سبوتنيك — الرجمة (شرق ليبيا)
أنهيتم مؤخراً زيارة رسمية إلى العاصمة موسكو، وحتى الآن لم يعلن الجانب الليبي ولا الروسي ملامح ونتائج تلك الزيارة. هل أبرمتم أي اتفاقات أو صفقات عسكرية روسية؟
الزيارة كانت من أجل توطيد العلاقات الثنائية وتعزيزها في الشق الذي يخص الجوانب العسكرية والأمنية، وقمنا خلالها بتوضيح المشهد الأمني في ليبيا وتحديداً في ما يتعلق بحربنا ضد الإرهاب وطبيعة المعارك التي نخوضها ضد المجموعات الإرهابية، وخطورتها على الإقليم والعالم، وتأثير حظر السلاح على حسم المعارك وإطالة أمدها. وقد لمسنا تفهما كبيراً من الجانب الروسي لما يدور في ليبيا، خاصة وأن روسيا هي أبرز الدول المناهضة للإرهاب. وهم يثمنون عالياً حجم التضحيات التي قدمها الجيش الليبي من أجل استقرار ليبيا والإقليم المجاور لها. ولم نطلب من الروس السلاح لأننا ندرك أنهم ملتزمون بقرارات مجلس الأمن، ولم نبرم معهم اتفاقات أو صفقات عسكرية جديدة أثناء هذه الزيارة.
من هم أهم المسؤولين الروس الذين التقيتوهم؟
الزيارة كانت بناءً على دعوة من سيادة السكرتير العام لمجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، وتم فيها أيضاً لقاء ودي مع معالي وزير الدفاع سيرغي شويغو، وكذلك سيادة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
هل تتوقع زيارة أخرى قريباً إلى موسكو؟
لم نحدد موعد الزيارة التالية بعد وقد تتم في أي وقت لاحق وفقاً لمجريات الأحداث
ما هي طبيعة العلاقات الليبية الروسية، ومدى الدعم الروسي للجيش الليبي، خاصة وأن روسيا من الدول القليلة التي رفضت الاعتراف بالمجلس الرئاسي إلا بعد تصويت البرلمان؟
ليبيا وروسيا يجمعهما تاريخ طويل من التعاون في جميع المجالات العسكرية والمدنية، وتربطهما علاقة حميمية مبنية على الاحترام المتبادل. وروسيا دولة عظمى أثبتت أنها جادّة في محاربة الإرهاب، ومن مزاياها أنها لا تمارس أسلوب الغطرسة في التعامل مع باقي الدول، ولا تتدخل في شؤونها الداخلية، والروس يدركون تماماً أننا الجبهة الوحيدة التي تحارب الإرهاب دون رياء، وهي من أبرز الدول المناهضة للإرهاب بكافة أشكاله، ولولا حظر التسليح لما ترددت روسيا في دعمنا عسكرياً، ونحن نتفهم التزامها بتطبيق الحظر، ونعلم أنه ليس بوسعها وهي العضو الدائم في مجلس الأمن أن تخترق قرار الحظر، حفاظاً على مكانتها الدولية المرموقة والتزامها بالمواثيق الدولية. لكنها بلا شك تدعم موقفنا تجاه الإرهاب، ولم نطلب من روسيا إلا بذل أقصى مساعيهما الدبلوماسية وتوظيف ثقلها الدولي لرفع الحظر. أما عن موقفها من المجلس الرئاسي فهو موقف ينسجم تماما مع مبادئ روسيا في احترام الشرعية، وهذا ما كنا نتوقعه من أصدقائنا الروس.
هل يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية الأدبية والأخلاقية لترك الجيش الليبي يحارب تنظيم "داعش" الإرهابي نيابة عنه وبدون السماح له بشراء السلاح؟
المجتمع الدولي تتحكم فيه دول عظمى لها حساباتها الخاصة، وهذا موضوع طويل وشائك، والقضية الليبية لا تخرج على نطاق تلك الحسابات. وقد تخلى المجتمع الدولي عن الجيش الليبي الذي أثبت عزيمة صادقة في مواجهة الإرهاب من أجل القضاء عليه، والعالم يتحمل مسؤولية إنسانية وأخلاقية تجاه ما يجري في ليبيا، لأن قضية الإرهاب مرتبطة بالأمن والسلم العالميين، ولا تخص ليبيا فقط. وعندما يستوطن الإرهاب في ليبيا، فإنه سيتخذها قاعدة للانطلاق إلى دول أخرى في الإقليم المجاور وفي العالم بأسره، الإرهاب لا توقفه الحدود السياسية والجغرافية للدول، وهو يعمل من أجل الانتشار في جميع أرجاء العالم والسيطرة عليه. ونوجه خطابنا من خلالكم إلى شعوب العالم لتضغط على حكوماتها من أجل دعم موقف الجيش الليبي الذي يحارب الإرهاب نيابة عنهم.
كيف استطعتم تحرير النسبة الأكبر من مدينة بنغازي في ظل حظر التسليح؟
هي تبدو معجزة بكل المقاييس، ورغم أن السلاح عنصر أساسي في الحرب، لكن حامل السلاح وإيمانه بالقضية التي يحارب من أجلها هو الأهم. عزيمة جنودنا والقوة المساندة لهم وحسن التخطيط لخوض المعارك ومساندة الشعب لنا، واعتمادنا على الله أولاً وأخيراً، كانت أهم العوامل التى أدت إلى انتصارنا على الإرهاب، ولولا أن الإرهاب يتلقى دعما متواصلاً وبلا حدود أو قيود من حكومات بعض الدول، ومن المأجورين محلياً من التنظيمات المتطرفة لحسمنا المعركة لصالحنا منذ الأشهر الأولى لاندلاعها. وعلى الرغم من التأثير البالغ لحظر التسليح على سير المعارك، إلا أن ما كنا نغنمه من الإرهابيين، من ذخيرة وسلاح وعتاد وآليات، خفف من حدة تأثير الحظر.
ماذا بعد تحرير بنغازي؟
بنغازي ليست المدينة الوحيدة التي حلَّ بها الإرهاب، الجيش الليبي سيواصل كفاحه ضد الإرهابيين في كل بقعة من التراب الليبي حتى يطهّره بالكامل. ومسؤولية الجيش الليبي لا تنحصر في محاربة الإرهاب فقط، ففي الوقت الذي نخوض فيه معارك شرسة ضده نعمل أيضا على إعادة تنظيم الجيش وتطويره، وبناء العقيدة العسكرية على أساس المؤثرات التي تمس الأمن القومي والتي يأتي الإرهاب في مقدمتها. لدينا حدود تمتد لآلاف الكيلومترات، نعمل جاهدين بالتنسيق مع دول الجوار لتأمينها، وعلينا حظر على التسليح نعمل على رفعه، لدينا قضية انتشار السلاح بمختلف أنواعه خارج المؤسسات العسكرية الأمنية وهي بحاجة ماسة إلى معالجة عاجلة، قضية المليشيات المسلحة المنتشرة في غرب البلاد أيضا بحاجة إلى حل، ونعيش حالياً مرحلة انتقالية حرجة سيلعب الجيش دوراً أساسياً فيها لضمان حماية المسار الديمقراطي وعدم المساس بالأسس الدستورية.
ماذا يعني تحرك قواتكم في اتجاه مدينة سرت؟ هل تمت دعوتكم للمشاركة في القضاء على معاقل الاٍرهاب هنا؟ وإذا اتجه الجيش الليبي غرباً، وبدأت تلك القوات المتواجدة في سرت التوجه شرقا، ألا تخشون من وقوع مواجهة؟
نحن نتابع عن قرب ما يجري في سرت، وكنا ننوي اجتياحها لتحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي. وبالنسبة لنا فإن العمليات التي يحتاجها تحرير سرت لا تساوي قطرة في بحر إذا ما قورنت بعمليات تحرير بنغازي، المدينة الكبيرة الآهلة بالسكان، خاصة بعد الخبرة القتالية التي اكتسبها جيشنا في مواجهة الإرهابيين، لكننا أصدرنا التعليمات بعدم الاجتياح بسبب تدخل قوات من مدينة مصراتة أعلنت أنها تتبنى تحرير سرت دون أي تنسيق مع الجيش الوطني الليبي، فأفسحنا لها المجال ولم نتدخل حتى لا نربك تلك القوات، خاصة وأننا لم نتلق أي طلب للمساعدة، ونحن بلا شك نتمنى لقوات مصراتة تحت مسمى "البنيان المرصوص" أن تنجح في مهمتها، ونتألم كثيراً لما تكبدته من خسائر في الأرواح، ونتوقع بعد ذلك الدخول في مرحلة ترتيبات شاملة لتوحيد كل القوى المسلحة خارج إطار الشرعية تحت راية واحدة هي الجيش الوطني الليبي، وفقا لمعايير قانونية. أما مسألة الصدام بين تلك القوات والجيش الليبي فهو أمر لا نتوقع حدوثه بالمطلق في غياب وجود المبرر. نحن جيش وطني نظامي محترف وبيده كامل الشرعية القانونية والشعبية، ولن يكون في صالح أي قوة الدخول معه في صدام.
ماذا عن علاقتكم مع دول الجوار؟ وهل تقدم أي من تلك الدول الأسلحة والذخيرة للجيش الليبي الذي يشاركها حربها ضد الاٍرهاب؟
تتصدر جمهورية مصر العربية الشقيقة قائمة المتفهمين للمشهد الليبي، وتبذل قصارى جهدها في المساعدة لتحقيق الاستقرار، وهي بلا شك في مقدمة الدول التي يتربص بها الإرهاب، وينحصر التعاون في تبادل المعلومات وحماية الحدود المشتركة والتدريب، كما تلعب جمهورية تشاد دورا بارزا في منع تسلل الإرهابيين إلى الأراضي الليبية. ومسألة الدعم بالذخيرة والسلاح، فإنه محظور حالياً، أما بقية الدول المجاورة فإنها مترددة باستحياء على ما يبدو في تحديد موقف واضح تجاه ما يجري في ليبيا، ولم نلمس منها أي مواقف عدائية تجاهنا، ونحن نتفهم حساسية الوضع الليبي بالنسبة لها.
حماية الحدود المصرية الليبية هل ألقيت بالكامل على الجيش المصري نظرا لنقص المعدات التي يعاني منها الجيش الليبي واستمرار حظر التسليح، أم أن حراسة تلك الحدود تتم بمشاركة ليبية مصرية؟
الجيش المصري يتحمل العبء الأكبر حالياً في مسألة حماية الحدود بسبب إمكاناته التي لا يمكن مقارنتها بما لدينا من قدرات، سواء من حيث الأطقم العسكرية والأمنية أو الأسلحة والتقنيات. وهذا لا يعني اختفاء دورنا في هذه القضية، بل لدينا دوريات تعمل بانتظام ليل نهار على مراقبة الحدود، ومنع عمليات التسلل في الاتجاهين، ولا يمضي أسبوع إلا وتتمكن هذه الدوريات من القبض على مجموعات في الصحراء الليبية دخلت إليها عن طريق التسلل، سواء لأغراض إرهابية أو تجارية، بما فيها تجارة المخدرات.
كثرت في الشهور القليلة الماضية تصاريح من القيادة العامة للجيش عن قرب تحرير مدينة بنغازي بالكامل، متى نستطيع القول بالقضاء على جميع البؤر الإرهابية وعودة سيطرة الجيش على كامل المناطق الشرقية؟
بنغازي عملياً تحررت، والحياة فيها بدأت تعود إلى طبيعتها بشكل ملحوظ. نحن لا نبني عمارة أو ننشئ مصنعاً أو نعبّد طريقاً حتى يمكن تحديد الوقت اللازم. لا يمكن تحديد الوقت اللازم لتحرير المدينة بشكل مطلق من آخر إرهابي مختبئ في أحد الجحور أو المباني، نحن نخوض حرباً شرسة غير مسبوقة في علم القتال والحروب، في ظل حظر جائر على تسليحنا، وضد عدو مجرم تدعمه حكومات دول، ما يمكنني قوله هو إن الإرهاب الآن، في بنغازي خاصةً وشرق البلاد عامةً، يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة. المهم في العملية هو النتيجة، والنتيجة أننا انتصرنا وكفى.
قامت القوات الجوية الأمريكية، يوم الاثنين، بقصف مواقع لـ"داعش" في مدينة سرت بليبيا بطلب من حكومة الوفاق الوطني، كيف تقدرون هذه العملية؟
الحكومة التي تتحدثين عنها لا تملك شرعية ممارسة مهامها بعد، ولا أعتقد أن أمريكا قامت بالضربات استجابة لطلب تلك الحكومة، بل لحساباتها الخاصة، الطلب هو مسألة شكلية فقط، وللأسف ليبيا حاليا دولة مستباحة بشكل كبير، وإلى أن يوفقنا الله في استكمال عملية بناء الجيش الوطني ستظل سيادة الوطن منتهكة.
السلطات في موسكو أشارت إلى أن أي تدخل عسكري في ليبيا لابد أن يكون وفقاُ للشرعية الدولية، هل تعتقدون أن جميع الضربات الأمريكية كانت وفقاً لتلك الشرعية؟ وإلى أي مدى ستستمر هذه العمليات حسب تقديراتكم؟
لا يوجد أي غطاء قانوني لمثل هذه الضربات لا دولياً ولا محلياً، بصرف النظر عن أهميتها أو الهدف منها أو نتائجها. الولايات المتحدة الأمريكية رصدت أهدافاً لداعش في مدينة سرت ورأت ضرورة تدميرها، وهي تتصرف بقناعتها الخاصة وأسلوبها الخاص في حماية الأمن القومي الأمريكي، وأن داعش يشكل خطراً عليها وعلى حلفائها. وطلب المجلس الرئاسي تنفيذ الضربات هو إجراء شكلي لا قيمة حقيقية له، وهذه ليست أول سابقة، بل سبق للقوات الأمريكية منذ أشهر أن وجهت ضربات جوية لأحد معاقل تنظيم داعش في مدينة صبراتة الساحلية غرب البلاد دون طلب من أي جهة في ليبيا، شرعية أو غير شرعية، ومسألة استمرار الضربات وتوقفها يبقى في الوقت الحاضر قراراً أمريكياً بحتاً ما دامت السيادة الليبية منتهكة، وما دام المجتمع الدولي يغض الطرف عن ذلك، باستثناء روسيا التي ترى أن التدخل العسكري في ليبيا يجب أن يتم بناءً على قرار من مجلس الأمن.
إيطاليا كانت قد أعلنت أنها مستعدة للسماح باستخدام قواعدها العسكرية للقوات الأمريكية في عملياتها بليبيا. ما موقفكم من ذلك؟
نحن لا نعارض مساهمة الدول التي تسعى إلى محاربة الإرهاب ومشاركتها في القضاء عليه في ليبيا، شرط أن يكون وفق الأسس القانونية وبناء على طلب من السلطات الشرعية وتنسيق مع القوات المسلحة الليبية. خلافا لذلك لا يمكن وصفها الا بالتعدي على السيادة الوطنية، والتدخل غير القانوني في شؤون الدول.
هل تعول الحكومة الليبية على مشاركة إيطاليا في عملية عسكرية؟
نحن لا نعوّل إلا على الله وجنودنا وشعبنا. وحيث أن قضية الإرهاب كما أشرت سالفاً هي قضية عالمية وتمس البشرية جمعاء، فإننا نرحب بمشاركة إيطاليا والبرازيل والكونغو والفلبين وأي دولة تريد أن تساعدنا في القضاء على وباء الإرهاب، ولكن وفقاً لاتفاقيات وتنسيق مسبق.
هل كان هناك دعوة موجهة لدول أخرى من أجل تقديم المساعدة في ضرب مواقع "داعش"؟
الحكومة الشرعية لم تقدم أي طلب للمساعدة بعد، كل ما نطلبه هو رفع الحظر المفروض علينا ونحن نتكفل بالباقي. لدينا الرجال ولدينا العزيمة والإصرار، ولدينا الخطط القتالية ولا ينقصنا إلا استمرار توفر السلاح بما يكفي، وحتى السلاح الذي نتحدث عنه لا نطلبه صدقة أو هبة من أحد، بل نشتريه بأموالنا.
هل تنفذ امدادات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى ليبيا، أم تكتفي واشنطن حاليا بالغارات الجوية وعمل غطاء جوي للقوات البرية؟
نحن — الجيش الوطني الليبي — لا نتلقى من أمريكا أي دعم، لا بالأسلحة ولا بغيرها. والمعلومات الاستخباراتية التي لدينا حتى الآن لا تشير إلى امدادات أمريكية إلى أي مليشيا مسلحة في ليبيا، ولا نعتقد أن أمريكا يمكن أن تُقدِم على امدادات بالسلاح في ظل الحظر.
في شهر يونيو(حزيران) كنتم قد ناقشتم مع وزير الدفاع الروسي مسألة امدادات الأسلحة. حول أي أنواع الأسلحة تحديدا يدور الحديث؟ أي حجم؟ ومتى يمكن عقد الصفقة للإمدادات؟
نحن لم نتناول مع وزير الدفاع الروسي مسألة امدادات بالأسلحة، لأننا نعلم أن روسيا لن تستجيب لطلبنا ما لم يرفع الحظر، ولكن لدينا اتفاقيات مبرمة بين الدولتين يمكن العمل على تفعيلها في الوقت المناسب عندما لا يتعارض ذلك مع التزامات روسيا الدولية وقرارات مجلس الأمن.
أبرم الجيش الليبي قبل ثورة فبراير اتفاقيات لتوريد الأسلحة من روسيا تشمل أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخيرة والطائرات المقاتلة المدفوعة الثمن، ولكن سقوط النظام السابق حال دون تنفيذها وتم تجميد تلك الصفقات. فهل حاولتم تفعيل هذه الاتفاقيات خلال زيارتكم لموسكو ومتى يمكن للجيش الاستفادة من تلك الأسلحة؟
زياتنا إلى روسيا لم تتجاوز حدود ما أشرت إليه في إجابتي على السؤال الأول. وأي عمليات توريد للأسلحة سواء باتفاقيات سبق إبرامها أو نقوم بإبرامها في المستقبل تظل رهينة الحظر. وقمنا بتشكيل لجنة على تواصل بالمسؤولين الروس لمراجعة الاتفاقيات السابقة.
هل بالفعل قامت دولة الإمارات بكسر حظر تسليح الجيش الليبي وقامت مؤخرا بإرسال ناقلات وآليات عسكرية؟
دولة الإمارات العربية هي إحدى أهم الدول الشقيقة التي تقف إلى جانب الشعب الليبي وتعمل ما بوسعها من أجل استقرار ليبيا وأمنها، ولكنها حريصة على عدم تجاوز القرارات الدولية.
ما هي حقيقة الجيش المصري الحر في شرق ليبيا، وهل هي مجرد إشاعة يبثها الإسلاميون لمحاولة نشر أن هناك انقسامات داخل الجيش المصري؟
بصرف النظر عن مصدر هذه الإشاعة فهي أكذوبة لا أساس لها من الصحة، الشرق الليبي بالكامل تحت سيطرة الجيش الوطني، وأي قوة تتسلل إلى الأراضي الليبية تتم ملاحقتها وتقويضها والقبض عليها واعتقال أفرادها ومصادرة ما بحوزتها.
ماذا عن حقيقة وجود خبراء عسكريين أوروبيين داخل الجيش الليبي؟ فقد تردد أن نجاح الجيش الليبي مؤخرا في بنغازي كان بسبب الدعم الأوروبي والمساعدات العسكرية، فما طبيعة تلك المساعدات؟ وهل يوجد جنود أجانب على الأرض؟
نحن نستعين بالخبرات الأجنبية في مسألة المعلومات وتحليلها، إضافة إلى التدريب في مجالات عسكرية خاصة، وفي إطار ما نحتاجه لتنفيذ عمليات من نوع خاص، لأن طبيعة الحرب التي نخوضها غير مألوفة وتحتاج في بعض الأحيان إلى تقنيات خاصة. أما مسألة وجود مقاتلين أجانب على الأرض في صفوف الجيش الليبي فهذا افتراء وهراء. والانتصارات التي تحققت على الأرض كانت بفضل بسالة وصمود وعزيمة جيشنا الوطني البطل.
ما هي الخطة الاستراتيجية للجيش الليبي لحماية المنشآت والحقول النفطية في شرق البلاد؟ وهل هناك خطة للهيمنة على الموانئ النفطية والتحكم في الحقول النفطية وبعدها الموانئ؟ وكيف ترون التعامل الدولي والعالمي معكم في هذا الشأن؟
بعض موانئ التصدير في الشرق الليبي تسيطر عليها مجموعة مليشياوية مسلحة خارجة عن القانون، وضعت يدها على هذه الموانئ الحيوية وأوقفت تصدير النفط، المصدر الوحيد للاقتصاد الليبي. وتقدر خسائر ذلك بمائة مليار دولار، وتسبب في أزمة كارثية قادت إلى انهيار الاقتصاد، وألحقت ضرراً بالغاً بحياة المواطن بشكل مباشر. وقد أوكلت مهمة حماية المنشآت النفطية ومن بينها موانئ التصدير إلى الجيش الوطني الليبي. وما نعتزم القيام به هو تحرير هذه الموانئ من قبضة تلك العصابات المارقة، حتى تتمكن السلطات المختصة من مزاولة نشاطها في تصدير النفط وإعادة الروح للاقتصاد الليبي المنهار. هدفنا ليس التحكم في الموانئ، بل حمايتها لتكون تحت تصرف السلطات الشرعية المختصة، وينبغي على الدول التي يعنيها تصدير النفط الليبي أن تؤيد موقفنا لأنه يضمن تحقيق المصالح المشتركة، ويضع حدأ لنهب ثروات البلاد.
مع قرب تحرير مدينة بنغازي، ماذا عن إعمار المدينة، خاصة وأن هناك تدميراً كبيراً أصاب البنية التحتية، فهل قمتم بدعوة بعض الشركات العالمية وبعض الدول الصديقة للمشاركة في إعادة الإعمار؟
كل الحروب التي شهدتها البشرية لم تخلف فور انتهائها إلا الدمار، هذه هي طبيعة الحروب، والدمار ليس هدف الحروب بل نتيجة حتمية لها، والحرب التي نخوضها ضد الإرهاب لم تكن باختيارنا بل كانت واجبا مقدسا من أجل أهداف سامية. والدمار الذي لحق ببعض أحياء المدينة هو نسبي وليس شاملاً. وأول ما يجنيه الشعب من انتصارنا على الإرهاب هو الأمن والاستقرار، لننطلق بعد ذلك مباشرة إلى البناء والإعمار وفق رؤية عصرية متكاملة. مشروع إعمار بنغازي هو أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي تعكف الحكومة الشرعية حالياً على دراسته والإعداد له، وهي حريصة على أن يكون مشروعاً وطنياً متكاملاً، تظهر مدينة بنغازي بعد تنفيذه في حُلة جديدة، لتواكب وتضاهي أرقى مدن العالم في الحداثة والعصرية، ولابد أن تكون قيمة وحجم مخرجات عملية الإعمار متناسبة مع حجم التضحيات التي قدمتها هذه المدينة العصية، التي لا تعرف الدخول إلى التاريخ المشرّف إلا من أوسع أبوابه.
الضربات الروسية لمعاقل "داعش" في سوريا أدت إلى هروب مجموعات كبيرة من عناصر التنظيم وقياداته إلى ليبيا، فهل لديكم خطط مستقبلية لإحكام السيطرة على الحدود وتطهير المناطق التي يتمركز فيها؟
نعم…الضربات الموجعة والمركزة التي شنها سلاح الجو الروسي هزت كيان التنظيم في سوريا، وأدّت إلى فرار العديد من مقاتليه إلى ليبيا، وهؤلاء ينطبق عليهم القول المأثور "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، وليس لهم مصير في ليبيا سوى الإبادة، ونحن لا نفرق بين إرهابي قادم من سوريا أو من أي دولة أخرى. ومسألة تأمين الحدود ليست مسؤولية ليبية بحتة بل هي جماعية تتحملها أيضاً دول الجوار. الإرهابيون الذين يدخلون ليبيا لا يهبطون بأجنحة أو مظلات أو صحون طائرة من السماء، بل يتوافدون من الدول المجاورة وغيرها، ومن طرفنا كما أشرت سلفاً لدينا دوريات مراقبة، حسب إمكانياتنا في الوقت الحاضر، لا تتوقف عن مراقبة الحدود، وسنعمل على تطوير هذه العملية باستخدام تقنيات متطورة وحديثة.
ما تعليقكم حول ما يردده البعض بأن الفريق حفتر يتعمد إطالة الحرب ضد الإرهاب في بنغازي؟
هذا هراء لا يمكن أن يصدقه أحد. الذي أطال أمد الحرب هو الحظر الجائر المفروض علينا، نحن محظور علينا أن نستورد رصاصة واحدة، ناهيك عن الأسلحة المتوسطة والثقيلة. الذي أطال الحرب هو الدعم اللامحدود الذي يتلقاه الإرهابيون من الداخل والخارج. وقد لعبت الألغام والمفخخات دورها البارز في مسألة الوقت، قرابة التسعين في المائة من خسائرنا كانت بسبب المفخخات، ولا ننسى أن الإرهابيين تحصنوا بالأحياء المكتظة بالسكان واستخدموا الأهالي دروعا بشرية، حرصنا على حياة المدنيين أسهم في تأخر الحسم، ولا ننسى أيضا العدد الهائل من القناصين الذين كانوا ينتشرون على أسطح المباني. كما لا ينبغي أن ننسى حجم القوة المتواضعة التي بدأنا بها حربنا ضد الإرهاب من حيث السلاح وعدد المقاتلين، ولا ننسى أننا بدأنا الحرب عندما كان الإرهاب متوغلا ومسيطراً على بنغازي بأكملها، في حين أن الجندي الليبي كان عرضة للذبح وقطع الرأس لمجرد ضبطه يحمل في مركبته بدلة عسكرية أو حتى حذاءً عسكرياً. وبالنظر إلى هذه العوامل مجتمعة، فإن ما حققه جنودنا يعدّ معجزة بكل المقاييس. انظري إلى التحالفات الكبرى التي تشكلت وضمت دولاً عظمى لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا، وتمتلك تقنيات متطورة وإمكانيات مذهلة، هل قضت على الإرهاب بعد؟ الإجابة…لا. ومازال الإرهاب للأسف يضرب أوروبا في الصميم. ماذا تساوي إمكانياتنا من حيث الأسلحة والذخائر والتقنيات أمام تلك التحالفات؟ بالتأكيد لا مجال للمقارنة. ومع ذلك، ومع كل المعطيات التي تدل على أن نصرنا كان مستحيلاً وضرباَ من الخيال، فقد انتصرنا وانهزم الإرهاب.
المشهد السياسي الليبي يزداد تعقيداً مع مرور الوقت، فهل لديكم أي رؤية لإنقاذ ليبيا من حالة التشظي وسوء الأحوال الأمنية والسياسية؟
نحن كعسكريين نظاميين محترفين نقوم بواجبنا الوطني ونقدم مقابله أرواحا طاهرة ودماءً زكية، وحققنا انتصارات باهرة يعترف بها العدو قبل الصديق، ونترك الشهادة عن الوضع الأمني في المدن التي حررها الجيش للأهالي من سكان تلك المدن. أما الوضع السياسي فلا يزال مؤسفاً، ومن سيء إلى أسوأ، وقد عجز المعنيون بالعمل في الشق السياسي على تحقيق أي تقدم يذكر لحل النزاعات السياسية والصراع القائم على الشرعية والسلطة. كما تتحمل بعثة الأمم المتحدة جانباً كبيراً من مسؤولية ما آلت إليه الأمور السياسية في ليبيا، والتي كانت لها تداعيات على الوضع الأمني في مدن عديدة وفي مقدمتها العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها مليشيات مسلحة خارج شرعية الدولة، وأسهمت البعثة في تعزيز قوة تلك المليشيات بتكليفها بمهام هي من صلب اختصاص الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية. بعثة الأمم المتحدة لم تحقق خطوة واحدة إلى الأمام في مهمتها لفض النزاع السياسي رغم مضي قرابة ثلاث سنوات على مباشرة عملها. وكنا ندرك منذ البداية أن النتيجة هي الفشل، لأن الحوار في ظل وجود الإرهاب والتنظيمات المتطرفة ليس له إلا نتيجة واحدة هي الفشل ثم الفشل، وقد نبهنا مراراً وتكراراً إلى ضرورة القضاء على الإرهاب والتطرف أولا لتهيئة المناخ للحوار، ولكن لا حياة لمن تنادي.
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإقامة تحالف أميركي خليجي لمكافحة الإرهاب ضمّ بعض الدول الخليجية منها الكويت والإمارات والسعودية، فهل يدعم هذا التحالف ليبيا في حربها ضد الإرهاب، وماذا عن علاقة ليبيا بالكويت؟
القضاء على أي إرهابي في العالم هو مكسب لنا، بل هو مكسب للبشرية جمعاء. وإذا تمكن هذا التحالف من إلحاق الضرر بالإرهاب، فإنه بالتأكيد يخدم مصالحنا، وما من شك في أن دول الخليج هي إحدى الأهداف الرئيسية التي يخطط الإرهاب لغزوها لاستغلال ثرواتها وتوظيفها في برنامجه التوسعي حول العالم، إضافة إلى ما تتمتع به من موقع استراتيجي له تأثيره في حركة التجارة العالمية. وبالنسبة لدولة الكويت الشقيق، فإننا نعتز بالعلاقة الوثيقة التي تربطنا بها، وهي دولة مسالمة استطاعت بحكمة قادتها وصبر شعبها أن تتجاوز أشد المحن التي مرت بها عبر تاريخها، لتنهض من جديد وتشق طريق التنمية بنجاح باهر.
أجرت الحوار: تهاني مهران