حالة من الارتباك والقلق بدأت تجتاح زعماء اوروبا خوفا من امتداد الآثار الجانبية للقرار الى دول اخرى في الاتحاد؛ إدراكا بأنه لم يعد امام التكتل السياسي والاقتصادي سوى احد خيارين؛ إما التماسك وتجاوزت الآثار السلبية لخروج بريطانيا، أو بداية انفراط العقد الاوروبي؛ في ظل التباين في مواقف الدول الأعضاء حول الرؤية الاقتصادية لمستقبل اوروبا، حيث هناك 9 دول قبل خروج بريطانيا رفضت فكرة العملة الموحدة الى جانب بركان الخلافات المتعلقة بالهجرة والعمالة الأجنبية وارتباط ذلك بالمواقف السياسية المنفردة لدول الاتحاد بما يجري من تطورات للأحداث اقليميا ودوليا.
صفعة قوية تلقاها البيت الأبيض الكائن في الجانب الآخر من الأطلسي، حيث تجاهل البريطانيون نصيحة أوباما بالبقاء. كما أن خروجهم من الاتحاد بمثابة الكارثة السياسية والاقتصادية بالنسبة للإدارة الحالية، ودليل جديد على فشل سياسة اوباما؛ وعجز واضح أمام الحفاظ على مكانة الحليف الأكبر في أوروبا، أمام تراجع تأثير واشنطن على الأوروبيين.
تأثير القرار لن يقتصر على الاتحاد، وستكون له تداعيات سلبية على استراتيجية حلف شمال الأطلسي "ناتو" الذي هو اداة الولايات المتحدة الإمريكية في إشعال بؤر التوتر والازمات في أوروبا من خلال تبني سياسة توسعية غير مبررة.
وللقرار تأثير سلبي على تماسك المملكة المتحدة نفسها، حيث تطالب الحكومة في اسكتلندا بإعادة النظر في استفتاء البقاء ضمن المملكة، كما تفشت حمى الانفصال عن الاتحاد الاوروبي؛ حيث دعت أحزاب فرنسية وهولندية للاستفتاء على الخروج من الاتحاد الاوروبي؛ حتى يمكنهم تولي مسؤلية إدارة شؤون بلادهم، وأموالهم وتأمين حدود دولتهم، واختيار توجهاتهم السياسية.
حالة من الارتباك السياسي والاقتصادي ستجتاح اوروبا حتى تستوعب خروج بريطانيا، وباتت مطالبة بإعادة النظر في سياستها ومواقفها والانحياز للمصالح الأوروبية، بعيدا عن توجهات واشنطن المثيرة للقلاقل، وان الخيار الوحيد لاوروبا هو الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للدول الأخرى الشريكة في تحقيق السلم والأمن الدوليين، وان سياسة المواجهة ستدفع الى مزيد من الصراعات والانقسامات وربما تعود اوروبا الى سيرتها الأولى.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)