وبسبب الانتخابات التي من المحتمل أن تنعقد في نيسان/ أبريل المقبل، شكّل البرلماني المعارض عبد الله جاب الله، رئيس "حزب العدالة والتنمية"، تحالفا مع حزبين آخرين كانا يناصبانه العداء حتى وقت قريب، وهما "حركة النهضة" التي طردته في السابق من كرسي الرئاسة بسبب موقفه الداعم للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أولى سنوات حكمه.
أما "حركة البناء الوطني" التي يقودها الشيخ مصطفى بلمهدي، فقد كانت تتنازع مع جاب الله ممثل تنظيم "الإخوان المسلمين"، حيث عرض مكتب الإرشاد بالقاهرة على بلمهدي تأسيس حزب سياسي لمنحه عباءة الجماعة زمن وصول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى حكم مصر.
ووضعت الأحزاب الثلاثة نفسها تحت مسمى "الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء"، في وضع أشبه بحالة الذوبان غير المعلن من طرف أحزاب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله وحركة النهضة وحركة البناء الوطني بزعامة مصطفى بلمهدي.
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت "حركة مجتمع السلم" (حمس)، التي تقدم نفسها في ثوب الحزب الإسلامي الأقوى بالبلاد، عن "وحدة اندماجية" مع حزب "جبهة التغيير" الذي يقوده وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة، والفرق بين تكتل "الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء" واندماج الحزبين الأخيرين في بعض، هو أن الأخيرين أعلنا صراحة عن ذوبان حزبيهما في قالب واحد عقب الانتخابات النيابية القادمة.
قال الكاتب والباحث الجزائري أسامة إفراح، في تصريح لـ"سبوتنيك"، عن الأحزاب الإسلامية "إنها ليست المرة الأولى للأحزاب ذات التوجه الإسلامي في محاولة التحالف، تجمعوا مسبقا في تحالف الجزائر الخضراء، ولكن مشكلة الأحزاب الإسلامية في وجود زعامات، ينقلب عليها أعضاء أحزابهم، وهو ما جعل تيار الإسلام السياسي يتفتت إلى أكثر من حزب، وعندما تجد هذه الأحزاب نفسها أمام استحقاقات انتخابية، تتجمع معاً، فلديهم نفس الوعاء الانتخابي من حيث القاعدة التصويتية، ولم يتغير منذ سنوات، فمشكلة هذه الأحزاب في عدم استطاعتها تجديد قاعدتها التصويتية، ولذلك تتحالف من أجل تجميع أصواتها معاً".
وعن تأثر تلك الأحزاب بالتوجه العالمي لمواجهة التطرف قال إفراح "لا توجد إحصائيات معينة تجعلنا نعرف إذا كان هناك تراجع في شعبية تلك الأحزاب أم لا، يتعلق الأمر بما تقترحه هذه الأحزاب من برامج، وإذا لم تجدد شيئاً في خطابها، فلا أعتقد حصولها على نتائج جيدة، هناك تراجع موجود لا نستطيع أن ننكره، على الأقل الخطاب الذي روجت لها بعض الأحزاب الإسلامية، وقوبل بالفشل ليس فقط في الجزائر، ولكن في كل دول المنطقة".
أما زين الدين طبال عضو المكتب الوطني لحركة مجتمع السلم "حمس" الجزائرية فقال في تصريح لـ"سبوتنيك" "إن الاتحادات التي تقوم بها الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في الجزائر لم تكن وليدة اليوم، لكنها قديمة، فمثلا حركة مجتمع السلم مع جبهة التغيير، عندنا مسار نقاش منذ 3 سنوات، فهم كانوا أعضاء وقيادات ومناضلين في "حمس" وخرجوا منها، وكذلك الأمر بالنسبة لحزبي النهضة والعدالة والتنمية، فقبل عام 1999 كانوا حزباً واحداً، بالتالي هذه المشاريع الوحدوية، كانت قائمة، والانتخابات البرلمانية هي عامل تسريع للموضوع، وليس الأساس".
وعن تواجدها في البرلمان الجزائري قال زين الدين "من جهة ثانية الوعاء الإسلامي للحركات الإسلامية الوسطية المعتدلة في الجزائر، موجود في البرلمان من عام 1997، وتراهن على لم الشمل، وعدم ضياع الأصوات الانتخابية بينها، فهي كانت 5 أحزاب، تتشتت بينها الأصوات، وكل حزب لا يستطيع الحصول على الحد الأدنى للدخول للبرلمان، وهو 5 % في الأصوات، والأحزاب الإسلامية التي تجمعت في 2012، في التحالف الانتخابي الجزائر الخضراء، استطاع أن يحصل على المركز الثالث في البرلمان بعد جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي، والآن الأحزاب تسعى للوحدة بشكل مختلف".
وعن الأزمة التي تعانيها الأحزاب ذات التوجه الإسلامي قال "حركة مجتمع السلم ضد العنف وواجهت الإرهاب في التسعينات، والوضع الإقليمي لديه تأثيرات إيجابية وسلبية علينا، والأحزاب الإسلامية في الجزائر في المعارضة، وأمامها تحدي تحاول مواجهته بالطمأنة، وطرح البرنامج السياسي والاقتصادي، والدستور الجزائري يمنع انشاء الأحزاب على أساس ديني، ولذلك نحن حزب مدني بمرجعية دينية".
ولم يبد النائب عبدالقادر زحالي القيادي بـ"حزب جبهة التحرير الجزائرية" الحاكم تخوفه من تحالف الأحزاب الإسلامية وأشار إلى أنها شأن داخلي، وقال "لا تخيفنا تحالفاتهم، ونريد انتخابات نظيفة وشفافة، فنحن لدينا قاعدة جماهيرية ضخمة، تثبتها كل الانتخابات الماضية، والأحزاب الإسلامية قبل أن تتبعثر معروفة، والقاعدة الانتخابية لها واضحة".
وأضاف زحالي "الجزائر تختلف عن الدول العربية الأخرى، وعاشت تجربة الإرهاب في عشرية سوداء فترة التسعينيات، وعانت من ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، وضحت بأكثر من 250 ألف مواطن بريء، وأخذت الدرس، والمواطن الجزائري الآن يملك وعياً وإدراكاً بكل ما حوله".