وأكدت طهران في بيان بثَّه التلفزيون الرسمي أن "جمهورية إيران الإسلامية…مع احترامها للشعب الأمريكي، ومن أجل الدفاع عن حقوق مواطنيها، قررت تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بعد القرار المهين للولايات المتحدة المتعلق بالرعايا الإيرانيين".
وكان الرئيس الأمريكي قد وقع الجمعة، مرسوماً يمنع لمدة ثلاثة أشهر دخول رعايا سبع دول إلى الولايات المتحدة. وهذه الدول هي العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن، واستثني من هذا الأمر رعايا هذه الدول ممن يحملون تأشيرات دخول دبلوماسية أو رسمية، أو ممن يعملون في مؤسسات دولية.
وقال بهاء الدين عياد الباحث في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي في تصريح لـ"سبوتنيك"، "إن رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومواقفه من إيران، تمثل تحديا رئيسيا لسياسته في الشرق الأوسط وعلاقته مع العديد من دوله الرئيسية، وفي مقدمتها إسرائيل ودول الخليج".
وتابع "تدل المؤشرات كافة منذ الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي وبعد وصوله للبيت الأبيض إلى ارتفاع احتمالية توتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية في عهده، بعد ان سمحت إدارة الرئيس الأسبق أوباما لطهران باحتلال مكانة متميزة في معظم القضايا الحيوية في المنطقة، معتبرا أن قرار طهران بمنع المواطنين الأمريكيين من دخول أراضيها، بعد أيام معدودة من وصول ترامب لـ"المكتب البيضاوي" له دلالة خاصة في هذا الإطار، وليس مجرد تطور جديد بل أنه يرسخ للمسار المتوقع للعلاقات بين طهران وواشنطن خلال إدارة ترامب".
وأكد عياد، أن العلاقات الأمريكية-الإيرانية ستظل مرهونة بالأساس بمدى التزام واشنطن بالاتفاق النووي، وهنا تبرز أهمية تحليل خطاب ترامب حول الاتفاق الذي وصفه في أكثر من تصريح بـ"الكارثي"، حيث تشير تصريحاته إلى احتمالية مراجعته، او اقتصاره على الجانب "النووي" مع السماح بمزيد من الرقابة على أنشطة إيران النووية، وتعزيز الاستفادة القصوى للاقتصاد الأمريكي من قرارات رفع العقوبات والانفتاح الغربي على إيران.
كما أعتبر الباحث في العلاقات الدولية أن مسارعة إيران للقيام بالرد بقوة على قرار الرئيس الأمريكي بمنع دخول مواطني بعض الدول ومن بينهم الإيرانيين إلى الولايات المتحدة، لا يمثل المؤشر الوحيد على اشتعال مسار التوتر بين طهران وواشنطن، حيث سبق أن هدد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأن ترامب تنتظره مفاجأة إذا ألغى الاتفاق النووي، كما أعلن مؤخرا رفض بلاده لمشاركة واشنطن في محادثات "أستانا" حول الأزمة السورية التي جاءت برعاية روسية-تركية وبمشاركة إيرانية، وقد جاء الموقف الإيراني من مشاركة واشنطن في "أستانا" مطابقا لموقفها من مشاركة السعودية، بل إن طهران قد رفضت مشاركة أمريكا من الأساس لقطع الطريق أمام مشاركة السعودية، حسبما قال علي أكبر ولايتي، رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وحول أسباب لجوء إيران إلى اتخاذ مواقف متشددة إزاء الإدارة الأمريكية الجديدة حاليا، أرجع الباحث ذلك إلى محاولة إيران الظهور بموقف صلب قبل تبلور السياسة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، وبدء أمريكا تفعيل دورها المنتظر في أزمات الإقليم، من أجل أن تتيح طهران لنفسها التفاهم مع واشنطن من موقع قوة لاحقا، معتبرا أن تلك المواقف الإيرانية المتشددة لا تعبر عن سياسة إيران المنتظر تبنيها تجاه واشنطن، أو استراتيجيتها المستقرة مع ترامب، حيث لا تزال إيران في مرحلة استشراف ملامح مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاهها، بما يتضمنه ذلك من استخدام "بالونات الاختبار" لاستكشاف طبيعة الردود الأمريكية قبل تبني منهج مستقر للتعامل مع ترامب.