مع ذلك لم نر محاربةً فعليةً لهذا الإرهاب من قبل الدول الغربية والولايات المتحدة إن كان في سوريا أو في العراق أو في ليبيا أو في اليمن، حتى أننا في أغلب الأحيان لا نسمع شجبا أو تنديدا لعمليات إرهابية ضد المدنيين في الدول المذكورة، وآخر العمليات الإرهابية نفذها انتحاريون في القصر العدلي وفي مطعم الربوة في العاصمة السورية دمشق راح ضحيتها عشرات المواطنين المدنيين، ولم يأت على ذكرها الإعلام الغربي ولم يشجبها فهل يا ترى قتل المدنيين في المطاعم وفي الدوائر الحكومية عمل لا يحرك الضمائر في المؤسسات الإعلامية الغربية ولدى الحكومات المسؤولة عنها والتي تتحدث دائما عن محاربة الإرهاب، بينما نرى الغرب يرسل بوارجه وحاملات طائراته من أجل محاربة الإرهاب كما يدعي إلى الشواطئ السورية والليبية واليمنية والعراقية، ولكن بدون جدوى، أما عندما تحصل عملية إرهابية في دولة أوروبية أو دولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية نرى الغرب يشجبها وينددٌ بها ويدعو إلى محاربة التنظيمات الإرهابية.
هناك أسئلة كثيرة حول الإرهاب وانتشاره وطرق محاربته طرحنا عددا منها على المستشرق والمحلل السياسي أندريه أونتيكوف من موسكو وعلى الباحث والمحلل السياسي الألماني من أصل سوري عبد المسيح الشامي من برلين.
الإرهاب وسيلة في يد بعض الدول الغربية والعربية
رغم أن العالم كله يتحدث عن محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ولكن في حقيقة الأمر نرى ازديادا في عدد التنظيمات الإرهابية في العديد من الدول التي أرادت الولايات المتحدة نشر الديمقراطية فيها وقلب أنظمة حكمها وحسب رأي المستشرق أندريه أونتيكوف فإن سبب ازدياد انتشار الإرهاب واكتساب الجماعات الإرهابية قوة يوما بعد يوم في العالم رغم أن كثيرا من الدول تتحدث عن محاربة الإرهاب، هو أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية والعربية تستخدم الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها، فمن الواضح لا توجد محاربة فعلية للإرهاب، وقد شاهدنا في السنوات السابقة كيف أن الاستخبارات البريطانية أنشأت منظمة "الإخوان المسلمين"، والآن تسيطر على هذه المنظمة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وأيضا أنشأت الولايات المتحدة منظمة "القاعدة" بأيدي سعودية، كما أنشأت الولايات المتحدة تنظيم "داعش" وغيرها، وهذا يعني أن الإرهاب هو وسيلة في أيدي بعض الدول، فكيف نستطيع محاربة الإرهاب في حال أن هذه الدول تدعم الإرهاب. وأضاف أونتيكوف أن الولايات المتحدة اعتمدت على تأسيس الجماعات الإرهابية على الفكر الديني وخاصة من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي الشيوعي سابقا.
الدول الأوروبية شريكة في صناعة الإرهاب
تحدث الإعلامي والصحفي عبد المسيح الشامي، لبرنامج "نادي المستشرقين" في إذاعة "سبوتنيك" عن أن الدول الأوروبية بدرجة أو بأخرى كانت شريكة في صناعة الإرهاب، ولا أعتقد أن هذه الدول حتى الآن جادة بمحاربة الإرهاب، رغم أن الإرهاب وصل إلى داخل القارة الأوروبية وضرب كثيرا من الدول الأوروبية، وبدأ ينخر في القارة من الداخل، ومع ذلك لا نجد نية حقيقية من هذه الدول لمحاربة الإرهاب، وهذا ربما ما يفسر الامتعاض والغليان الشعبي في داخل أوروبا على الأنظمة الأوروبية وعلى دورها السلبي
الولايات المتحدة وبريطانيا تدعمان الإرهاب ولا تحاربانه
عندما نرى دولا عظمى تصنع الإرهاب وتشجع بعض الدول الغنية نفطيا بدعم الجماعات المتطرفة الإرهابية في العالم فلا بد وأن ينتشر الإرهاب وتصبح محاربته صعبة جدا، ولا يمكن لدولة واحدة أن تحاربه منفردة.
وحول أسماء بعض الدول التي تدعم الإرهاب قال المستشرق أندريه أنتيكوف، إن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى مثل بريطانيا هي التي تدعم الإرهاب، ولا شك أن هذه الدول تستعمل الدول العربية كالسعودية وقطر اللتان هما وسيلة في أيدي الدول الغربية من أجل تمويل وتشجيع الإرهاب كما تشجع الناس كي تنضم إلى المنظمات الإرهابية، كل ذلك نتيجة الضغط الأمريكي، فلذلك يصطدم مشروع تفعيل محاربة الإرهاب ومعاقبة الدول الراعية له بالرفض الأمريكي لأنه لا يمكن أن تعاقب الولايات المتحدة نفسها وهي عضو دائم في مجلس الأمن.
محاربة إيديولوجية الإرهاب تقع على عاتق رجال الدين والحكومات
لا شك أن التنظيمات الإرهابية تعتمد على إيديولوجية ما من أجل ضم عناصر الشباب إلى صفوفها وترويج أعمالها الإرهابية، وهذا يعني أنه من أجل محاربة الإرهاب لا بد أولا من محاربة الإيديولوجية التي تعتمد عليها هذه التنظيمات الإرهابية وأيضا محاربة الفقر والقضاء عليه، وهذا يقع على عاتق رجال الدين والحكومات في الدول التي ينتشر فيها الإرهاب. ورجال الدين يجب أن يلعبوا دورا إيجابيا في توعية الناس بعدم الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، فيما تقع على عاتق الحكومات مسألة محاربة الإيديولوجيات وهذا رأي المستشرق أندريه أونتيكوف
الإرهاب أصبح حصان طروادة لدى بعض الدول الغربية للتدخل في شؤون الدول ونهب ثرواتها
الإرهاب واحد أينما حصل، ولا يوجد إرهاب سيء وإرهاب جيد ومحاربته أولية
لا شك أن أي عمل إرهابي في أي مكان في العالم مشجوب ومدان، وعلى جميع دول العالم أن تحاربه، والإرهاب لا يمكن أن نقسمه إلى جيد وسيء، فمثلا عندما ينفذ إرهابي عملية إرهابية في دولة أوروبية، يشجبه مجلس الأمن والمجتمع الدولي ويدعون إلى محاربته وملاحقة الفاعل والقضاء عليه، ولكن عندما ينفذ الإرهابيون عمليات إرهابية بالجملة في سوريا ويودي بحياة المئات من المواطنين الأبرياء، فلا نسمع المجتمع الدولي ومجلس الأمن يشجبه، ولا تنقله وسائل الإعلام الغربية، بل ربما تروج له على أنه عمل ثوري، وهكذا يقسم الغرب والولايات المتحدة الإرهاب إلى سيء وجيد، بينما روسيا تدعو المجتمع الدولي العمل على توحيد الجهود من أجل محاربة الإرهاب بجدية وليس بالكلام والتصريحات، وهنا نتساءل هل الدول الغربية جادة في محاربة الإرهاب، أم انها تستخدمه لتحقيق أهداف سياسية وطموحات توسعية في مناطق عديدة، بل الأكثر من ذلك هناك دول تستثمر في الإرهاب، وتستخدمه وسيلة للحصول على الأموال، من أجل تحسين اقتصادها.
وقد عبرت موسكو عن خيبة الأمل من رفض الدول الغربية في مجلس الأمن إدانة الهجمات الدموية الأخيرة في دمشق، ما يدل على تقاعس الغرب في اتخاذ خطوات فعالة لمحاربة الإرهاب.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية: "رفض إدانة الأعمال الإرهابية في دمشق في مارس/ آذار، والتكتم على هذه الأحداث الدموية وكذلك عن الحقائق حول استخدام إرهابيي "داعش" الأسلحة الكيميائية في سوريا والعراق، يدل على عدم الرغبة في اتخاذ إجراءات فعالة لردع الخطر الإرهابي الذي مازال عند مستويات مرتفعة جدا".
وتابعت زاخاروفا، أن تغذية الإرهابيين بالأسلحة والذخيرة والمجندين الجدد والأموال، لا تنقطع، مشددة على أن كل هذه المساعدات تدخل المنطقة من الخارج.
وكانت 4 تفجيرات انتحارية قد هزت دمشق في 11 و 15 مارس/ آذار، إذ استهدف الهجوم المزدوج الأول حافلات تقل زوارا في منطقة باب الصغير، وأسفر عن مقتل 40 زائرا عراقيا على الأقل. وبعد 4 أيام فجر انتحاري نفسه في القصر العدلي بالحميدية، حيث قتل أكثر من 30 شخصا، فيما فجر إرهابي ثان نفسه في مطعم بمنطقة الربوة وأسفر الهجوم عن سقوط 20 مصابا على الأقل.
كما اعتبرت زاخاروفا أن الهجمات الإرهابية في دمشق وريف حماة تؤكد أن محاربة الإرهاب تبقى على رأس الأولويات فيما يخص جدول أعمال المفاوضات السورية التي استؤنفت في جنيف يوم الخميس.
تنظيم "داعش" حصان طروادة للأمريكيين
(المقال يعبر عن رأي صاحبه)