إذ وافقت هيئة التخصيب وعلم الأجنة (HEFA)، وهي الهيئة المنظِّمة لعيادات التخصيب في المملكة المتحدة، على "الاستخدام الحذر" لتلك التقنية، التي طوَّرها علماءٌ بريطانيون، لاستخدام حمض نووي سليم داخل ميتوكوندريا من متبرِّعة بدلاً من الحمض النووي المعيب داخل الميتوكوندريا في البويضة.
وهكذا سيكون للطفل أُمَّان بيولوجيتان وأب واحد، وهو ما قد يثير تحدِّيات قضائية مستقبلية حول الحضانة والميراث، لذلك وافقت الهيئة على التقنية في "حالات محددة وخاصة" بعد استنفاد كل الخيارات الأخرى، مثل الفحص الجيني لصحة الأجنة.
من جانبها، قالت سالي تشيشاير، مديرة هيئة التخصيب وعلم الأجنة، إنَّ الموافقة على التقنية "ستغيِّر حياة" الأُسَر، إذ ربما يجد الآباء الذين يواجهون احتمالية كبيرة لخطر إنجاب طفلٍ ذي مرض من أمراض الميتوكوندريا المهدِّدة للحياة فرصةً قريباً لإنجاب طفلٍ سليم ومرتبط بهم وراثياً، بحسب موقع "هافينغتون بوست".
We have permitted the cautious use of mitochondrial donation in treatment, following advice from scientific experts https://t.co/2xKOcriIHO
— HFEA (@HFEA) December 15, 2016
فيما أكدت صحيفة The Telegraph أنَّ عيادات الخصوبة يمكن أن تبدأ في التقدُّم على الفور بطلب الحصول على موافقة لتنفيذ العملية وأن تبدأ في استخدامها بداية 2017، ومن المحتمل إنجاب أول طفل لثلاثة آباء في وقت لاحق من نفس العام.
وستتقدَّم جامعة نيوكاسل، التي ابتكرت التقنية، بطلب الحصول على رخصة يوم الجمعة، فيما يبحثون عن نساء ذوات بويضات سليمة للحصول على أحماض نووية بديلة.
وتأمل نيوكاسل أن تعالج ما يصل إلى 25 "مريضاً مختاراً بعناية" سنوياً بهذه التقنية وستقدِّم برنامج متابعة طويل المدى لأي أطفال يولَدون بواسطة التقنية، كما قال الأستاذ دوج تيرنبول، مدير مركز أبحاث الميتوكوندريا في الجامعة، لصحيفة The Telegraph.
إذ يمكن أن يعاني الأطفال المولودون بجينات مختلّة في الميتوكوندريا (بِنى صغيرة داخل الخلايا تولِّد الطاقة) من مجموعة واسعة من الأمراض المُضعِفة وربما القاتلة، إذ إنَّ الحمض النووي داخل الميتوكوندريا موروث من الأم.
وتتضمَّن التقنية زرع حمض نووي موجود داخل النواة —والذي يشفِّر صفات الفرد- من بيضة مُخصَّبة إلى بيضة ممنوحة ذات ميتوكوندريا سليمة، أو يمكن إزالة الحمض النووي المعيب داخل الميتوكوندريا من بيضة ووضع ميتوكوندريا سليمة بدلاً منها.
تعد بريطانيا هي أول دولة تقنِّن هذه العملية، ولكنَّ أول طفل في العالم وُلِد باستخدام هذه العملية أُنِجب في العام الحالي في المكسيك، التي لا توجد بها قوانين تجرِّم التقنية، حيث أُجرِيت العملية هناك على يد طبيب من عيادة مانهاتن للخصوبة كما أوردت إذاعة NPR.
قلق من عواقب التقنية
ليس الجميع متحمِّساً لهذا التطور، إذ يقلق المعارضون بشأن العواقب غير المحسوبة للتغيُّرات الوراثية الكبرى التي تُمرَّر عبر الأجيال، فيما يعتقد آخرون أنَّه ينبغي تتبُّع صحة الطفل لوقتٍ أطول قبل تكرار العملية.
ويخشون كذلك أن تبدأ بريطانيا فيضاناً من "الأطفال المُصمَّمين"، المصنوعين بصفات خاصة ومُطهَّرين من العيوب الوراثية أو السمات غير المرغوبة كثيراً.
وكان أُنجِب 17 طفلاً آخر على الأقل في نيوجيرسي من خلال "نقل سيتوبلازمي" باستخدام جزء من الحمض النووي الخاص بشخص ثالث، قبل منع التقنية في الولايات المتحدة في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
وقال الدكتور ديفيد كينج، مدير مجموعة الرصد Human Genetics Alert: "يخاطر هذا القرار، أي الموافقة على إجراء التجارب على الأطفال، بواسطة هذه التكنولوجيا الخطيرة وغير الضرورية طبياً، بمستقبل كل أطفالنا".
وأضاف أنَّه "يفتح الباب أمام الأطفال المُصمَّمين". واتَّهم العلماء الذين يروِّجون هذه العملية بأنَّهم "مخادعون" يستخدمون "الابتزاز العاطفي" بمعاناة الأطفال من أجل تغيير القانون.
داعمون لاستخدام التقنية
ولكن يوجد آخرون يدعمون التقنية لكونها طريقة لمساعدة الآباء الذين تلازمهم المشاكل الوراثية في التمتُّع بأسرة سليمة.
قال تيربول: "يمنح هذا الأمر خياراً إنجابياً للنساء اللاتي يعانين من طفرات في الحمض النووي داخل الميتوكوندريا".
بينما قال الدكتور جون جانج، الطبيب الذي يعمل في نيويورك والذي رتَّب العملية المكسيكية، لمجلة New Scientist آنذاك: "إنَّ إنقاذ الأرواح هو الخيار الأخلاقي".