كالعادة تحولت حملات الانتخابات الرئاسية إلى بورصة للمزايدة بين المرشحين في دعم إسرائيل عسكرياً واقتصادياً، وتبني رؤيتها لتسوية الصراع العربي والفلسطيني- الإسرائيلي بعيداً عن القرارات والمبادرات والخطط الدولية ذات الصلة، وشكّل لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مع كل من المرشحة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، والمرشح عن الحزب "الجمهوري، دونالد ترامب، بشكل منفصل، مناسبة لإطلاق المرشحين تعهدات لإسرائيل على حساب الفلسطينيين.
اللاءات الأمريكية التقليدية الداعمة لإسرائيل ترفض كذلك حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم تطبيقاً للقرار الأممي (194)، كما ترفض أن يكون قراري مجلس الأمن الدولي رقم (242) و(338) من أسس أو مرجعيات المفاوضات والتسوية على المسار الفلسطيني- الإسرائيلي، وتعارض الولايات المتحدة الربط بين هذا المسار وباقي المسارات الأخرى المفترضة بين إسرائيل والدول العربية، أو بمعنى آخر معارضة تسوية شاملة ومتوازنة للصراع العربي والفلسطيني- الإسرائيلي، وتتمسك بحلول ثنائية فردية، وكان ذلك من العوامل التي أدت إلى فشل "مؤتمر مدريد" عام 1991، والمفاوضات الثنائية التي انبثقت عنه.
وزير التربية والتعليم الإسرائيلي ورئيس حزب "البيت اليهودي" المتطرف، نفتالي بينت، دعا الحكومة الإسرائيلية لاغتنام تصريحات كلينتون وترامب من خلال ترجمتها بقرارات استيطانية تقضي بما سماه (تطبيق القانون الإسرائيلي) على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية، مثل (أريئيل) و(معالية أدوميم). وأضاف بينت في مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية العامة (ريشت بيت)، يوم الإثنين 26 أيلول/ سبتمبر، يجب عدم إخلاء أو هدم أي بؤر استيطانية إسرائيلية مقامة على أراضي الضفة الفلسطينية، واعتبار مواقف المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، غير ملزمة في هذا الشأن.
وستشجع تعهدات ترامب وكلينتون، المنحازة في شكل مطلق لإسرائيل، المواقف المتعنتة لحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، بما سيقوض فرص إيجاد تسوية شاملة ومتوازنة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وستعمل حكومة نتنياهو استغلال فرصة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وحالة (الكوما) التي تعيشها السياسات الخارجية الأمريكية في مثل هكذا فترة، لتنفيذ مشاريع استيطانية جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة في الأراضي الفلسطينية، وفي جعبتها ضمانة أمريكية بإفشال أي تحرك فلسطيني في الأمم المتحدة.
وهكذا، لإسرائيل دائماً نصيب وافر من المزايدات في بورصة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، على حساب الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، ولا فكاك للفلسطينيين من هذه الحلقة المفرغة سوى بأن يتمسكوا بعودة ملف القضية الفلسطينية للأمم المتحدة، كي يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية الملقاة على عاتقه.