ويعلم الضباط السوريون جيداً الدور العسكري الروسي في سوريا، ومنهم من كان شاهداً في الميدان على عشرات المواقف البطولية للجنود الروس والطيارين، حيث أتاحت الشراكة العسكرية لهم العيش سوياً وفي كافة الظروف.
وحول الدور الروسي في الحرب السورية، شرح أحد القادة الميدانيين في ريف اللاذقية، والذي نسق مع الطيران الروسي في كثير من العمليات لمراسل "سبوتنيك"، وقال:
لقد مر ما يقارب العام على دخول القوات الجوية الروسية مسرح العمليات العسكرية في سوريا، وكثيرة هي المواقف التي تستدعي الضرورة إخفاءها، ولكن ما لا يمكن تجاهله هو ما حققته تلك القوات الروسية من إنجازات عسكرية وإنسانية عبر وجودها في سوريا، ربما يستطيع أي من سكان ريف اللاذقية القول إن الطائرات الروسية أعادت له الحياة ومكنته من العيش بأمان وسلام رغم الأشهر القليلة على دخولها مسرح المعارك، فعشرات القرى تحررت ومئات المواقع أضحت تحت سيطرة الجيش السوري، الآلاف من المدنيين عادوا إلى منازلهم، لم يعد الموت يهدد بقاء السكان، حتى القذائف الصاروخية أضحت بعيدة عن مدينة اللاذقية، وهذا بعض ما تحقق في أشهر قليلة من الوجود الروسي.
في الميدان العسكري يعلم الجميع في سوريا والعالم القوة العسكرية الكبيرة التي تشكلها روسيا ويعتبر سلاح الطيران أحد أهم ركائزها، فالجيش الروسي يمتلك طائرات حربية متطورة وقادرة على ،تحقيق أهدافها بنجاح كبير وهذا مفيد جداً لمكافحة الإرهاب، فالاتفاق السوري الروسي أجاز لهذه الطائرات العمل وخصصت لها قاعدة جوية قرب اللاذقية في منطقة "حميمم" وهي مركز للتواجد العسكري الروسي في سوريا تضم مدرجات للطائرات ومكاتب بعضها مشترك مع الجيش السوري ومراكز تنسيق حربي وإنساني، وفي العمليات العسكرية يعتبر التشاور العالي أحد عوامل النجاح حيث يزود الجيش السوري الطائرات الروسية بمعلومات جغرافية دقيقة عن أماكن تواجد المجموعات المسلحة وطرق إمدادهم، كما ينسق معها أثناء القيام بعملية عسكرية، ففي معظم الأوقات تمهد الطائرات الحربية الروسية للجنود السوريين وتساعدهم على التقدم وكان لها الأثر الأكبر في الجغرافيا السورية التي تشهد للطيارين الروس إسهامهم في تحرير كثير من المناطق.
واعتبر القائد العسكري أن التغيير الميداني الذي رافق دخول القوات الروسية كان جذرياً، وقد أسهمت في القضاء على قيادات بارزة لـ"جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، وأسهمت في إزالة العواقب التي تحول دون تقدم الجيش السوري وكسبه المناطق، فبعض الأهداف كانت محصنة ولا يمكن إسقاطها عبر الوسائط الأرضية وتحتاج إلى صواريخ جوية متطورة لكسر التحصينات المعقدة. كما يشهد للطيارين الروس البراعة في المناورة واصطياد الأهداف بدقة، وبعضهم أذهل الإرهابيين في ريف اللاذقية حيث شاهد الجميع الطيار الروسي الذي قام بالتحليق على بعد أمتار من معاقل المسلحين بطائرة مروحية وأخذ يصطادهم بالرشاش الخفيف دون أن يتمكنوا من إسقاط الطائرة، بل وأخذ يلاحقهم بين الأشجار وهم يفرون منه، وبعضهم قال إن الطائرة بدت لهم كالشبح في وسط النهار.كذلك الأمر في الصحراء عندما استعاد الجيش السوري مدينة تدمر الأثرية، فكان لفرق الهندسة التي أرسلتها موسكو حفاظاً على التراث العالمي الفضل في حماية ما تبقى من آثار، ومنع تفجير مئات العبوات والألغام والمفخخات، فهناك الكثير من الضحايا في القوات الروسية قدموا دمهم دفاعاً عن سوريا وعن وحدة ترابها،وبعضهم طيارون ومنهم قضى في عمليات إنسانية إغاثية ولا ننسى طاقم المروحية التي سقطت في ريف إدلب، فكثيرة هي المواقف البطولية وعظيمة هي التضحيات وما يعلمه السوريون ما هو إلا غيث من فيض الصديق الروسي.
ويشار إلى أنه مع قدوم الحليف الروسي إلى سوريا تحولت العمليات العسكرية.إلى الهجوم بدلاً من الدفاع وبات الجيش السوري يحكم الميدان ويمتلك القدرة بشكل أكبر وتقلصت قدرات تنظيمي (داعش والنصرة) وتقلص وجودهم، في حين لم يحقق التحالف الأمريكي الغربي أي من النتائج الميدانية في مكافحة الإرهاب بل ساهم في امتداده وتغذيته بالمال والسلاح.