المسؤولية المشتركة
وتابع فتحي، يتحمل الشباب من الجنسين جزءا من المسؤولية، فنجد أن بعض الشباب الرجال يميلون لعدم تحمل المسؤولية حتى وإن توفرت لديهم مقومات الزواج، فيفضل نسبة منهم حياة الحرية التي يرون أن الزواج يقضي عليها تماما، في المقابل نجد أن نسبة من الفتيات لديهن فكرة مغلوطة عن الزواج وتنظرن إليه على أنه تحقيق لأحلامهن الرومانسية من سفر وتسوق فقط، ولا تنظرن للجانب الجاد من هذه العلاقة.
ارتباط مصالح
وتؤكد هبة.خ (موظفة)، أن عزوفها عن الزواج لم يكن اختياريا، لكن كل من تقدم لها حتى الآن لم يكن به الصفات العادية وليست الخيالية التي تبحث عنها أي بنت في شريك الحياة، من أخلاق وقيم وأن يكون قادر على مبادلتها نفس المشاعر، وللأسف كل من تقدم للارتباط كان يبحث عن فتاة لها مصدر دخل تشاركه تكوين الأسرة، ولم يقدم الجزء الأهم في الشراكة وهو المودة والحب.
الماضي يطاردني
وكشف وائل.ع، شاب ثلاثيني، أنه مر بأكثر من علاقة عاطفية مع فتيات، وكان يأخذ من الفتاة ما يريد إلى أن حدث لديه نوع من عدم الرغبة تجاه الفتيات بشكل عام نتيجة عدم الثقة في أي واحدة، وتابع، "حاولت كثيراً البحث عن فتاة مختلفة عن الفتيات التي أقمت معهن علاقات، ولكنني لم أجد وأعتقد أنني لن أجد، ولذا فالحياة المنفردة بالنسبة لي أفضل من العيش وسط الشكوك، والشعور الدائم بأن الخيانة تحوطني".
زواج بإيصال أمانة
وبدأ حمادة عاطف، شاب في الـ35 من العمر حديثه "إبعد عن الشر"، واصفاً عمليات الارتباط بالجنس الآخر بأنها أقرب الطرق لدخول السجن في حالة الفشل، فالفتاة وأهلها أهم ما يشغلهم عندما يتقدم الشاب لخطبة البنت، كم سيدفع مقدماً وكم سيكون المؤخر والقائمة، وفي بعض الحالات يجبرون العريس على التوقيع على إيصالات أمانة بالمؤخر، وفي حالة رفضه يتهمونه بأنه يريد اللعب بالفتاة وقد تنتهي الأمور في اللحظات الأخيرة وتفشل الزيجة، وإذا وقع العريس على الإيصالات والقائمة، فيكون قسم الشرطة أول المحطات في حال الخلاف مع الزوجة، وما أدراك ما التهم التي تنتظرك.
التنشئة الأسرية
قالت الدكتورة إيمان دويدار، الاستشاري الاجتماعي والنفسي للأسرة والطفل، أن التنشئة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا جداً وقد تكون سلاح ذو حدين في إقبال أو عزوف الشباب والفتيات عن الزواج أو إقدامهم، لأن كثرة الخلافات بين الزوجين في ظل مراقبة من الأبناء سواء، ومن هنا يبدأ الطفل أو الطفلة في تكوين النموذج الذي سيحدد عملية اختياره في المستقبل لشريك الحياة.
النموذج السيء
وتابعت دويدار، إذا كان النموذج الذي تربى فيه الأطفال سيء، لأن الأسرة دائمة الشجار وتخرج عنها ألفاظ وسلوكيات متسلطة وغير لائقة، وبها عدوان وعنف موجه ضد الأب، ومن هنا يبدأ الطفل في اتخاذ قراره بعدم تكرار الصورة السيئة التي يشاهدها ويعيش فيها، لأن الطفل في هذه الحالة يرى صورة الأم المتسلطة في كل السيدات، والعكس صحيح إذا كانت الأسرة تتمتع بالهدوء والتعامل الحسن والتغاضي عن المشاكل ومرونة التصرفات، حيال المواقف المختلفة في الحياة.
أول حب للفتاة
وأكملت دويدار، أما البنت فإن الأب يمثل بالنسبة لها أول مشاعر مختلفة تجاه الجنس الآخر، والبنت لديها ميزة في تلك النقطة أكثر من الولد، فهي تحب والدها كما هو بعيوبه ومميزاته، وحال اختيارها لشريك حياتها، فإنها ترغب في اختيار شريك حياتها خالي من العيوب التي رأتها في والدها، فهي قبلت تلك العيوب من الأب فقط، والملاحظة الثانية، "ترغب البنت في أن ترى صفات والدها والذي يمثل الأمان بالنسبة لها في شريك حياتها، ومن هنا إذا كانت التنشئة الاجتماعية تمثل الأمان بالنسبة للابن أو البنت، في هذه الحالة لن تكون هناك صعوبات في اتخاذ قرار الزواج، أما إذا كان يمثل بالنسبة لهم الحرمان والقلق والخوف فإنهم لن يقبلوا على الزواج.
مراحل التكوين
وأضافت دويدار، أن أول خمس سنوات من عمر الطفل هى التي تشكل شخصيته على مدار المراحل العمرية المختلفة، لكن إذا تربى الطفل بين الأبوين رغم الشجار والخلاف على الثقة بالنفس والتقدير للذات، وهناك فروق فردية بين الأطفال داخل الأسرة الواحدة، بين البنت والولد أو بين الولد والولد ويكون حجم تأثير سلوكيات الأسرة على شخص أكبر من الآخر، من حيث التردد في اتخاذ القرارات أو مواصلة الطريق الذي اختاره والثقة بالنفس، وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة يبدأ في إظهار رغباته، وفي حالة كبت تلك الطلبات والاختيارات أكثر من مرة، فإنه سوف يتمرد وبخاصة إذا كان هذا الكبت من جانب الأم، وبنسبة 90% هذا الولد لن يرتبط بالجنس الآخر، لأنه سيشعر أن الارتباط بفتاة سيجلب له نفس التسلط الذي تمرد عليه في الأسرة والذي كانت تمارسه الأم.
من الواقع
وسردت دويدار هذا المثل الواقعي، قالت جاءني أحد الشباب الذي فشل عدة مرات في عملية الارتباط بالجنس الآخر، وكان هذا الشاب في مركز متميز، وعندما سألته عن سبب رفضه الارتباط، أجابني بأنه لا يريد الارتباط بفتاة متسلطة مثل والدته.
وفي إحدى المرات جاءني شاب رفض الارتباط أكثر من مرة، وعندما سألته عن سبب الرفض أو ما الذي يريده في المرأة، وكيف كانت تعاملك والدتك وأختك، واتضح أن اخته هي من كانت متحكمة فيه في ظل سلبية من الأم، وكانت الأخت حريصة عليه وتعلم جيداً رغم وفاة والده، وهنا كانت الأخت تلعب دور القائد في الأسرة، وكانت تتعامل معه بأسلوب متسلط وإجبار على تنفيذ كل شيء، ورغم نجاحه في حياته العملية، إلا أنه رافض للزواج وللتسلط من جانب المرأة نتيجة معاناته من الأخت.
تسلط الأب
وحالة أخرى لبنت، تمت خطبتها مرتين وفي الثالثة قررت عدم الارتباط وبسؤالها، أكدت أنها لا تريد أن ترتبط بأحد يعاملها معاملة سيئة كما كان يعاملها والدها من تسلط وضرب وإهانة وتهديد، لذا فهي خائفة من تكرار نفس التجربة مع رجل من المفترض أنها ستقضي ما تبقى من حياتها معه، لذا فمن الواجب علينا أن نعالج الأسر، ويكون هناك إرشاد أسري للزوج والزوجة قبل الزواج.
نوعية التواصل بين الأزواج
ولفتت دويدار، إلى أن التنشئة الاجتماعية هي التي تنظم العلاقة بين الأفراد، فإن لم يكن هناك تواصل مع الآخر داخل الأسرة الواحدة، فنوعية التواصل بين الوالدين أمام الطفل بشكل مهين، أو بشكل يقلل فيه الزوج من شخصية الزوجة، أو الأم تقلل من شخصية الزوج بأن تأخذ أدواره كلها، وتقول أنها تقوم بالصرف ورعاية الأسرة، وهذه في حد ذاتها كارثة لأن الابن هنا سيفقد احترامه لوالده، وهذه إحدى الكوارث الموجودة وقد تؤثر على شخصية الابن، الذي قد يشغل فيما بعد منصباً قيادياً، وهنا سيكون متردداً في قراراته ويده مرتعشة في اتخاذ القرار، وهنا يمكن أن تنهار أمم بسبب سلوك طفل.