لكن من الواضح أن الولايات المتحدة من الصعب عليها أن ترضى بالخسارة أمام السياسة الروسية في هذا الاتجاه، وتعمل بشتى الوسائل لأجل إعاقة الحل السياسي في سورية، من خلال إعادة خلط الأوراق مهما كانت النتائج، وهمها الوحيد امتلاك أوراق جديدة لإعاقة الدور الروسي في حل هذه الأزمة وخاصة من خلال زيادة التشابكات والتعقيدات والتلاعب بالمواقف المعنية بهذا الشأن.
وهذه التوترات ظهرت مؤخراً بشكل جدي عندما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لنظيره الروسي سيرغي لافروف بأن صبره وصبر بلاده قد نفذ بخصوص مصير الرئيس السوري بشار الأسد. هذا عدا عن تعالي أصوات أمريكية تنادي بإسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد بالقوة من خلال القيام بأعمال عسكرية في سورية. زد على ذلك تسعير الوضع الداخلي في سورية من خلال هجوم المجموعات المسلحة على نقطة عسكرية للجيش السوري في الغوطة الشرقية بمواد سامة. من جهة أخرى يدعو رئيس أركان الجيش الأمريكي الى الحصول على موافقة لإنشاء مناطق حظر فوق سورية. وهذا يوضح تماماً تبادل الأدوار بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وخاصة السعودية وتركيا اللتين قامتا بتصعيد الأوضاع الميدانية في الفترة الأخيرة ومن ثم رجعتا بعض الخطوات الى الوراء، في الوقت الذي تقدمت فيه الولايات المتحدة بهذا الشكل الحالي، وفق خطة وسيناريو محكم لخلط الأورق واستثمار الوقت قدر الإمكان في صالح الحلف الأمريكي، وهنا كان الرد الروسي واضحاً حيث ان سيرغي لافروف رد بقوة على الوزير كيري وأكد على تحمل واشنطن مسؤولية تعثر التسوية السورية، وأكد ان الغرب يستغل جبهة "النصرة" في هذا الاتجاه.
وعلى الضفة الأخرى من هذه الأحداث تجري لقاءات موسعة بين ممثلي دول العالم على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي في بطرسبورغ. وكانت الأزمة في سورية من أهم محاور هذه المحادثات التي جاء على رأسها اللقاء بين الرئيس فلاديمير بوتين والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بحضور ستيفان ديمستورا المبعوث الأممي الخاص الى سورية. ومن الواضح أن الاهتمام الكبير في الأزمة السورية في هذا المنتدى والذي قد يؤثر على المواقف السياسية المنبثقة عنه وعن اللقاءات الجارية، وأن تؤثر المصالح المشتركة على مواقف بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة التي تقف معها ضد السياسة الروسية في التعامل مع ملفات منطقة الشرق الأوسط وخاصة الملف السوري. هذا بالطبع يقلق الولايات المتحدة ويجعلها تبحث عن أي صيغة لإفراغ هذا المنتدى سياسياً كي لا تشكل هذه المواقف نقطة ضعف جديدة في طريق الولايات المتحدة تجاه حل الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط.