وتدفقت عائلات من المدينة الواقعة في شمال البلاد في موجات نزوح جماعي بالآلاف يوميا إلى مخيمات مزدحمة أو يتوجهون للإقامة مع أقاربهم. ويجعل الجوع والقتال الشرس من الحياة أمرا لا يطاق داخل المنطقة.
وتمكنت العملية المدعومة من الولايات المتحدة لطرد "داعش" من الموصل، والتي دخلت الآن شهرها السادس، من استعادة معظم أجزاء المدينة. وتسيطر القوات العراقية على الجزء الشرقي من المدينة بالكامل ونحو نصف الجانب الغربي.
لكن التقدم تعثر في الأسبوعين الأخيرين مع وصول القتال إلى الحي القديم الذي تنتشر به الأزقة الضيقة والذي يضم مسجد النوري الذي أعلن منه زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي دولة "خلافة" تمتد على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في 2014.
وأبدى المتشددون مقاومة شرسة واستخدموا السيارات الملغومة والقناصة وقذائف المورتر ضد القوات والسكان لصد الهجوم، وأطلقوا النار من مناطق سكنية مكتظة مما عقد خطة المعركة خاصة مع دخول القوات للمدينة القديمة المزدحمة.
وقال البرجادير جنرال جون ريتشاردسون، نائب القائد العام لقوات التحالف، إن الحل قد يكمن في تغيير الأساليب.
وصرح لـ"رويترز" "إنهم (القوات العراقية) يبحثون فتح جبهة جديدة لإجبار قوات "داعش" على القتال من اتجاهين وعزل المدينة القديمة لرفع احتمالات استسلامهم عندما يحين وقت دخولها."
وأضاف أن القوات العراقية يمكنها تحريك وحدات من الجيش من الشمال فيما تعزز كتائب أخرى من مواقعها حول المدينة القديمة.
وقال ريتشاردسون "هذا سيجبر "داعش" على القتال على جبهتين ولا أظن أن لديهم تلك القدرات."
وأضاف أنه من الصعب تقدير عدد المتشددين الذين غادروا المدينة لكنه قال إن نوعية المقاتلين في تراجع مع استنزاف صفوفهم.
وقال متحدث عسكري إن وحدات مكافحة الإرهاب الخاصة حققت بعض التقدم ضد المتشددين في مناطق في غرب الموصل اليوم على الرغم من توقف العمليات التي تقوم بها الوحدات الأخرى.
أما العميد يحيي رسول، المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، فصرح للتلفزيون الرسمي أنهم سيفاجئون"داعش" في الأيام القليلة القادمة باستخدام خطط جديدة يتم مناقشتها الآن في قيادة العمليات المشتركة لكنه لم يدل بتفاصيل عن تلك الأساليب الجديدة.
وقال رسول إن القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب تقدمت في معارك صعبة من مبنى لمبنى للسيطرة على مناطق خارج المدينة القديمة بما يشمل حي اليابسات.
وأضاف أن مقاتلي "داعش" يضعون سيارات ملغومة ويجبرون السكان على نقل الأثاث إلى الشوارع لاستخدامه في إبطاء تقدم القوات العراقية.
وفي المدينة القديمة التي تقدمت فيها قوات الرد السريع، وهي وحدة تابعة لوزارة الداخلية، وقوات الشرطة الاتحادية لم ترد أنباء عن تحقيق تقدم جديد. وقالت الشرطة الاتحادية إنها تطهر المنازل وتؤمن المناطق التي دخلتها بالفعل.
وبرغم انتهاء القتال في الشطر الشرقي من المدينة في يناير/ كانون الثاني قتلت قوات الأمن انتحاريا قبل أن يفجر قنبلته مما يوضح التحديات التي يواجهونها هناك. وقالت الشرطة إن الانتحاري عبر نهر دجلة من الشطر الغربي.
خطر القناصة
وقال ضابط في الشرطة الاتحادية لـ"رويترز" إن الأساليب الجديدة ستشمل نشر وحدات إضافية من القناصة لمواجهة قناصة "داعش".
ونفذ المتشددون أيضا هجمات مضادة منعت أحيانا القوات العراقية من التقدم عند المشارف الجنوبية للحي القديم. ويقول مسؤولون عسكريون إن السحب والأمطار في الأسابيع الأخيرة حالت دون توفير دعم جوي فعال.
ومع استمرار المعركة يواجه المزيد من المدنيين خطر الموت أو النزوح عن الديار.
وذكر مسؤولون محليون وسكان، أمس الخميس، أن العشرات دفنوا تحت المباني المنهارة بعد ضربة جوية استهدفت "داعش" وسببت انفجارا هائلا الأسبوع الماضي.
وقال التحالف الأمريكي إن هناك تحقيقا في تلك التقارير.
وتدفق مئات النازحين خارج الموصل، اليوم الجمعة، وساروا في الوحل وهم يحملون حقائبهم وأمتعتهم.
وقال رجل إن قناصة "داعش" أطلقوا النار على الفارين وإن بعضهم قتل في انفجارات.
ويقول سكان إن الوضع داخل المدينة يتدهور مع عدم وجود مياه أو كهرباء أو وصول إمدادات غذاء.
وقال خالد خليل (36 عاما) وهو يمسك بابنته البالغة من العمر 3 سنوات "نتنقل منذ أمس. استبد بنا التعب لكننا الآن في أمان. كل من يمسكون به (مقاتلو "داعش") يقتلونه."