توجه الأحمد الى الرئيس بوتين واصفاً إياه بأنه صاحب رؤية الاستقرار وصانع الإنزيم اللازم لعالم جيد ،معبراً بذلك عن تأييده للسياسة التي يتعامل بها الرئيس بوتين مع الملفات الساخنة وخاصة في سوريا.
وبنفس الوقت دعا الأحمد للسير قدماً في تطبيق المبادىء التي تسهم في تحقيق استقرار العالم، وإنشاء مؤسسة فكرية مقرها موسكو تضم كبار المفكرين العالميين، وتعنى بوضع مفاهيم غير استنسابية لما يسمى بالدول المارقة، وفقاً لقواعد القيم الإنسانية.
وختم الأحمد رسالته إلى الرئيس بوتين بالثناء على طريقة تفكير الرئيس بوتين باستخدام العقل الذي يبني بدل القوة التي تدمر.
ولكم نص الرسالة:
مبادئ الرئيس بوتين
سيادة الرئيس فلاديمير بوتين
وأنت قد صنعت الأنزيم اللازم لصنع عالم جديد…
بعيدا عن فكر تصدير الثورة لأنك صاحب استقرار ولست صاحب ثورة وأنك صاحب رؤية لاستقرار الدول والحفاظ على شرعة الأمم المتحدة في وجه الصيغ الهدامة والملتبسة التي حولت دولا مستقرة وتسهم في الحضارة الإنسانية إلى دول يرتع فيها الإرهاب وامتهان القيم الإنسانية من أفغانستان إلى العراق وليبيا وسورية بوصفات (دمى — قراطية) تصدر عن الغرب… فإن الرؤية تتسع… مع كل مبنى يدمر يوميا في حلب ويحوي بين جدرانه الأثرية خلاصة الفلسفة السورية الإنسانية على مدى اثني عشر ألف عام من المدنية المستمرة… وكفى بكل ما قلناه كلاما لأن الفيلسوف المتصوف النفري يقول: كلما اتسعت الرؤيا… ضاقت العبارة
…وعندما تشتد الخطوب وتتكاثر المعطيات وندخل في التحليلات… يصبح كل شيء استنسابيا… حتى قتل الأبرياء… فيتحدث الجميع باسم نصف حلب الضحية… مع أن قيم الحق والخير… والجمال هي قيم مطلقة وليست نسبية وبالتالي فهي غير قابلة للقسمة…
من هنا لا أستطيع في قراءتي لحجم التحول مع الرئيس فلاديمير بوتين وهو في غير عصر الثورات ولا أدعوه للقيام بثورة، وأنا لا أحبها أصلا… لكني أعتقد أنه في كل العصور في عصر القيم المطلقة وهو مدعو لإطلاق القيم المطلقة من جديد لإنهاء الجدل في:
1-معنى الديمقراطية وإعطاء كل أمة الفرصة لإجراء الحوار اللازم لوضع المنهج الديمقراطي الذي يلائمها، ولكنه سيصبح موجب التطبيق بدون الدخول في المجهول أو أن يؤثر على التنمية ودخل المجتمع
2-التدخل في شؤون الدول الأخرى وإيواء التمرد أو الإرهاب وتمويله
3-الحد الأدنى الواجب توفره في حقوق المرأة والذي يجب أن ينطبق على جميع الدول دون استثناء
4-المبادىء في التدخل الفكري والعقائدي وحرية الصحافة والتعبير
5-الحق في تبديد مقدرات الدول عن طريق إغراق الأسواق كما يجري دوما مع لعبة أسعار النفط
6-شن الحروب الثقافية على الشعوب عن طريق استحضار النعرات المذهبية
بالإضافة إلى مبادئ أخرى يمكن أن تسهم في استقرار العالم الآخذ في الانزلاق نحو عدم الاستقرار بشكل لا رجوع عنه بدون الوصول إلى حروب إقليمية أو عالمية كبرى ولا يمكن تفاديها إلا باعتبار مجموعة المعايير هذه قد أصبحت واجبة التطبيق، ولا قبل لدولة كانت أن تتهرب من الركون إلى ذلك، وهو السبيل الوحيد لمنع انزلاق العالم نحو الحريق الكبير الذي أجد أن جميع عوامله قد أصبحت متوافرة وأن جميع مباني الأمم المتحدة الموجودة لا تكاد تصلح لرتق فتوق الثياب الرثة على امتداد هذا العالم المهاجر، ونحن الآن في بداية كرة الثلج المتعاظمة، لا في نهايتها ولا في وسطها.
إن إنشاء مؤسسة فكرية مقرها موسكو تضم كبار المفكرين العالميين وتعنى بوضع مفاهيم غير استنسابية لما يسمى بالدول المارقة وفقا لقواعد القيم الإنسانية المعروفة، سيوجب على أعداد متزايدة من الدول أن تلتزم بهذه المعايير، وتطلب من دول العالم المتحضر حقيقة بدءا بتجمع دول البريكس وغيرها، بأن تتعاطى وفقا لهذه التقييمات المعيارية المستمرة بنظام مدروس وعصري للحوكمة. وهذا سيشكل سمة أساسية من سمات الأمم العظمى المتوفرة في روسيا الاتحادية لتأخذ تلك المحكمة أو المؤسسة من موسكو هيبتها وعظمتها، باتجاه أن ينتهي الصلف الغربي في التعامل مع كل القضايا المتعلقة بشؤون حياة أهل الغرب بمنتهى الدقة والحرفية والمنهج العلمي من أجل رفاهه واستقراره، ولكنه يتعاطى بنفس الوقت مع قضايانا في العالم العربي وغيره بمنتهى السطحية والسخافة على طريقة كولن باول و (أدلته النووية الدامغة)…حتى يعلم تماما أن الإرهاب هو مرض جائح عملوا طويلا إما على توفير كل العوامل لنموه، أو إلى تجاهل وجوده واستفحاله، وأن التسويات السياسية الاستنسابية في القيم الأخلاقية التي لا يعير لها السياسيون حسابا، غالبا ما أنتجت وتنتج دولا فاشلة تتيح لجميع المفاوضيبن والمتحاورين شغل مناصب حكومية جديدة، كما تتيح لشركات السيارات المصفحة بيع المزيد من القطع النادرة، ولكنها لا توجد حلولا للأزمات المستعصية. فوحدها الحرائق الكبرى والحروب العالمية التي تسحق الأبرياء مع المرتكبين، هي التي تخلق الاستقرار في الهدوء بعد العاصفة ليبدأ البناء من تحت الصفر أو تحت الركام…ولتجنب هذا كله… يأتي عظماء القادة بجبروتهم القوي فيظهرون القوة بدل استعمالها ويضعون بقرب الصواريخ العابرة للقارات فلسفة إنسانية بنفس القوة وأكبر من ذلك بكثير ويقولون لمن يعبث بأمن البشرية كفى، وهذا الدرس قد بدأ، فتعال وتعلّم…