لم يكن هناك مبرر أخلاقي أو سياسي أو حتى عسكري لتدمير المبادئ الإنسانية في اليابان، وارتكاب أبشع جرم في تاريخ البشرية، عندما اتخذت الإدارة الأمريكية في 6 أغسطس/آب من العام 1945 قرار إطلاق القنبلة النووية B-29 على مدينة هيروشيما اليابانية، وبعدها بثلاثة أيام بإطلاق القنبلة الثانية B-29 A على مدينة ناغازاكي.
ولم تكن الأراضي اليابانية وحدها شاهد على انتهاكات حقوق الإنسان، فالتاريخ يروي ما حدث في فيتنام وكمبوديا ولاوس، عندما قامت القوات الأمريكية بنشر كميات كبيرة من المبيدات السامة على المزارع حتى تتمكن من هزيمة "الحركة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام" وعناصر المقاومة من الشمال، الأمر الذي تسبب في كارثة بيئية، وإعاقة ما يقرب من مليون إنسان لا ذنب لهم سوى أنهم يرفضون فرض الهيمنة والسيطرة الغربية ويقاومون الاحتلال. وملف انتهاكات واشنطن لحقوق الإنسان يضم تجارة الرقيق التي مارستها في منطقة غرب أفريقيا باعتراف الرئيس السابق بيل كلينتون عندما قال خلال زيارة أوغنداعام 1998: "عند العودة بالزمن إلى الوراء قبل أن نصبح دولة، حصل الأمريكيون والأوروبيون على ثمار تجارة الرقيق، لكننا كنا مخطئين في ذلك".
كذلك قرار غزو العراق وما حدث لهذا البلد العربي منذ أن رسخت واشنطن لانتشار الفوضى والعنف والحروب الطائفية، وما تبع ذلك من أحداث تشهدها المنطقة في سوريا وليبيا واليمن ولا تزال تستهدف مصر بمخطط التقسيم. ترفض واشنطن تقديم اعتذار عما ارتكبته في اليابان، ولا ندري بأي منطق سيجعل المجتمع الدولي لاستيعاب ملامسة أقدام الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تلك الأرض التي ساهمت بلاده في تدميرها. فقط هو المنطق الشاذ عن الطبيعة والذي لطالما اتسمت به واشنطن في تعاطيها مع التحديات التي تواجه الحضارة الإنسانية. واشنطن لن تتورع عن استخدام آلتها العسكرية لتحقيق مصالحها. لكن التاريخ يؤكد بأن دماء الأبرياء ستظل تلاحقهم مهما طال الزمن.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)