إعداد وتقديم: نواف إبراهيم
نقدم اليوم متابعة لمحادثات جنيف الجارية حالياً، وقراءة في الأجواء التي تحيط بهذه اللقاءات ، في ظل عدم التوصل، حتى اللحظة، إلى محادثات مباشرة بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة، في ظل تجاذبات إقليمية ودولية، يبدو أن أثرها كبير على هذه المحادثات، نحو الفشل أو النجاح على الرغم من الآمال المعقودة عليها، والتفاؤل الذي تحدث به ديمستورا خلال الجلسة الأولى متمنياً النجاح لهذه المحادثات والوفود المشتركة باللغة العربية، وإصراره على أنه لا يجب إضاعة هذه الفرصة لتحقيق تقدم نحو الحل السياسي، وكذلك، سنقدم قراءة تجاه مجريات هذه المحادثات في الجو العام السوري، والمعارضة في الداخل، التي لم تشارك في هذه المحادثات لأسباب سنتطرق إليها، خلال الحوار مع السيدة بروين إبراهيم، ونستقرء إلى أي حد يمكن تعليق الآمال في الوصول إلى حل سياسي خلال هذه الجولة من المحادثات، أم أن الحل العسكري سيعود إلى الواجهة لجهة حسم الأمر في سورية رغم كل الجهود المبذولة لإنجاح المسار السياسي والمحادثات التي تتعرض لإعاقة واضحة من قبل وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يريد أن يفرض شروطاً مسبقة علقت عليها روسيا ورفضتها بالمطلق داعية إلى الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها.
من وجهة نظر السيدة بروين إبراهيم، الأمين العام لحزب "الشباب الوطني للعدالة والتنمية" هذا اللقاء فاشل، حيث أكدت أنه لم يتم توجيه دعوة من ديمستورا إلى معارضة الداخل السوري، مشيرة إلى أن هذا الأمر بدوره يؤثر سلباً على سير المفاوضات.
وقالت السيدة بروين إبراهيم: نحن نعتقد أن جنيف لن يحقق تقدم في أي خطوة للأمام، لعدة أسباب، وليس فقط لعدم مشاركة معارضة الداخل، فهناك أسباب أخرى، منها عدم مشاركة الأكراد، وهيمنة وفد الهيئة العليا للمفاوضات من حيث العدد، وتفاجأنا اليوم أنهم يتصرفون وكأنه لا يوجد غيرهم ويطرحون شروطا مسبقة.
والسيد ديمستورا معروف أنه موظف لدى الولايات المتحدة، ونحن كشعب سوري نعول على الحوار السوري السوري، وأي نتيجة تصدرعن جنيف سوف يناقشها الشعب السوري، وسيعيد النظر فيها، وهو من سيقرر بالنهاية مهما كانت التوافقات الدولية، الوفد الحكومي وبغض النظرعن أننا كمعارضة وطنية ولنا تحفظات على الأداء الحكومي وبعض الأمور في الداخل، لكن الوفد الحكومي ذهب إلى طاولة الحوار دون شروط ، وأنا حتى الآن أستغرب رحابة صدر الوفد الحكومي أمام هذه التصرفات من قبل وفود المعارضة وحتى من قبل ديمستورا، ولكن تعودنا دائما بأن الدكتور بشار الجعفري نفسه طويل، فعندما يخالف السيد ديمستورا البروتوكول من وجهة نظرنا لم يكن خطأ، وإنما قام بتصرف يظن أنه من خلاله يستطيع أن يرضي الطرف الأمريكي والسعودي، ولكن هو رجل سجله التاريخ بأنه أساء إلى الشعب السوري.
واستطردت السيدة إبراهيم قائلة:
جنيف يساعد في حل الأزمة إذا تم توافق بين الدول الراعية للقاء، ولكن من رأينا أنه من الأفضل والحل الصحيح هو تلتفت الحكومة إلى قوى الداخل السوري وليس فقط المعارضة كل قوى الداخل السوري لبدء الحوار الداخلي، يقولون أن هناك مجموعات مسلحة مسيطرة، نعم نحن لا ننكر وجود المجموعات المسلحة، لكن علينا أن نقول: أنه ورغم كل السلاح والمال والدعم المقدم لهذه المجموعات المسلحة لم يستطيعوا تدمير الشعب السوري، ولا إسقاط هذا النظام.
هذه الأطراف جميعها تتقاتل فيما بينها دفاعاً عن مصالحها، تركيا شاركت في أستانا، لكنها رفضت مشاركة الأكراد، والولايات المتحدة تطالب بمناطق آمنة، لا يوجد توافق دولي، والذي يمكن أن يساعد على الحل هو في أن ينطلق الشعب السوري في مسار الحوار السوري السوري الداخلي أولاً، وأيضاً إجبار الحكومة السورية على هذا الحوار.
الحكومة السورية ذهبت إلى جنيف وأستانا والتقت مع المعارضة كرما للحلفاء مع أن الحكومة السورية كانت سابقاً ترفض وبشدة أن تفاوض الإرهابيين، ولكن في النهاية جلسوا مع المجموعات المسلحة من أجل مصلحة الدولة السورية، إذا من هنا يجب أن يبدأ الحوار السوري السوري من الداخل وأن تتم متابعة المصالحات الوطنية، وعلينا نحن رجالا ونساء أن نذهب إلى دوما وإلى المناطق الساخنة الأخرى، لمتابعة هذه المصالحات لأن الدول الراعية ليس لها مصلحة في إنهاء الأزمة السورية.
أما الإعلامي والمحلل السياسي كامل صقر، الذي تحدث إلينا من جنيف، كان قد تقارب جداً في وجهة نظره مع السيدة بروين إبراهيم ، وقال:
لم يحصل حتى الآن على المستوى المضمون أي خرق كبير في التوقعات المتعلقة بالجانب السياسي، بمعنى لم يحصل التطور الذي يمكن البناء عليه لجهة أننا قد نصل إلى نتائج إيجابية في هذه المفاوضات على المستوى المقبول.
واتضحت هذه الصورة من خلال الوصف الذي قدمه عن الأجواء العامة السائدة حالياً مع بدء الجلسة الافتتاحية بحضور السيد ديمستورا التي بدأت يوم أمس فقد قال السيد صقر بهذا الصدد:
الجلسة الأولى تعتبر إلى حد ما تطوراً إيجابياً، التقى فيها الوفد الحكومي مع وفد المعارضات السورية وجهاً لوجه دون أن يحدث أي مفاوضات مباشرة ، حيث أن الجو العام للمحادثات لا يوحي بأنها قد تحقق المرجو منها حتى هذه اللحظات على أقل تقدير، حيث كانت هناك بعض المواقف المخالفة للبروتوكول من قبل السيد ديمستورا وربما لم يكن يقصد في أن ذهب في نهاية الجلسة لكي يصافح وفد المعارضة السورية قبل الوفد الحكومي، وهنا من جهته نهض الدكتور بشار الجعفري من مكانه، وغادر مكان الجلسة، وتبعه الوفد الحكومي السوري، وعندما حاول ديمستورا أن يستدرك الأمر، سارع إلى مكان جلوس الوفد الحكومي حينها واستطاع أن يصافح آخر أعضاء الوفد عندما كان يهم بالخروج أيضاً وهو الدكتور أحمد الكزبري.
في اليوم التالي، يعني اليوم، خالف ديمستورا البروتوكول مرة أخرى ففي الوقت الذي يجب على سكرتيرته أن تخرج إلى استقبال الوفد الحكومي، خرج ديمستورا بنفسه لاستقبال الوفد الحكومي وانتظر دقيتين حتى خرج الدكتور بشار الجعفري من السيارة التي تقله فصافحه وتوجه معه إلى قاعة الاجتماع ، وكأنه يريد أن يكفر عن خطأ يوم أمس.
ويتابع السيد صقر قائلاً:
على ما يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين وفود المعارضة، والوفد الحكومي يضع أولويات منطقية، وأجندة واقعية لتكون أساس الحوار، ومن الواضح أنه يعرف ما يريد، كما وتبدو أهداف وفد الحكومة السورية أكثر وضوحاً، وأكثر واقعية، مقابل غير الواقعية التي نراها نحن هنا في جنيف من قبل وفود المعارضة.
ومازلنا نسمع من بعض رموز المعارضة حديث عن أن جنيف واحد هو البوصلة في المحادثات الحالية وهذا الكلام تنم عنه أن المعارضة مازالت خارج إطار الواقعية السياسية، وهذا لا يوحي بأن المعارضة جدية في المفاوضات، واضح أنها قدمت بأجندة محددة، إذا كل المؤشرات تظهر أنه لن يحدث أي خرق مهم أو إيجابي في مسار هذه المفاوضات، وأن أي نتائج ملموسة لن تحصل.
ماتزال العقبات كثيرة والآمال ضعيفة، وطبيعة هذه المفاوضات في شكلها لا توحي أن هذه المفاوضات تسير بشكل إيجابي وتخدم إمكانية التوصل إلى توافق، كما ويبدو أن الدول الراعية لعملية التفاوض الجارية ماتزال مختلفة فيما بينها سياسياً، وكذلك الدول الإقليمية غير متوافقة سياسياً، وهذا الأمر واضح وظاهر، ويمكننا ببساطة أن نلمس هذه التباينات الكبيرة بين الأطراف الراعية لهذه المفاوضات، لذا نعتقد أننا أمام مفاوضات شاقة وعسيرة، لكن ربما قد تكون الصورة أكثر وضوحاً في حال حصل لقاء مباشر بين الوفد الحكومي ووفد المعارضة خلال الفترة اللاحقة.