منذ البداية حاولت واشنطن الترويج إلى تقسيم التنظيمات والجماعات المسلحة المتورطة في أعمال العنف والقتل في سوريا إلى معتدل وغير معتدل، وعملت على دعم فصائل المعارضة للوصول إلى الحكم وبالتالي سهولة السيطرة عليها والتحكم في القرار السياسي بالمنطقة.
خيوط المؤامرة
لا يمكن أن نتجاهل كلمة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، بجامعة هارفارد، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2014، التي اتهم فيها عدد معروف من الدول الإقليمية الحليفة لبلاده بدعم الجماعات المتطرفة والإرهاب:
مشكلتنا الكبرى كانت حلفاؤنا في المنطقة، الأتراك أصدقاء كبار لنا وكذلك السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، لكن همهم الوحيد كان إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة إلى كل الذين يقبلون بمقاتلة الأسد.
تركيا تواصل الزحف والسيطرة على مناطق داخل الشريط الحدودي مع الأراضي السورية وتقوم بتمكين ما يعرف بـ "الجيش السوري الحر" من السيطرة على هذه المناطق بدعم عسكري لوجستي من جانب أنقرة وواشنطن.
والضربات التي استهدفت قوات الجيش العربي السوري هي محاولة لإضعاف القوى التي تواجه هذه الجماعات وتمهيد الأرض لسيطرة عناصر المعارضة المدعومة من البيت الأبيض وقوى إقليمية معروفة، وبالتالي تعزيز موقفها في الحوار المزمع إجراءه بين الأطراف المنخرضة في الجهود الدولية للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة.
متلازمة واشنطن عند بعض العرب
الضربات العسكرية للتحالف الذي تقوده واشنطن لم تحقق الهدف منها وهو القضاء ـ أوعلى أقل تقدير ـ الحد من خطر الإرهاب المنتشر في المنطقة خصوصا في سوريا، وتعكس حجم الفشل الذي وصلت إليه السياسة الأمريكية، وتكشف "متلازمة واشنطن" التي أصابت الكثير من دول المنطقة ولم تعد قادرة على التخلص من الوهم الذي عاشت فيه وخداع الذات، متجاهلة حجم الخطر الذي يمكن أن يهدد مصالح شعوب المنطقة نتيجة سياسة واشنطن التي تعتمد على تيارات الإسلام السياسي المتطرف في نشر الفوضى.
تماما على غرار ما يعرف في الطب النفسي بـ "متلازمة ستوكهولم" حيث ينظرون إلى بعض الشخصيات كمصدر حماية من الأضرار، في حين أن هؤلاء هم مصدر الضرر الفعلي.
واشنطن تحاول الترويج بأنها تحارب الإرهاب، بينما هي المتهم الأول في الوضع الراهن بالمنطقة وما يلحق بالسكان من أضرار جسيمة، وكانت سببا في تقويض منظومة السلم والأمن الدوليين. تستمر إدارة أوباما في مسلسل الخداع والكذب بأنها يعمل في المنطقة على مكافحة الإرهاب، حيث قال أوباما خلال الحوار مع قناة "سي بي إس" 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري من العام الماضي "الولايات المتحدة تحاول عددم إقحام نفسها في حملة عسكرية في الداخل السوري"، بينما تقوم إدارته بمحاولات تغيير الأنظمة غير المرغوب فيها ـ وفق رؤيتها ـ واعتماد برنامج تدريب عسكري للمعارضة السورية وتسليح الجماعات الإرهابية.
الخلاصة
تلعب الجماعات الإرهابية دورا في استراتيجية الولايات المتحدة، ومشاهد القتل والعنف والخراب وعدم الاستقرار السياسي في العالمين الإسلامي والعربي، الذين يسيرون في ركب واشنطن ويسهمون بشكل أو بآخر في تدمير الدولة الوطنية، مطالبون بمراجعة صادقة مع النفس، والتخلص من "متلازمة واشنطن".
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)