطنين في الضفة الفلسطينية، وعدم انتقاد الجيش والمستوطنين.
تقديرات المحللين السياسيين الإسرائيليين تفيد بأن حزب "العمل" لن يستفيد انتخابياً إذا ما سار وراء تصريحات زعيمه والانجرار نحو مغازلة التيار اليمني المتعاظم في المجتمع الإسرائيلي، فاليمن يجيد بحرفية أكبر تقديم برنامجه القائم على استلاب حقوق الفلسطينيين والتنكيل بهم، وانضمام زعيم "المعسكر الصهيوني" وحزب "العمل"، يتسحاق هيرستوغ، إلى معسكر المطالبين علناً بإشهار سلاح العداء ضد الفلسطينيين والعرب ينزع ورقة التوت عن حقيقة أيديولوجيا وسياسات ما يسمى بـ"اليسار الصهيوني".