وجاء نص الحوار كالآتي:
دعنا نتساءل في البداية: لماذا يريد نتانياهو لقاء عباس بدون قواعد؟
لأنه يريد مفاوضات بلا نتائج وبلا أسس واضحة خارج قواعد العمل السياسي بين جميع الدول والأحزاب سواء داخليا أو خارجيا، وبالتالي يحاول خلط الأوراق ولكن هذه السياسة لم تعد تنطلي على أحد، وكل من يمتلك ذرة تفكير سيعلم أن هذا شكل من أشكال المراوغة التي يقوم بها نتنياهو للتهرب من استحقاقات عملية السلام والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
- يرى محللون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد محادثات غير جادة وغير ملزمة له…وهو مؤشر على أنه يريد إضاعة مزيد من السنوات في مفاوضات لا قواعد لها ولا عائد من ورائها…كيف تقرأ هذه الرؤية من وجهة نظرك؟
بالتاكيد هذه رؤيتنا، فنتنياهو عقائديا وإيدولوجيا لا يفكر إلا في دولة إسرائيل الكبرى، وامتدادها من النيل إلى الفرات، فهذه هي السياسة التي تربى عليها سواء في منزله مع والده الذي كان أحد مساعدي جابونيسكي، أو تربيته في حزب الليكود، والدليل على ذلك أنه عندما تم التصويت على اتفاق أوسلو داخل الكنيست الإسرائيلي قام نتنياهو برفع يده ممثلا إشارة الليكود ضد اتفاق أوسلو، وعندما أصبح رئيسا للحكومة قام بتمثيل حزب الليكود في سياساته دون أن يعلن، وقام بالتخلي عن اتفاق أوسلو بكافة عناصره وبالتالي قطع الطريق على عملية السلام.
- هل تتوقع أن يقبل الفلسطينيون بما صرح به نتانياهو بشأن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح…رغم إعلانه عدم فرض شرط نزع السلاح والاعتراف بيهودية إسرائيل كشروط لبدء المفاوضات؟
لا يمكننا القبول بيهودية إسرائيل تحت أي ظرف، فالصراع ليس صراعا دينيا، إنما هو صراع ذو أبعاد سياسية واستراتيجية، أما بالنسبة لتعبير دولة منزوعة السلاح فنتنياهو لا يقصد دولة بمفهوم الدولة، إنما يقصد دولة تحت الاحتلال، فمفهوم الدولة عند نتنياهو أن تكون دولة منزوعة السيادة ولا علاقة لها بالحدود والمعابر التي ستبقى تحت سيطرة إسرائيل، وأن يتم قطع علاقة الدولة الفسطينية بالشريط الحدودي الممتد بعمق بين 8 إلى 20 كيلو مترا على خط نهر الأردن.
- مازالت فرنسا مصرة على عقد مؤتمر السلام في يونيو/ حزيران المقبل…بحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري…لماذا هذا الإصرار رغم رفض إسرائيل؟
نحن مع إصرار فرنسا على عقد المؤتمر على الرغم من أننا غير موجودين في الجولة الأولى من المؤتمر، لكن برأيي أن المبادرة الفرنسية تتعارض مع السياسة الأمريكية التي حابت لإسرائيل كثيرا وأوصلت نتنياهو إلى تصلبه في الرأي ووضعه لعراقيل وشروط، وجعلت إسرائيل تملي شروطها على دول العالم، فأجهضت مباحثات السلام العربية، وقضت على قرارات الشرعية الدولية، وعمليا ألغت خارطة الطريق وكل ذلك تم بسبب انحياز السياسة الأمريكية لإسرائيل، ونحن نتمنى أن تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بالحضور في مؤتمر باريس، وأن لا تعمل على إفراغه من مضمونه كما يفعل كيري في الوقت الحالي.
- برأيك…هل سينجح المؤتمر في تحقيق هدفه وهو عقد مؤتمر دولي يجمع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي الخريف المقبل؟
منذ عام 1974 وهناك محاولات كثيرة تجري منذ أن تحركت عملية السلام وبعد اتفاقية كامب ديفيد المصرية، وكل تلك الجهود قامت إسرائيل باجهاضها، وعلينا ألا يصيبنا الإحباط واليأس وسيظل هذا جزء من الجهد المبذول من الجانب الفلسطيني، فحضور 25 دولة لمؤتمر باريس، أنا في رأيي، هو انتصار لإرادة المجتمع الدولي في التمسك بقرارات الشرعية الدولية، ولنترك المحاولات تأخذ مداها الزمني حتى نصل إلى نتائج، ونذكر أنه في أنابوليس كان هناك قرار بعقد مؤتمر دولي في موسكو وعملت إسرائيل على إجهاضه أيضا وعدم إتمامه حتى الآن، ولكننا علينا أن نشجع كل التحركات والمبادرات التي تجري في هذا الاتجاه.
- برأيك…لماذا أبدى نتانياهو ترحيبا بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي ورفضه المبادرة الفرنسية…رغم وجود تقارب كبير بين الطرحين، من حيث تجدد المفاوضات والوصول إلى أهداف واحدة؟
مراوغة جديدة من جانب نتنياهو، فهو لا يريد إغضاب الجانب المصري، ويريد أن يخلط الأوراق وأن يؤثر سلبا على مؤتمر باريس، فسقف خطاب الرئيس السيسي أعلى من المبادرة الفرنسية، لأنه حدد سلفا بأنه لا مفاوضات بدون دولة فلسطينية مستقلة وهو ما يرفضه نتنياهو شكلا وموضوعا، وبعد أيام لايزال نتنياهو يسعى لضم ليبرمان لحكومة ائتلاف وهذا يتعارض مع جوهر التحرك السياسي الذي دعت له مصر ويتعارض مع المبادرة الفرنسية.
- وصلت مديرة إدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإسرائيلية، أفيفا راز شيختار، أمس الاثنين، إلى القاهرة على رأس وفد إسرائيلي…هل ترى وجود رابط بين الزيارة والمبادرة التي كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي طرحها منذ أيام؟
بالتأكيد هناك رابط على الرغم من أني لا أعلم جدول أعمالها في تلك الزيارة، ولكن مهما كان سبب زيارتها فأنا على ثقة من أنه سيجري نقاش بشأن ما طرحه الرئيس السيسي.
(أجرت الحوار: دارين مصطفى)
