تتنوع الروايات المأساوية والأعمال الإجرامية التي نفذها مسلحون وراح ضحيتها الكثير من السكان الذين كانوا يقطنون مناطق الاشتباكات في ريف اللاذقية إحدى اللوحات السياحية التي امتزج بها الإنسان مع الطبيعة، حيث المنازل القروية تعانق الجبال والوديان والبحيرات.
وتعتبر "صلنفة" الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي من أكثر المواقع السياحة تضرراً جراء الأعمال الإرهابية، حيث شهدت القرى المحيطة بها (الحمبوشية، النبهان، بيت الشكوحي،عرامو، أستربة) مجازر مروعة راح ضحيتها عائلات بأكملها، وأدت لحركة نزوح للمدنيين نحو المناطق الآمنة، وتوقفت معظم المطاعم والمنشآت السياحية والفنادق عن العمل، كذلك كان المشهد في بلدة كسب الحدودية مع تركيا في الشمال، حيث تتشابه الأحداث إلى حد كبير، ولكن لم يقع المدنيون هناك فريسة سهلة للمسلحين القادمين من تركيا، فلقد تمكنوا من الهرب قبل أن يدركهم الموت.
وفي المحور الأوسط لريف اللاذقية وبالتحديد القرى المحيطة بالنهر الكبير الشمالي أيضاً عانى السكان من الموت جراء عمليات الخطف، وكان أبو علي الذي ذهب ليجني محصول الزيتون آخرهم قبل عدة أشهر، عندما قتل وشوهد بعد أيام جسده بالقرب من أرضه بدون رأس، فهو يسكن في منطقة سياحية قريبة من المسلحين الذين استوطنوا في قرى (غمام، والدغمشلية وجبل النوبة، والزويك، وصولاً إلى كنسبا) حيث لم يعد هناك أي نشاط سياحي. وأضحت المنتزهات مواقع عسكرية بعد أن كانت مقصداً لرحلات المواطنين الهاربين من ازدحام المدينة.
وتشهد مواقع عديدة في ريف اللاذقية عودة للحياة السياحية إلى عهدها بعد أن حرر الجيش السوري بمساندة الأصدقاء الروس مساحات واسعة من الجغرافيا، ولم يعد هناك خوف من عمليات الخطف وسقوط القذائف المتفجرة التي تهدد حياة الأبرياء.
وعاد أكثر من 80 بالمائة من ريف اللاذقية إلى سيطرة الدولة السورية، وشهدت مناطق كسب ومحيطها وصلنفة والنهر الكبير الشمالي إضافة لسد بلوران وغابات الفرلق عودة النشاط السياحي إليها في هذا الصيف.
وتحدث "ياسر" لـ"سبوتنيك"، وهو صاحب منشأة سياحية في منطقة "صلنفة" أن الحياة المدنية والسياحية عادت بكثافة هذا العام، وقال إن المنشآت والمطاعم والمنازل تغص بالمصطافين نتيجة بعدها عن مناطق الاشتباك ودخولها في طوق الأمان، حيث كان السكان يتخوفون من سقوط القذائف الصاروخية. كما كانت أصوات الاشتباكات تسمع بوضوح وهذا يحجب عودة الكثير من السياح.
وفي منطقة كسب كان الوضع مشابها حيث عادت الحياة إلى طبيعتها وكذلك الأماكن السياحية إلى الازدحام نتيجة توافد الرواد إليها.
بينما دارت محركات القوارب المائية في النهر الكبير الشمالي، حامله معها عشرات الحالمين بعودة الحياة والأمان إلى سوريا مبشره بمستقبل أفضل بعيداً عن الموت والقتل.