ولكن الظهور الأخير لنصر الله كان مختلفا، فخلاله أربك قادة إسرائيل، وبدَّل حساباتهم، بعدما ألمح إلى إمكانية استهداف مفاعل "ديمونة"، وتتبع شاحنات "الأمونيا".
فقد دعا نصر الله، خلال كلمة له في مهرجان "سادة النصر"، بذكرى "الشهداء القادة"، اللبنانيين لأن يقاربوا هذا الأمر بالوعي التالي، "أولاً هذا التهويل نسمعه منذ حرب تموز 2006، وأن لبنان كله آمن رغم الخروقات التي تحصل بين الحين والآخر"، معتبراً أن الظروف السياسية لشن حرب على لبنان موجودة دائماً، والغطاء العربي الذي سمح لإسرائيل بالاعتداء على لبنان عام 2006 هو اليوم موجود أكثر من ذلك الوقت".
وقال الأمين العام عن قرار إخلاء خزانات الأمونيا في حيفا: "هذا الخزان سنطاله أينما أخذوه، أنا اليوم في هذه الذكرى أدعو العدو ليس فقط لإخلاء خزان الأمونيا في حيفا بل إلى تفكيك مفاعل "ديمونة" النووي، نحن نستطيع أن نحول التهديد إلى فرصة، والنووي الإسرائيلي إلى تهديد لإسرائيل وكيانها ومستعمريها، العدو يؤمن بقوة وقدرة المقاومة في لبنان وأنها عندما تقول تستطيع أن تنفذ ما تقول".
ومثلما تسبب تصريحات نصر الله دائما أزمة للإسرائيليين، فإن مواقفه أيضا مرهقة لحلفائها وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، التي تسبب لها مشاركة "حزب الله" في الحرب الدائرة في سوريا الآن أزمة، فالحزب يسعى إلى الحفاظ على المصالح اللبنانية، من خلال دعم جبهة المقاومة الأولى للإسرائيليين، وهي سوريا، وحمايتها من السقوط.
قبل حرب يوليو / تموز في 2006، تبنى نصر الله مسؤولية إعادة أسرى لبنانيين احتجزتهم إسرائيل لأكثر من 30 عاما، واختار طريقة المبادلة، وهي اتخاذ بعض جنود إسرائيل أسرى، من خلال عملية فدائية، وبعدها يبدأ التفاوض، ولكن المبادرة تحولت إلى حرب، بعدما اجتاح الإسرائيليون الجنوب اللبناني، وبدأوا حربا دامت نحو 38 يوما.
صمد "حزب الله" خلال هذه المعارك، وطالت صواريخه بعض المدن الإسرائيلية، ما تسبب في إثارة فزع المجتمع الإسرائيلي بالكامل، وهي الحرب التي انتهت بالتعادل، بعد قرار مجلس الأمن رقم 1701 بانسحاب قوات الطرفين وانتشار قوات الجيش اللبناني في الجنوب.
الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل لم تكن الأولى، فقد سبقتها عدة معارك، ولكن أهمها كانت حرب يوليو/تموز 1993، التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان، وهي الحرب التي عززت موقع نصر الله كزعيم للمقاومة العربية ضد إسرائيل، بعد عام واحد من توليه منصب أمين عام "حزب الله"، خلفا لعباس الموسوي، الذي قتلته إسرائيل في 1992. وصار نصر الله بعد صموده ودفاعه عن الأرض رمزا للمقاومة.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)