كانت حركة "الخبز والورد" قد شكلت بداية حركة نسوية داخل الولايات المتحدة، تطالب بكافة الحقوق الأساسية للمرأة بما في ذلك الحق السياسي والمساواة في ظروف العمل، وترمز الوردة للحب والتعاطف والخبز للعدل والمساواة.
بعد مرور عام من اليوم نفسه، كان الاحتفال الأول بالمناسبة، تخليداً لتلك الاحتجاجات النسوية وذلك في 8 مارس/ آذار 1909، ومن ثم اندفعت الحركة نفسها إلى أوروبا إلى أن تم تبني اليوم على الصعيد العالمي بعد أن وجدت التجربة صدى داخل أميركا.
على المستوى الرسمي وعلى الصعيد العالمي، منظمة الأمم المتحدة اعتمدت اليوم العالمي للمرأة لأول مرة سنة 1977 ليتحول هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة وحقوقها يحتفل به سنويا.
واحتفالية هذا العام تركز على شعار "المرأة في عالم العمل المتغير…تناصف الكوكب (50/50) بحلول 2030" بما يحمل معاني الدعوة إلى المساواة بين الجنسين؛ لا سيما في العمل بوظائف متساوية لهما بحلول التاريخ المذكور.
حضور وكفاءة رغم التمييز
الدكتورة سعاد سعد، مقرر المجلس القومي للمرأة بالأقصر "صعيد مصر"، قالت إن شهر مارس/ آذار هو شهر المرأة، الثامن منه هو اليوم العالمي، و16 هو يوم المرأة المصرية و21هو يوم الاحتفال بالأم، والقاهرة أعلنت أن عام 2017 هوعام المرأة.
ولفتت سعاد، إلى أن أهم المشاكل التي ما زالت تواجهها المرأة، هي الأمية والتسرب من التعليم ووضعها الاقتصادي المتردي في الكثير من القرى وخصوصاً في الصعيد، ويحاول المجلس القومي للمرأة التغلب عليها بإلحاق المتسربات بمدارس خاصة، وكذا بالنسبة للحالة الاقتصادية بإنشاء المشروعات الصغيرة.
وأشارت إلى أن المرأة اليوم تحظى بوضع سياسي أفضل من السابق بكثير، وكانت مشاركاتها السياسية في السنوات الأخيرة متميزة وحضورها كبير، وقد أثبتت المرأة كفاءتها في كل الأماكن التي شغلتها وكان آخر مكتسباتها في مصرهو تعيينها "محافظ".
ونوهت سعاد، إلى أنه رغم تلك المكتسبات التي تم تحقيقها، إلا أن المجتمع المصري والعربي هو مجتمع "ذكوري"، وقالت: "نلمس ذلك في كل المواقع القيادية رغم شغل عدد من النساء لبعضها، وما نريده هو تغيير تلك النظرة الذكورية وكذا تغيير نظر المرأة تجاه نفسها وقضيتها".
السورية متفوقة وعنيدة
الإعلامية السورية انتصار سليمان، أشادت بصمود المرأة الشامية، والتي أثبتت أنها ما زالت تحتفظ بماضيها المقاوم.
وأضافت، أن المرأة في سوريا تفوقت على أقرانها من الدول العربية، فهي نائب لرئيس الجمهورية "الدكتورة نجاح العطار"، ورئيس البرلمان الحالي "سيدة"، وعلاوة على ذلك شغلت السيدات مراكز في مختلف التخصصات، ورغم هذا فإن هناك بعض العادات والتقاليد تحد من طموح المرأة في بعض الحقوق المدنية مثل "تعدد الزوجات"، فلا يحق لها ان تعترض على ذلك، وبخلاف هذا حصلت المرأة السورية على كل مكتسباتها، ولا تنظرإلى أنها أقل من الرجل، وكل ما تطمح له اليوم هو عودة الأمان والاستقرار إلى الوطن.
اللبنانية رائدة
وقالت ليندا مطر، رائدة الدفاع عن حقوق المرأة اللبنانية والعربية، "أهم شيء هو أن المرأة العربية تحتفل بيوم المرأة العالمي، فعندما بدأت قضية يوم المرأة العالمي لم يكن هناك اهتمام بهذا التاريخ مثلما هو حادث اليوم، فالنساء العربيات اليوم شعرن بأن لهن دور".
وتابعت مطر لـ"سبوتنيك"، "لم تعد النساء اليوم ينتظرن من يأتي لهن بحقوقهن، بل أصبحن هن من يحققن طموحاتهن بنضالهن، فالمرأة العربية تطورت كثيراً".
وعن المرأة اللبنانية، لفتت مطر، إلى أن وضعها تطور كثيراً ليس فقط بحياتها اليومية، بل بمعرفتها بكل القضايا التي تحدث بالعالم، ويجب أن تكون المرأة متساوية بالرجل في كل قضايا العمل والرأي واللقاءات، فالرجل والمرأة لهم نفس العقل ونفس الفهم ولا فرق بينهم.
الثقافة الذكورية عالمية
قالت الناشطة منى عزت، مدير برنامج النساء والعمل في مؤسسة المرأة الجديدة في مصر، "وجود اليوم العالمي للمرأة يعني أن هناك ثقافة ذكورية وسلطة أبوية موجودة في كل دول العالم مازالت تحكم أوضاع النساء، وتلك السلطة تتسبب في تعرض النساء للتمييز والعنف، ويختلف هذا الأمر من دولة إلى أخرى وفقاً للإجراءات التي تتخذ من جانب كل دولة ضد أشكال التمييز والعنف".
وأشارت عزت، لـ"سبوتنيك"، إلى أن البيئة السياسية تلعب دوراً كبيراً، فهي تحدد إلى أي مدى تلك الدولة بها ديمقراطية وإعمال للقانون، ففي العديد من الدول الأوربية وفي أمريكا على سبيل المثال، هناك جهات تابعة للحكومة تلجأ لها النساء عند تعرضها لأي من أشكال التمييز أوالعنف، في العمل أو داخل الأسرة، فتقوم تلك الجهات باتخاذ إجراءات قانونية ضد مرتكب تلك الأفعال أو الانتهاك، وهذا يحدث نوع من الردع في المجتمع ويقلل من تأثير الثقافة الأبوية والذكورية في المجتمع.
ولفتت عزت، إلى أن الآليات السابقة وفعاليتها محدودة جداً في دولنا العربية "إن وجدت"، وبالتالي تعرض النساء لمعدلات العنف يكون بشكل أعلى مما يحدث في الغرب، كما يلعب الخطاب المحافظ "الرجعي"، والذي تغذية فكرة العادات والتقاليد والخطابات الدينية المتشددة دورا في تكريس تلك الثقافة، وإن لم تكن هناك مؤسسات قوية قادرة على فرض سياساتها على المجتمع وإعمال القانون بفاعلية للحد من تلك العادات، داخل أماكن العمل وتمكين النساء من دوائر صنع القرار، والسماح للمجتمع المدني بالتحرك وتوصيل خطابه، سيزيد بالتالي تأثير الخطاب الذكوري والسلطة الأبوية في المجتمع.
وأوضحت عزت، أن الكثير من القوانيين تحمل في طياتها التمييز والعنف، فمثلاً يحكمنا في مصر قانون أحوال شخصية منذ عام 1920، على الرغم من تغير السياق الثقافي والاجتماعي، وقوانين العمل ما زالت قائمة على التمييز وأن مسؤولية الرعاية قائمة على الأسرة، وأن جهه العمل لا توفر حضانة إلا إذا كان لديها عاملات، وأن إجازة رعاية الطفل لا تأخذها سوى النساء، على الرغم من أن اتفاقات العمل الدولية تعطي إجازة مشتركة للجانبين.
السعودية تكسر الحصار
رغم الحديث عن المشاكل التي تعاني منها النساء العربيات، إلا أن بعضهن خرجن من الحصون التي استمرت عقوداً طويلة، فظهرت المرأة السعودية في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه، فـللمرة الأولى تشغل سيدة سعودية منصب اقتصادي رفيع المستوى، كالذي شغلته السعودية سارة السحيمي منذ أسابيع قليلة، حيث تعيش المرأة السعودية فترة من أفضل فتراتها وإن لم تكن الأمثل، فبعد فترة من سلبها كل الحقوق بدأت الأمور تتحسن كثيرا في عهد الملك سلمان. الذي حطم تابوهات استمرت طويلا، فمنح المرأة السعودية مميزات لم تحصل عليها من قبل، لتدخل بعدها مجلس الشورى وتشارك في الانتخابات البلدية وترسل للدراسة العليا في الخارج، وللمرة الأولى يسمح للسيدة السعودية بالمشاركة في الانتخابات البلدية في المملكة، كناخبة ومرشحة وشاركت في تقديم واجب العزاء ومبايعة خادم الحرمين الشريفين، وكرمت المملكة تسع رائدات سعوديات تميزن في عدد من المجالات الطبية والإعلامية والاقتصادية.
وفي العام الماضي، أنشئ قسم جديد للسيدات في جهاز الرياضة، وتظل أبرز النقاط المثيرة للجدل حول وضع المرأة السعودية هو عدم السماح لها بقيادة السيارة، إلا أن وسائل إعلام سعودية نقلت عن مسؤولين حكوميين أن المملكة ستسمح للنساء باستخراج رخص قيادة للسيارات بشكل رسمي قريبا، وستتمكن من قيادة السيارات لأول مرة في تاريخ السعودية.
الفلسطينية فريدة
وتطالب الفلسطينيات بتعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، السائد منذ 1954 واللاتي يعتبرن أن فيه ظلم كبير في حق المرأة الفلسطينية التي تمثل 50% من المجتمع الفلسطيني.
وتعاني الفلسطينية من الفقر والبطالة بشكل كبير، ومع هذا تشارك في الحياة السياسية بنسبة لا تقل عن 30%، ووصلت لأرفع المناصب في المجال السياسي سواء كنائبة في المجلس التشريعي، أو وزيرات في الحكومة.