وكشف تحقيق أجرته صحيفة "تايمز" البريطانية" أن سفن الشحن والسفن الكبيرة الأخرى تقوم، بشكل روتيني، بتعطيل نظام تحديد المواقع "جي بي إس" حتى تصبح قادرة على الاختفاء والانحراف عن مسارها المعتاد، وأطلقت عليها اسم "سفن الشبح".
ووفق أرقام جمعتها شركة "ويندوارد"، لتحليل بيانات النقل البحري، فإن 40 سفينة دخلت أوروبا قادمة من ليبيا، بالقرب من منطقة تنظيم داعش المتطرف، خلال يناير وفبراير الماضيين، من بينها 20 سفينة سافرت عبر المياه السورية أو اللبنانية وتوقفت لمدة تصل إلى 6 ساعات قبل الوصول إلى القارة الأوروبية.
ويحذر خبراء من أخطار هذه العملية، حيث يقولون إن سفن الشحن يمكن أن ترسوا على مياه خارجية لنقل أشخاص أو أسلحة أو مخدرات إلى سفن صغيرة ولا ترغب في أن يتم كشف أمرها من طرف السلطات البحرية، ولذلك يلجؤون إلى إيقاف نظام "جي بي إس" لمدة معينة.
وكان مسؤلون في البحرية حذروا في وقت سابق من أن بريطانيا كانت عرضة لهجمات إرهابية بسبب عدم كفاية الموارد لمراقبة السفن.
وقال الأدميرال جون ماكانالي "يجب أن يكون هناك قلق حقيقي على ما يحدث فوق سطح البحر"، مضيفا "ضعف الأمن البحري يمكن استغلاله بشكل لا يصدق".
ووجد تحقيق "تايمز" أن سفينة شحن ضخمة مصممة لتخزين كميات كبيرة من الأسماك، أثيرت حولها شكوك مؤخرا بسبب رحلاتها "المشبوهة"، وذلك بعدما كانت تعمل لمدة ثلاث سنوات بشكل أساسي بين شمال أوروبا وغرب أفريقيا، بيد أنه في منتصف يناير انحرفت عن مسارها الطبيعي عندما كانت في طريقها إلى أوكرانيا.
وقالت "تايمز" إن السفينة غيرت مسارها بعدما عطلت نظام تحديد المواقع في مناسبات متعددة أثناء إبحارها باتجاه جبل طارق، مشيرة إلى أنها كانت متخفية لمدة 28 ساعة قبالة السواحل المغربية الجزائرية، وبالضبط داخل منطقة في ميناء وهران الجزائري، وهي منطقة تشتهر بنقل الأسلحة والمهاجرين والمخدرات، حسب الصحيفة.
والقال الخبير العسكري التونسي العميد على الزرمديني، في تصريح لـ"سبوتنيك"، "منطقة البحر المتوسط متحركة، بشكل كبير على مستوى الهجرة السرية، والقرصنة البحرية، والمتاجرة بالبشر والتهريب، وعلى مستوى الإرهاب، وما تمركز الأساطيل الدول العظمى في هذه المنطقة إلا دليل على حيوتها، ثم أن المتوسط عاد على شكل الحرب الباردة في سنوات الستينات والسبعينات، بنفس الصورة والأسلوب والشكل".
وأضاف "ما يتميز حاليا هو دخول قوى جديدة إلى هذه المنطقة لتغذية صراعات إقليمية، وأهم الدول التي تسعى للعب دورا محوريا في منطقة المتوسط، هي تركيا، من خلال مساندتها المطلقة لجناح في ليبيا، وبحكم الحظر الجوي هناك، تعتمد أساساً على البحر، في اسنادها لهذه
وأضاف العميد الزرمديني "من خلال معلومات استخباراتية، البحر يشكل عنصرا رئيسيا للمتاجرة في البشر وتهريبهم، وما العدد المهول من الضحايا التي تلتقفها شباك الصيادين اليوم، على كل السواحل الجنوبية والشمالية لكامل منطقة المتوسط، إلا دليل على غزارة المد البشري من الجنوب نحو الشمال وخصوصاً من ليبيا، فكل الإحصائيات تثبت أن 90% من المهاجرين عبر البحر، انطلاقاً من الشواطيء الليبية في غياب دولة، وبوجود ميليشيات تتصارع فيما بينهاعلى تجارة مربحة جداً، لا تقل عن تجارة الأسلحة والممنوعات.
وأكد الخبير العسكري أن تونس اتخذت اجراءات استثنائية شلت من حركة الهجرة، مضيفاً أن "المد الإرهابي يسعى إلى خلق ممرات أخرى لتهريب البشر والسلاح تمر عبر جزر الكناري انطلاقاً من الساحل الإفريقي، ومنها إلى اسبانيا بمساعدة رجال أعمال راجعين بالأساس لتنظيم القاعدة، ويتمركزون بهذه الجزر تحت تغطية مختلفة أهمها التجارة، ومنها ينطلق السلاح والبشر نحو اسبانيا ومنها إلى فرنسا وبلجيكا، التي لا زالات القاعدة الخلفية للتيارات الجهادية في أوروبا".
وتابع "هناك جناح آخر يمر عبر قبرص، بمساعدة بعض البحارة هناك، للتسلل منها نحو الدول المجاورة، ومنها إلى الفضاء الأوروبي الواسع، للالتقاء بالمرحلين المهجرين النازحين من بؤر التوتر".
وأضاف العنيد الزرمديني أن "هذه الصورة التي تعتمد الآن في المتاجرة بالبشر، فالبحر هو الرابط الجغرافي بين الجنوب والشمال، بالتالي هو الفضاء الذي يحتضن هذه الممارسات، رغم كل الإجراءات التي اتخذها حلف الأطلسي، وتمركزه الواسع، بآليات بحثية متطورة، ومراقبة جوية عميقة، وهناط نطرح سؤال للجميع، كيف لهذه القوة العظمى التي تمتلك الآليات الضخمة، للمراقبة الجوية والبحرية والرادارية، المتقدمة جداً أن تفاجئها هذه الأحداث".