كان الجيش الإسرائيلي في حرب 1973 متفوقا في مجال الاتصالات والتقاط المعلوات والرسائل السارية بين أفراد وقيادات الجيش المصري.
ومع قلق القيادات المصرية من هذه المسألة، ظهر الصول أحمد إدريس، الذي اقترح على قياداته هذه الفكرة والتقى الرئيس الراحل أنور السادات.
وفي لقاء للصول إدريس مع موقع "رصد" قال: قلت لقادتي إن اللغة النوبية تنقسم إلى قسمين بين أهلها وهي "لهجة نوبة الكنوز"، و"لهجة نوبة الفديكا"، ويعود أصل "الكنزية" إلى اللهجة "الدنقلاوية" نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما يعود أصل "الفديكا" إلى اللهجة "المحسية"، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان…فأبلغ قادتي الفكرة لرئيس الأركان الذي بدوره عرضها على الرئيس أنور السادات ووافق على الفور وفوجئت باستدعاء الرئيس الراحل لي".
وتابع: "وصلت لمقر أمني لمقابلة الرئيس السادات وانتظرت الرئيس بمكتبة حتى ينتهي من اجتماعه مع القادة، وعندما رأيته كنت أرتجف نظراً لأنها كانت المرة الأولى التي أرى بها رئيسا لمصر، وعندما قابلني وشعر بما ينتابني من خوف وقلق اتجه نحوي ووضع يده على كتفي ثم جلس خلف مكتبه وتبسم لي وقال: فكرتك ممتازة…لكن كيف ننفذها؟ فقلت له لابد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون في النوبة، وعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيي 1964، وهم الذين نزحوا بعد البدء في بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة…هم موجودون بقوات حرس الحدود…فابتسم السادات قائلاً: بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنوداً بهذا السلاح".
وأشار إدريس إلى أنه بعد عودته إلى مقر خدمته العسكرية، علم أنه تم الاتفاق على استخدام النوبية، كشفرة وأنهم قرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين، الذين بلغ عددهم حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، وتم تدريب الجميع، وذهبوا جميعاً وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتى حرب 1973".
وأكد إدريس أن السادات طالبه بعدم الإفصاح عن هذا السر العسكري، وهدده بالإعدام لو أخبر به أحداً، موضحا أن هذه الشفرة استمرت متداولة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات.
وأردف: كانت كلمة "أوشريا" هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر/ تشرين، ومعناها العربي "اضرب"، وجملة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية"، وبتلقي كافة الوحدات كلمة "أوشريا" وكلمة "ساع آوي"…بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع كل في تخصصه دون أن تدرك القوات الإسرائيلية ماذا يجري بالضبط.