سلطات استثنائية
قال اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي، إعلان الحكومة حالة الطوارئ في مصر، جاء للحد من العمليات الإرهابية والإجرامية، والتي تحصد أرواح الأبرياء دون وازع من رحمة أو إنسانية أو دين.
وأشار مسلم، إلى أن الطوارئ قد تحد من الإرهاب ولا تقضي عليه نهائياً، ومهمة الطوارئ أنها توفر لأجهزة الشرطة والجيش سلطات تمكنها من اتخاذ قرارات سريعة ضد العناصر الإرهابية والخارجين عن القانون، فالطورائ نفسها لا تقضي على الإرهاب.
وحول تأثير الطوارئ على الوضع الداخلي، قال مسلم، أن صانع القرار دائماً ما يوازن بين الخسارة والمكسب عند الشروع لاتخاذ قرار معين، وحالة الطوارئ تستخدمها كل دول العالم لمواجهة الظروف الاستثنائية.
حالة الضرورة
قال عصام الإسلامبولي، الخبير القانوني، أن قانون الطوارئ هو مسألة غير مرحب بها في أي نظام، إلا إذا فرضت الضرورة على هذا النظام أن يعلن حالة الطوارئ، وبالتالي فإن إعلان حالة الطوارئ في مصر فرضتها الضرورة والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وتابع الإسلامبولي: أن هناك إجراءات تنظم هذه المسألة طبقاً للدستور والقانون، فمن حق رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ وفقاً للمادة 154 من الدستور، وبعد عرض الأمر على مجلس الوزراء يتم إعلان حالة الطوارئ، ثم يعرض خلال أسبوع على البرلمان للموافقة عليه، حيث ينظر مجلس النواب في الأسباب التي دعت لذلك، كما يعرض عليه النظاق الزمنى والمكاني، وتطبق الحالة فور إعلانها من جانب رئيس الجمهورية مباشرة.
وأضاف عصام، "وأهم ما في الأمر بعد إعلان حالة الطوارئ، هو استدعاء قانون الطوارئ لتطبيقه، ونحن لدينا إعلان طوارئ جزئي موجود في سيناء، وقانون الطوارئ يشمل مسائل خطيرة لأنه يمثل سلطات استثنائية تمنح للحكومة أو للأجهزة الأمنية، تخالف الحقوق الموجودة في الدستور والقوانين العادية، مثل حق مراقبة المكالمات الشخصية والإعلام، والرقابة على الصحف وغلقها إذا ما رأت الحكومة أنها تهدد الأمن العام، علاوة على الإعتقال والتفتيش بدون أمر قضائي مسبب".
ولفت الاسلامبولي، إلى أن مدة حالة الطوارئ ثلاثة أشهر، وإذا ما أريد تمديدها يجب أن يعرض الأمرعلى البرلمان وفي هذة الحالة يكون لمدة واحدة فقط، وبعد الستة أشهر لا يجوز التمديد، وما يحدث هو ترك حالة الطوارئ لمدة بسيطة بعد أنتهاء المدة القانونية ويعاد الإعلان مرة أخرى وهذه من أساليب التحايل وإذا حدث ذلك فإنها تكون مخالفة لإرادة المشرع والذي أراد طرح الحالة من جديد حنى يتم الإعلان ومناقشة الأمر من جديد.
وأشار عصام، إلى أن القانون الساري هو القانون القديم "وقد طالبنا بتعديله ليتفق مع القواعد العامة والقواعد الدستورية، وهذا لم يحدث، بالإضافة إلى أن المحكمة الدستورية قصت في سنة 2012، يعدم دستورية المادة الثالثة في قانون الطوارئ، والتي تختص ببعض السلطات الممنوحة لرئيس الجمهورية.
حتى لا يساء الظن
وسرد الباحث السياسي أسامة الهتيمي، ملاحظات وتساؤلات على إعلان حالة الطوارئ فقال، أن اتخاذ هذا القرار يعني أن هناك دلائل ومعلومات لدى القيادة السياسية حول استمرار الخطر الأمني، إذ ليس من المنطقي أن يتم الإعلان عن حالة الطوارئ نتيجة حادث قد مر وانتهى.
وأضاف الهتيمي، "ثمة تساؤلات حول جدوى إعلان حالة الطوارئ وهل الإجراءات الأمنية التي تتخذها الأجهزة الأمنية والقضائية في الوقت الحالي غير كافية بالتعاطي مع العناصر المشتبه بها، أم أن الدولة أرادات بهذا الإعلان أن تبدو وكأنها تتخذ خطوات جديدة تفاعلا منها مع الحدث".
ولفت الهتيمي، إلى أنه ثمة توافق شعبي على أهمية التصدي للإرهاب، غير أن هناك تخوفات من أن يكون الهدف من إعلان الطوارئ هو تمرير حزمة من القوانين والقرارات السياسية المثيرة للجدل، أو أن يكون إجراء يستهدف التضييق على حركة الناشطين والفاعلين السياسيين، ومن ثم فإن من الأفضل — وحتى لا يساء الظن — أن لا يتم النظر في هذه القوانين في الوقت الحالي.
وأشار الهتيمي، وفق المادة 154 من الدستور فإنه لا يحق تجديد الإعلان عن الطوارئ إلا لمدة أخرى فقط فماذا لو استمرت العمليات الإرهابية، هل يعني ذلك أن تتجه النية لتعديل دستوري يسمح بتكرار الإعلان عن هذه الحالة؟.
واختتم الهتيمي، "الاكتفاء باتخاذ الإجراءات الأمنية في مواجهة الإرهاب، يؤكد ما ترفض الأجهزة الأمنية الإشارة إليه من حديث عن تراخي وتقصير أمني، إذ تستدعي هذه المواجهة أن تكون هناك العديد من الخطوات الأخرى منها ما هو ديني ومنها ما هو ثقافي ومنها ما هو سياسي حتى يمكن تكثيف الجهود الشعبية والسياسية في التصدي لهذا الخطر".