فتعتدل في جلستها، ثم تنطلق إلى حيث تقودها أفكارها، التي لم يشتتها الزواج منذ شهرين، ولا إدارتها لعمل خاص بها، أو تشغلها عن تعليم البنات فن القيادة.
هي "شيماء علي"… أول شابة مصرية تقرر تحدي المجتمع، الذي يرفض أن تركب الفتيات الاسكوتر وتقوده بمفردها، فتؤسس مدرسة هي الأولى من نوعها في مصر، وتحديداً في محافظة الإسكندرية، لتعليم البنات فقط فن قيادة الدراجات البخارية، وأسمتها "هيا نقود الاسكوتر Let's Scoot"، على الرغم من أنها تدير عملاً خاصاً بها، فهي تملك "دار حضانة" لرعاية الأطفال والرضع أيضا.
تقول شيماء عن هذه التجربة:
"عندما رأيت السكوتر للمرة الأولى، لم أعرف ما هو، ولكن ما جذبني إليه بشدة هو اختلاف طريقة ركوبه عن الدراجات البخارية العادية "هارلي" وغيرها، فجلسته مرضية جداً للجميع، حيث يجلس قائده عليه كما لو كان جالساً على كرسي عادي، وقدماه مضمومتنان لا يضطر إلى فتحهما، وهو ما قد يثير تحفظ الكثيرين".
ربما كان "الحجاب" من الأمور التي أثارت جدلاً في ارتباطها بقيادة الدراجات النارية، فبعض المتشددين يرى أن ارتداء الفتيات الحجاب لا يستقيم مع ممارستها للرياضة، بل إن بعض الدول — مثل السعودية — ما زالت حتى الآن تجرم قيادة السيدات لأي مركبة ثناية أو رباعية العجلات، ومن السهل أن تجد امرأة تقاد إلى السجن لمجرد أنها قادت سيارة لمسافة 50 مترا.
توضح صاحبة مدرسة "Let's Scoot" لتعليم الفتيات قيادة الاسكوتر، أنها عندما قررت أن تجرب قيادة هذه المركبة، فوجئت بوجود انتقادات من البعض، خاصة من تصوروا أن البنات لن تقدر على قيادة الاسكوتر، لاختلاف البنية العضلية للمرأة عن البنية العضلية للرجل، وبالتالي توقعوا أن تفشل، ولكنها عندما بدأت تتعلم، تعلمت بشكل احترافي".
وتضيف "عندما تعلمت القيادة بشكل محترف، قررت أن أفتتح المدرسة، التي ساعدني ووفر لي إمكانيات افتتاحها واحد من أكبر مستوردي الدراجات البخارية في مصر، وكان هدفي أن أكون أول "بنت" تعلم البنات القيادة، خاصة أن ما كان يمنع الكثيرات من التعلم، هو أن أغلب من يقومون بعملية "تدريس القيادة" من الرجال، فكان الأمر صعباً بالنسبة للفتيات وأسرهن".
بدأت شيماء مشوارها مع مدرستها لتعليم قيادة "الاسكوتر" بإعلان صغير على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".. وسرعان ما وجدت الفصل الأول يضم 4 فتيات، ثم 10 فتيات، وفي مرحلة لاحقة تقدمت لها أكثر من 30 بنتاً للتدرب على القيادة، وهو ما جعلها توسع نشاطها مع التدريب، قبل أن تبدأ أماكن أخرى افتتاح مدارس جديدة لتدريب الفتيات، حيث توضح شيماء أن عددها وصل إلى نحو 4 مدارس في الاسكندرية وحدها.
تعرفت شيماء خلال مشوارها في قيادة الاسكوتر على "إسلام"، فلم يجمعهما حب قيادة الدراجات البخارية فحسب، بل وجدا أنهما من خلال "الاسكوتر" من الممكن أن يكونا زوجين ناجحين، وبالفعل، تزوج القائد والقائدة منذ شهرين، خاصة أنهما ينحدران من أصول نوبية مصرية، أي بينهما كثير من الاهتمامات المشتركة.
وعن أبرز الفعاليات التي شاركت فيها، قالت إنها نظمت في ذكرى اليوم العالمي للمرأة في 2 مايو/ أيار، فعالية كبرى، ضمت فيها أعداداً كبيرة من "البايكرز" كما يسمونهم، من داخل وخارج مصر، وخصوصاً من الفتيات، ولكن البايكرز الشبان شاركوا أيضا، وكانت الرسالة الأساسية التي وجهتها للعالم من خلال هذا السباق، هو أن الجميع متعايشون في مصر، وأنها مستعدة لاستقبال السياحة وحماية ضيوفها.أثناء حوار "سبوتنيك" مع شيماء، تدخلت إحدى الفتيات، تواجدت بالصدفة في الحوار، حيث أبدت انبهارها بوجود قائدة دراجة نارية ومعلمة في الوقت نفسه، وطلبت منها أن تعلمها قيادة "الاسكوتر"… شيماء علقت على الأمر قائلة "زي ما انت شايف… البنات بقت تحب الموضوع جدا… عدد البنات اللي بيركبوا اسكوتر وموتوسيكلات دلوقتي بقى كبير جدا.. هما كانوا محتاجين حد يشجعهم بس".