ويبدو أن الاتفاق العتيق لم يعد يتوافق مع المخططات الجديدة للغرب في المنطقة، فمع الذكرى المئوية للاتفاق يواجه العرب تقسيما جديدا تقوده الولايات المتحدة بما يعرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الجديد"، ولكن هذه المرة على أساس ديني وعرقي وبالتالي ظهور كيانات جديدة يمكن السيطرة عليها.
ومؤخراً أشار المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" مايكل هايدن، إلى ما قال عنه "اختفاء العراق وسوريا رسميا من على خريطة الدول العربية"، ليكشف بهذه التصريحات حقيقة المشروع الأمريكي للمنطقة، وأضاف خلال الحوار مع شبكة الأخبار الأمريكية "سي إن إن": "إن الاتفاقيات العالمية التي عقدت بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تنهار، ما سيغير حدود بعض الدول في الشرق الأوسط…الذي نراه هو انهيار أساسي للقانون الدولي، نحن نرى انهياراً للاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الثانية، نرى أيضاً انهياراً في الحدود التي تم ترسيمها في معاهدات فيرساي وسايكس بيكو، ويمكنني القول بأن سوريا لم تعد موجودة والعراق لم يعد موجوداً، ولن يعود كلاهما أبداً، ولبنان يفقد الترابط وليبيا ذهبت منذ مدة".
العراق يتجه نحو التقسيم إلى ثلاث مناطق على أساس عرقي وطائفي، إم لم يكن قد أصبح كذلك على واقع الأرض، والسودان أصبح دولتين جنوبية وأخرى شمالية، وينتظر إعلان عودة اليمن إلى شمال وجنوب، وليبيا تبدو عاجزة أمام طوفان التقسيم إلى ثلاث مناطق " فزان ـ طرابلس ـ برقة"، وسوريا تواصل التصدي لكل محاولات النيل من الجمهورية العربية، وتعود مشكلة الأكراد إلى صدارة مشهد التقسيم في ضوء ما يجري في المنطقة من أحداث، والصومال الذي تمزقه نيران التطرف والإرهاب، فضلا عن استمرار الخلافات بين المغرب والجزائر حول مصير الصحراء الغربية، إلى جانب الخلافات على الحدود التي تظهر من وقت لآخر بين دول الخليج، حتى مصر لم تكن بعيدة عن مخطط التقسيم ولا تزال تواجه هذه المخططات.
إعادة تقسيم المنطقة العربية على أساس عرقي وطائفي، يساهم في إضعاف العرب مقابل تقوية إسرائيل، وتعزيز فرص تنفيذ مخططات السيطرة على دول المنطقة في إطار استراتيجية الهيمنة والتي لا تتفق مع الخريطة السياسية القديمة "سايكس ـ بيكو"، وبالتالي كان حتما إعلان انتهاء بل وفاة الاتفاق مع البدء في تنفيذ المشروع الجديد الذي يقوم على نشر الفوضى والإرهاب والصراع الطائفي بين سكان المنطقة.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)