وندد المحتجون مع لهيب الشموع الخافت الذي لم يتغلب على ظلام الأبنية المحترقة بشكل مخيف من الهجوم، ضد استخدام "أجهزة كشف المتفجرات" المحمولة باليد، تعاقدت عليها الحكومة السابقة عام 2008، بقيمة مالية ضخمة، وشابها فساد بعد شرائها من رجل أعمال بريطاني وصفته الصحف المحلية العراقية بالمحتال، بسبب الأجهزة الذي تبين فيما بعد بأنها مخصصة للعثور على كرات لعبة الغولف وليس رصد المتفجرات والمفخخات. وشدد المحتجون في مطالبهم، التي وجهوها إلى الحكومة والأجهزة الأمنية والجهات المعنية بحفظ أمن بغداد والبلاد، بالكف عن استخدام أجهزة "كشف المتفجرات" التي لا تطلق صفيرها سوى عند احتواء السيارة على سائل التنظيف "الزاهي"، أو عبوة معطر جسم، وحشو سن سائق أو راكب، مع مرور المفخخات والمسلحين المنفذين لعمليات السطو والسرقة مثل تملص "الشعرة من العجين".
وحمل المحتجون تسمية "كاشف الزاهي" شعارا سموا به "كاشف المتفجرات" الذي لم ينقذ المدنيين الفرحين بنجاحهم من الدراسات المنتهية المتوسطة والإعدادية، والجامعية والمعاهد بعد أيام قليلة على إعلانها، من التفجير. وأطلق المحتجون في مطالبهم نداء إلى الحكومة العراقية، مطالبين بمحاسبة الفاسدين الذين تسببوا بهذا الخرق الأمني الذي استهدف المدنيين في ذروة الازدحام مع تبضع العائلات لعيد الفطر المصادف منتصف هذا الأسبوع. وأعلن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، الحداد العام لثلاثة أيام على خلفية التفجير الدامي، متقبلاً في الوقت نفسه مشاعر المدنيين الذين رشقوا موكبه بالحجارة والأحذية غضباً على الدماء التي سالت. وأصدر العبادي عددا من الأوامر من أجل تعزيز الأمن في العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الأخرى، منها إعادة فتح التحقيقات في قضايا الفساد المتعلقة بالمعدات الأمنية، ونصب نقاط ارتكاز أمنية للكشف على السيارات التي تدخل بغداد، كما وجّه بسرعة الانتهاء من حزام بغداد الأمني.
وبحسب بيان صدر عن مكتب البغدادي، فقد أوعز رئيس الوزراء "بسحب أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدويا (آي. دي. أي.) من السيطرات، على أن تقوم وزارة الداخلية بإعادة فتح التحقيق في صفقات الفساد لهذه الأجهزة وملاحقة جميع الجهات التي ساهمت فيها"، وعلاوة على ذلك وجّه العبادي وزارة الداخلية بالإسراع "في نصب أجهزة الكشف عن العربات على جميع مداخل بغداد وتأمين مداخل المحافظات". وأصدر العبادي منعاً باتاً لاستخدام العناصر الأمنية لجهاز الهاتف النقال عند الحواجز الأمنية، على أن تقوم الأجهزة الأمنية الرقابية بمتابعة ذلك.
كما أمر "قيادة عمليات بغداد بالإسراع في استكمال وإنجاز حزام بغداد الأمني بالاستفادة من إمكانات وزارة الدفاع والوزارات الأخرى وأمانة محافظة بغداد"، وتابع "على قيادة العمليات المشتركة تكثيف الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري فوق العاصمة والمناطق المحيطة لكشف حواضن الإرهاب".
واستدرك البيان، مضيفاً أنه "على قيادة عمليات بغداد وقيادات العمليات الأخرى والقوات الأمنية إعادة تنظيم السيطرات والحواجز الأمنية، بما يخفف على المواطنين والاستعانة بقوات ردع مسندة بجهد استخباري"، مع التشديد على أهمية "التنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والاستخبارات واللجان الأمنية في المحافظات لإيجاد حالة من التكامل بينها بعيداً عن النزاعات".
وتعرضت، منتصف ليلة أمس، منطقة الكرادة بوسط العاصمة بغداد، لتفجير ضخم، نتج عن انفجار شاحنة ملغومة في منطقة تسوق مزدحمة، نتج عنه وقوع أكثر من 200 قتيل وإصابة 160 آخرين.