يعيش دائما حالات مختلفة، ويقدم التجارب الأكثر جرأة، ويحكي الحكايات بسرد سينمائي مميز، عبر تعاون مع مخرجين يملكون نفس جرأته، ويحيكون خيوطا من ضوء، تخطفنا في سينما مميزة، كان آخرها "عيون الحرامية" مع الفلسطينية "نجوى نجار"، و"قدرات غير عادية" مع المخرج الكبير "داوود عبدالسيد".
احتفت به تونس كثيراً في الفترة الماضية، وآخرها حينما قدم حفل ختام فعالية "صفاقس عاصمة الثقافة العربية"، في عاصمة الجنوب التونسي، وحصل على تكريم من وزيري الثقافة التونسي محمد زين العابدين، والمصري حلمي النمنم.
حاورته "سبوتنيك" أثناء رحلته لتونس، وفوق ميناء سيدي بوسعيد، في المكان الذي يعشقه أبوالنجا.
سبوتنيك: في الفترة الأخيرة زرت تونس عدة مرات، قد تكون أكثر من القاهرة، فما السبب؟
تونس خرجت لي في "البخت"، فهي أول بلد سافرت له بطائرة، وأنا طفل، صورت هنا فيلم "جنون الحب" مع نجلاء فتحي وحسين فهمي وأحمد مظهر، وأول جائزة كبيرة حصلت عليها، عن فيلم مثلت فيه وشاركت في انتاجه، كانت "التانيت الذهبي" عن فيلم "ميكروفون" بأيام قرطاج السينمائية.
وحضرت معظم دورات قرطاج تقريباً، بأفلام "ديكور" و"ميكروفون"، و"قدرات غير عادية" وغيرها، وأعتبر زيارة تونس كأنها رحلة داخل منتجع في بلدي.
سبوتنيك: تشارك أيضاً في دعم السينما التونسية…فكيف كان ذلك؟
هناك اتصال مع تونس لدرجة كبيرة، فأجد سينمائيين تونسيين يدعمون سينما الجنوب في تونس، فتتم دعوتي معهم، مع انها شيء خاص جداً بهم.
سبوتنيك: أنت بشكل خاص تدعم السينما في المناطق المحرومة.. وقمت بعدة خطوات في الفترة الأخيرة.. حدثنا عنها
أنا بشكل خاص أهتم بدعم سينما الجنوب، وحضرت فعاليات في "قابس" بتونس، و"الأقصر" بمصر، و"حاسي مسعود" بالجزائر.
الجنوب العربي كله به نفس المشاكل، فهو غني سواء بالآثار أو البترول، لكن لا يوجد به اهتمام بالتنمية سواء ثقافية أو سياحية، أو تنمية بشكل عام لمجتمعاته، ومشاكلنا العربية واحدة تقريباً، الاهتمام بالعواصم فقط، وتواجد الثقافة فيها فقط.
سبوتنيك: ولكن السينما نشاطها الرئيسي عموماً في العواصم
حصر السينما والثقافة في العاصمة خطأ وخطر، مع مد أصولي ديني يدعو إلى التفرقة بين الأديان، والتفرقة داخلها، وتكفير الفنون والفنانين، وله أصوله داخل الجزيرة العربية، ولأسباب كثيرة وجدناه لدينا، وتركنا يربح في مدن الجنوب العربي، لأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية كذلك كلها موجهة ناحية الشمال فقط.
سبوتنيك: اتهمت بعض وسائل الإعلام في مصر بالتحريض ضدك…كيف تتعامل معها؟
لا أهتم بتحريض بعض وسائل الإعلام ضدي في مصر، لأني أقول رأيي بحرية، ونحن صنعنا ثورة من أجل ذلك، فكيف بعد تلك الثورة العظيمة في مصر، نتعامل بحرية أقل، وخاصة أن تلك طريقتي من قبل الثورة.
وكذلك بالنسبة للكتائب الإلكترونية على الإنترنت، ستجد يوما من يحاسبها، وكل من حاول أن يطمس الرأي الشعبي الحقيقي، كل من يحاول تصوير الشعب ضد الثورة أو ضد الثورين.
الناس خرجت تنادي بمطالب أساسية، عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة انسانية، فكل تخوين لمن طالب بها، لن يغفره التاريخ ، ولن يكون سبباً لتغيير لغتي وأفكاري، بالعكس، سيكون سبباً في تحرك أكبر، ولن تكون هناك فرصة تأتي دون انتقاد حاد لهذه المواقف. وتابع رد فعل الناس على التلون الذي حدث فجأة لإعلاميين على الساحة، فهذا هو المضحك المبكي.
بوتنيك: هل غيّر اختلافك السياسي مسارك؟
بالطبع، ونحن كفنانين لدينا من الخبرة لعمل أفلام مختلفة، فأنا خرجت من حيز مصر، للعالم العربي، مثلما قدمت فيلم "عيون الحرامية"، وسط الهجوم الحاد علي، وحصلت على جائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم فلسطيني.
كممثل، بدأت منذ عامين، اقدم ما كنت خطوت فيه أولى خطواتي فيه عام 2006، ولكني لم أكمل الطريق، ولم أكن جاداً وقتها، والآن أنا مضطر لذلك. ورب ضارة نافعة، أن أنتقل للسوق الناطق باللغة الإنجليزية أو الفرنسة أو لغات أخرى.
سبوتنيك: هل ترى نفسك قادر على استكمال ذلك الطريق؟
فعلت ذلك بلهجات عربية مثل فيلم "من ألف إلى باء" في الإمارات، وقدمت فيه شخصية ضابط سوري، وشخصية فلسطيني في فيلم "عيون الحرامية" مع المخرجة نجوى نجار، وشخصيات أخرى جار التحضير لها، منها شخصية "مغربي" في فيلم سنقدمه هناك قريباً.
سبوتنيك: هل تجد أن خروجك من العمل بمصر غير حياتك؟
ما حدث قدم لي فرصة مهما ليا كممثل، وضع الفنان تحت ضغوط، فيصبح لديه نوع من الدراما في حياته الحقيقة، ويصنع هذا حافزا لكي يكون أفضل، وأقدر على تجسيد الحالة الانسانية بكافة أطيافها، وكذلك أصدق، وهذ ما حدث معي ومع فنانين في نفس حالتي، تطوروا وقدموا أفضل ما لديهم، أما من يضع أقنعة في حياته، فيرفع فوق رأسه حمل ثقيل، ولا يملك الطاقة الكافية للإبداع.
سبوتنيك: وماذا أنجزت أيضاً في إطار عملية التحول؟
قدمت أدواراً صغيرة لكنها مهمة، فيهم واحد أعتز به كثيراً، شاهدت مؤخرا بعض لقطاته في الدوبلاج، وانبهرت به جداً، وهو المسلسل التاريخي "فايكينجز"، إنتاج كندي أيرلندي أميركي، وهو تاني أكبر نسبة مشاهدة في العالم بعد "صراع العروش"، بالذات شمال أميركا.
والمسلسل مبني على قصص حقيقية تاريخية، عن انتقال قبائل الفايكنجز من الشمال في أيسلندا للجنوب، حتى وصلوا إلى شمال افريقيا، وأقوم بدور أمير القيروان، زيادة الله، وله قصة مشهورة مع الفايكنج، وتدور حولهما حلقتين من المسلسل، الخامسة والسادسة، من الموسم المقبل.
سبوتنيك: هل من الممكن معرفة تفاصيل أكثر من المسلسل؟
"فايكنج" كتبه المؤرخ مايكل هيرست، ويقدم فيه حالة لطيفة جداً، يطرح حوادث تاريخية مكتوبة، ويبدأ في البناء الدرامي حولها، بدون أي إخلال بالتراتبية التريخية، وهو يقوم بسرد يقفز فيه على أحداث زمنية، ثم يعود للوراء مرة أخرى، فهو يحكي تاريخ، والدراما تشدك في نفس الوقت، ولا يمكن أن تنزعج من تلك القفزات الزمنية.
سبوتنيك: لديك مشروع آخر مع بي بي سي…ما تفاصيله؟
مسلسل مبني على مذكرات حقيقية لضابط مخابرات بريطاني، وقت سقوط الإمبراطورية الانجليزية في اليمن، عام 1965، فترة دعم جمال عبدالناصر لثورة اليمن، في هذا الوقت كان يحاول الإنجليز الحفاظ على آخر المعاقل الكبرى لهم، وهو ميناء عدن، الثالث في الأهمية بالعالم، وهو يتحكم في مسار المرور بقناة السويس، والمسلسل قصة حقيقية لضابط انجليزي، والكاتب هو حفيد نفس الضابط.
سبوتنيك: ما هو دورك في المسلسل؟
أقوم بدور شخصية حقيقية، يدعونها بالمخبر، هو صديق الضابط، هو يمني وطني، يحكي له تفاصيل مهمة، ولا نعرف هو مع أي فريق طول الوقت، نكتشف أنه صديق لآخرين كثر، الضابط يطلق عليه "جاسوس"، وهو شخصية مركبة بقدر ما، يحمي شخص من الموت رغم انه قد يكون قاتلا في وقت آخر.
سبوتنيك: الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر لك عنه مشروع آخر…حدثنا عنه.
المشروع هو الفيلم الأميركي "جمهورية ناصر"، فالشعب الأميركي لا يعرف أي شيء عن ناصر تقريباً، وصاحبته المخرجة الأميركية مشيل جودمان، التي تحب صنع أفلام عن شخصيات مصرية، فهي تعشق مصر، وتزورها كثيرا، ولها أصدقاء كثر بها. وفوجئت أن الشعب الأميركي لا يعرف عن شخصيات أثرت في الوطن العربي والعالم كله، مثل أم كلثوم، التي قدمت عنها أول فيلم وثائقي لها، والثاني عن عبدالناصر.
هي ترى أن تلك الشخصيات موجودة ومؤثرة بعد مماتها بسنين، ليس فقط بفنها أو بموقفها السياسي، ولكنها أيضا مؤثرة كشخصية موجودة في العقل الباطن العربي، واذا أردت فهم العرب والمسلمين وتلك المنطقة من العالم، فيجب أن تفهم هذه الشخصيات المؤثرة فيها حتى اليوم.
سبوتنيك: وما الجديد الذي تقدمه في الفيلم عن شخصية "ناصر"؟
الحقائق عن عبدالناصر تختفي بين ناس ضده وآخرين معه، ولا يوجد من يحكي القصة كما هي، فتختفي الحقائق مع الجيل الجديد، وخاصة بالنسبة للأمريكان، فهو فيلم مهم للشباب، لمعرفة الحقائق التي كادت أن تتوه وسط الآراء، وهو يقدم وجهة نظر مستقلة عن أي حد، وأقوم بصوت عبدالناصر.
سبوتنيك: لديك عدة مشروعات في السينما المستقلة…فما هو جديدها؟
نحن نعمل بطريقة مستقلة بقدر ما، وهناك عدة أشخاص يشتغلون على الفكرة منذ البداية، سواء في الكتابة أو في شكل الإنتاج، بنظام ورشة عمل، وذلك النظام في السينما الجديدة أحبه جداً، وهناك فيلم ساعدت في انتاجه وسيخرج للنور قريباً.
أجرى الحوار: مصطفى الكيلاني