ولفت الكاتب إلى أنه بعد ثلاثة شهور، يعمل ترامب على ملء فراغ التخطيط الاستراتيجي لفريقه بانقلاب ثان يتمثّل في العودة إلى سياسات بوش، والنبش في أدراج المحافظين الجدد المتخمة بالمقاربات الجنونية، التي باتت، كما يبدو، ورغم فشلها الذريع، ذخيرة جاهزة في متناول كل أولئك المغامرين والمفلسين ممن يبدو أن المسرح السياسي الأمريكي، لمرحلة ما بعد انهيار التفرّد الأمريكي بالزعامة العالمية، سوف يعج بهم، بانتظار العودة إلى الرشد وإجراء المراجعات العميقة المستندة إلى الاعتراف الموضوعي بالحقائق الدولية الجديدة.
وأضاف الكاتب هاشم إلى أنه الآن، لا يرى ترامب أفضل من الانقضاض على تركة سلفه أوباما في الشرق الأوسط على الأخص، ماداً يده إلى متقاعدي البنتاغون وقدامى عملاء الـ "سي آي إي"، الذين كانوا اختبروا مرارة الهزيمة في العراق وأفغانستان، واعتبروا أن الاتفاق النووي مع إيران هدّد العلاقة الاستراتيجية مع "إسرائيل"، وأضعف مصداقيتهم تجاه الدول الخليجية، والذين كان هناك من حمّلهم مسؤولية التردّد والتخبّط تجاه الموقف في سوريا.
وعليه، — بحسب الكاتب — فقد تمثّل أقصر وأسهل الخيارات في الاستدارة بزاوية 180 درجة، ومعاودة الانطلاق من نقطة البداية: إحياء التحالفات الأمريكية التقليدية في المنطقة، والاحتواء النهائي لسياسة خارجية مصرية لا تزال مفتوحة — في ظل الرئيس السيسي- على احتمالات متباينة وغير محسومة، وإعادة الاعتبار لنظام أردوغان عبر إشراكه في صياغة وتنفيذ تفاهمات استراتيجية إقليمية محددة؛ أي، وباختصار، اعتماد "محور اعتدال" مرحلة ما بعد "الربيع العربي"، من خلال توسيع المحور السابق ليضم إسرائيل وتركيا، والانتقال به، هذه المرة، من الضغوط السياسية والاقتصادية إلى الانخراط في العمل العسكري، بمشاركة إسرائيلية باتت مطلوبة، وعلى مختلف جبهات قتال التحالف المسمى عربياً، في سوريا والعراق واليمن، وغداً في الأراضي الفلسطينية.
وختم بالقول: قد يلبي كل ذلك متطلبات أجندات البعض في المنطقة العربية، ولربما يخلق الوهم بإمكانية خروج ترامب من استعصاء تطبيق برنامج حملته الانتخابية من خلال اختراع التوليفة الذهبية التي تمكن، بضربة واحدة، من استرضاء "الاستابليشمنت" الحاكم واستنزاف الأرصدة الخليجية الجاهزة، خاصة وأن الأسر الحاكمة في الخليج تدرك اليوم أنها لا تواجه استحقاقات مشرعة على أسوأ احتمالات التغيير الداخلي، ولربما أشدها رعباً ودموية. وهنا، قد يجد ترامب نفسه في المربع الأول ذاته: مراجعة "اللا استراتيجية!"