منذ اندلاع ما يُعرف بـ "الربيع العربي" وتدهور الوضع في المنطقة، بدأت الولايات المتحدة اتصالات مع الجانبين المصري والإسرائيلي لمناقشة سبل حماية هذه القوات، وتقدمت واشنطن باقتراح تخفيض قواتها، ومع استمرار المواجهات بين قوات الأمن المصرية والجماعات المتطرفة "ولاية سيناء" التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، عاد الحديث عن مصير تلك القوات، وبالتالي مصير اتفاق السلام الذي تم برعاية أمريكية.
تشكيل القوات:
في عام 1982 اتفقت مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على تشكيل "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" خارج إطار الأمم المتحدة، وذلك بتحديد إدارة القوة وتمويلها بمعرفتهم الخاصة، بموجب الملحق 1 من المادة الثانية من اتفاق كامب ديفيد، على ان تتولى القوات مهمة مراقبة "المنطقة ج" تمتد على طول الحدود بين مصر وإسرائيل.
وتضم هذه القوات إدارة مقرها العاصمة الإيطالية ومكاتب اتصال في كل من القاهرة وتل أبيب، و35 برج مراقبة ونقطة تفتيش ومركز مراقبة على طول الشريط الممتد على طول الحدود الشرقية بسيناء، ويبلغ تعداد عناصر هذه القوات 1700 جندي من 13 دولة هي الولايات المتحدة بكتيبة مشاة قوامها 425 جنديا و235 موظف دعم، وإيطاليا بـ 3 سفن من البحرية تقوم بدوريات في المياه المحاذية لسواحل سيناء، وذلك لضمان حرية الملاحة في مضيق تيران والوصول إلى خليج العقبة، إل جانب كولومبيا، فيجي، أستراليا، كندا، فرنسا، المجر، نيوزيلندا، النرويج، أوروجواي وهولندا.
اعتراض مصري وإسرائيلي
رغم التفاهمات التي توصلت إليها القاهرة وتل أبيب حول تمركز مزيد من القوات المصرية والسلح المتطور في شبه جزيرة سيناء، لمحاربة العناصر المتطرفة والقضاء على البؤر الإرهابية، إلا أن الولايات المتحدة أعلنت عن البدء في دراسة تقييم الوضع الأمني لقواتها المشاركة في قوات حفظ السلام بالمنطقة، وتقدمت باقتراح يتضمن سحب جزء من هذه القوات.
وتعارض مصر وإسرائيل الاقتراح الأمريكي، وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية "إن واشنطن تشعر واشنطن بالقلق من الهجمات الإرهابية في المنطقة من خلال تنظيم ولاية سيناء الإرهابي التابع لـ"داعش"، و مصر مستعدة للنظر في بدائل أخرى تشمل نقل القوات متعددة الجنسيات إلى وسط وجنوب سيناء واستخدام معدات لرصد التحركات والرقابة عليها".
انهيار القوات يهدد اتفاقية السلام
ويقول استاذ العلوم الاستراتيجية، اللواء الدكتور نبيل فؤاد، في حديث لـ"سبوتنيك" اليوم السبت، أن القوات متعددة الجنسيات جزء من اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي تمت برعاية الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن القوات ليست قوات تابعة للأمم المتحدة، وأن أكبر القوات الأمريكية هي أكبر قوة مشاركة في القوات متعددة الجنسيات وهي التي تدير عملها، وفي حال رفعت واشنطن يدها عنها تنهار هذه القوة وبالتالي يعرض اتفاق السلام.
وعبر عن اعتقاده بأن انسحاب أو تقليص القوات الأمريكية "أمر غير وارد بالمرة" لأنها جزء أساس من اتفاقية السلام، مضيفاً أنه يمكن نقل هذه القوات إلى بعض الأماكن الأخرى داخل سيناء، مشيراً إلى أن هذه القوات ضرورة في إطار الملحق العسكري لاتفاقية السلام وضمان الالتزام ببنوده.
ولفت إلى أن هناك أصوات أمريكية تدعو إلى تقليص تواجه القوات الأمريكية في الخارج، مشيراً إلى أن هذا أمر غير وارد تطبيقه في عدد من المناطق والتي من بينها سيناء، موضحاً أنه من مصلحة الولايات المتحدة استمرار مشاركتها في القوات المتعددة الجنسيات.
وأوضح استاذ العلوم الاستراتيجية أن انسحاب القوات الأمريكية معناه انهيار هذه القوات، لأنها العنصر الأساسي في تشكيلها، وبالتالي يخل باتفاقية كامب ديفيد للسلام، مشيراً إلى أن الاتفاقية مبنية على شكل معين واتفاقيات على خطوط ومناطق معينة من منطقة "أ" و"ب" و"ج" وكل منطقة تضم حجم محدد من القوات وهكذا، موضحاً أن القوات متعددة الجنسيات هي من تراقب الالتزام بهذه البنود، وبالتالي فإن انهيار القوات هو عدم وجود من يراقب تنفيذ الاتفاق، معبراً عن اعتقاده بأن هذا غير وارد.
ولفت إلى أن مصر استطاعت خلال فترة قصيرة تقليص نشاط العناصر الإرهابية في سيناء، معتبراً ان اتفاقية السلام ضرورة بالنسبة لتل أبيب وواشنطن، وهناك تمسك من جانب البلدين بهذا الاتفاق، وليست هناك رغبة في أن تهتز الاتفاقية لأن ذلك يضر بمصالح إسرائيل والولايات المتحدة.
تعاون أمني بين مصر وإسرائيل
ويرى المدير السابق لأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء الدكتور زكريا حسين، في حديث لـ "سبوتنيك" اليوم السبت، أنه لن يكون هناك أي تغير في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وأن أن تعديل يجب أن يكون برضى وموافقة البلدين.
وأوضح أنه لا يوجد بين القاهرة وتل أبيب أي مشاكل متعلقة بمنطقة شبه جزيرة سيناء، مضيفاً أن هناك تعاون أمني كبير، وأن هذا التعاون هو الذي أدى إلى أن تنفيذ العملية التي تتم بواسطة القوات المسلحة المصرية في مواجهة الإرهاب بالاتفاق بين مصر وإسرائيل على أن تدخل القوات المصرية لتصفية الجماعات الإرهابية.
ولفت إلى أن هناك إصرار من الجانبين على حسن تنفيذ بنود معاهدة السلام وبنودها.