طبعا هنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تشارك في محادثات جنيف 6، فهل سنرى بداية لحل الأزمة السورية أم أن النفق طويل؟ وكيف سيكون الوضع بعد جنيف، بعد أن شهدنا نجاحا جزئيا لاجتماعات أستانا برعاية روسية وضمانة تركية وايرانية؟
حول كل ما تقدم أجرينا حوارا مع الدكتور محمد خير عكام العضو السابق في الوفد الحكومي السوري إلى جنيف.
فقال: قدم دي ميستورا مشروعه من أجل التخلص من أولوية محاربة الإرهاب، الأجندة التي نحن نعتقد في سوريا أنها هي مفتاح الاتفاق على أولوية مكافحة الإرهاب، وهي المفتاح الأساسي لتأمين بيئة أساسية أو بيئة إيجابية للوصول إلى مفاتيح أي حل أو أي تسوية سياسية في سوريا، فكل ما قام به دي ميستورا هو للتخلص من هذه الحقيقة، وهو يريد أن يخرج من المأزق المتمثل بأن اجتماعات أستانا عمرها أشهر حققت نتائج جوهرية، بينما جنيف صار عمرها ثلاث سنوات ونصف لم يحقق أي نتائج جوهرية، لذلك دي ميستورا بحاجة لأن يحقق اختراق ما ليقول إن هذا المسار يجب أن يستمر وأنه يحقق نجاحات كما تحقق أستانا نجاحات، لذلك هو ذهب إلى السلة المتمثلة بالدستور واخترع هذا المقترح الذي اقترحه وسوق له منذ أن أتى مساعده رمزي رمزي إلى دمشق ليطرحه على الجانب السوري.
أضاف الدكتور محمد خير عكام أن الولايات المتحدة لا تريد للحرب في سوريا أن تنتهي، لأن انتهاء هذه الحرب بهذه الطريقة التي يفكر فيها العقل السوري والعقل الروسي سوف تخرج سوريا أقوى مما كانت عليه وسوف تدمر كل الأهداف التي سعت الولايات المتحدة لتحقيقها، سواء للكيان الصهيوني أو للوكلاء دول الخليج.
بينما أكدت موسكو دعمها لمناقشة جميع مشاركي المفاوضات السورية — السورية في جنيف بشكل بناء، لجميع البنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك قضايا الدستور ومكافحة الإرهاب.
وقالت الوزارة في بيان لها: "أكد الجانب الروسي على ضرورة مناقشة جميع الأطراف، لجميع البنود التي اتفق على إدراجها على جدول الأعمال، بشكل بناء.. بما في ذلك مكافحة الإرهاب وبداية الحوار الدستوري".
ودعمت روسيا ورعت محادثات أستانا التي خرجت بنجاح جزئي في الحوار السوري السوري، والتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وإعلان مناطق خفض توتر، أي وقف نزيف الدم السوري، وهذا ما أزعج الولايات المتحدة لأن الجيش السوري سيتفرغ أكثر لمحاربة "داعش" و"جبهة النصرة" التنظيمان الأكثر قوة ودموية وسيطرة على الأرض السورية، وإن تم الانتصار على هذين التنظيمين، يعني ذلك بداية نهاية الحرب في سوريا، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة التي اتجهت إلى دعم ما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية والتي بدأت تستلم القرى والبلدات من داعش بدون معارك، كما حصل في مدينة الطبقة وقرى الرقة التي أصبحت في يد "قوات سوريا الديمقراطية بعد خروج "داعش" منها إلى مناطق دير الزور والبادية السورية وأطراف محافظة حمص لمقاتلة الجيش السوري، فالعدو الأول للولايات المتحدة هو الجيش السوري وليس "داعش"، وقد وردت أنباء من داخل مدينة الرقة أن إرهابيي داعش بدأوا بالانضمام إلى "قوات سوريا الديمقراطية بإشراف أمريكي.
وقال محمد خير عكام: قبل كل مفاوضات وأجتماعات في جنيف تفاجئنا الولايات المتحدة في تصعيد هنا أو هناك كما في فعلت في الجولة الخامسة وفي السنوات السابقة، والآن وبوجود اتفاق خفض التوتر لا تستطيع الولايات المتحدة القيام بأي تصعيد عسكري، فقامت بتصعيد كلامي دبلوماسي في الافتراءات التي روجتها في كل وسائل الإعلام المحسوبة عليها، وقد ردت الخارجية السورية أكذوبة محرقة صيدنايا وغيرها من الأكاذيب، وهنا تريد الولايات المتحدة إما أن تحقق أهدافها في منصة جنيف من حربها على سوريا وإما أن تعطلها، ونجن نذكر عام 2014 كان يقود جنيف هو الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، وكان يجتمع بوفد المعارضة روبرت فورد كل يوم مساء في جنيف، ويعطيهم تعليمات مباشرة، أما الآن فالملفات المتعلقة بالحرب على سوريا بدأت تهرب من بين أيدي الأمريكيين، وخاصة أن نجاح منصة أستانا، والحضور الروسي على الأرض السورية، والتعاون السوري الروسي حقق نتائج على الأرض والتنسيق مع الايراني والتركي لضبط الكيانات المسلحة في سوريا، لذلك بدأت تتهاوى الأهداف التي كانت تسعى لتحقيقها الولايات المتحدة هدفا تلو الآخر، لذلك اليوم ترى الولايات المتحدة أن معركتها الاستراتيجية هي ما تحضر له في شمال ووسط سوريا، لذلك عدم حضورها في جنيف بسبب أن هناك توافقات ونتائج ربما تنهي الحرب في سوريا وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة، لأنها لم تحقق الأهداف التي سعت لتحقيقها منذ سبع سنوات.
وبحسب ما نقل موقع "بزفيد" الأميركي الشهير عن المسؤول، فإنّ "آخر مجموعة من تنظيم داعش تمّ طردها من مدينة الطبقة ومنطقة السد، كان قوامها 70 مقاتلاً من التنظيم، وقد استسلموا جميعاً من دون قتال وانسحبوا من دون شروط، استجابةً لطلب من قوات سوريا الديمقراطية بتسليمهم المدينة".
وقال الموقع الإخباري الأميركي إنّ "مقاتلي داعش وافقوا أيضاً على نزع الألغام والمتفجرات من محيط السد بأيديهم، ووافقوا أيضاً على ترك أسلحتهم الثقيلة في مكانها، وسلّموا المدينة من دون قتال لقوات سوريا الديمقراطية، التي أعلنت سيطرتها الكاملة على المدينة وطرد قوات تنظيم الدولة بالكامل منها".
ويكشف الموقع الأميركي إنّ "المحادثات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات داعش انتهت بتسليم المدينة". طبعا بدون وقع اي خسائر بين الجانبين وهذا ما يثبت أن الولايات المتحدة لا زالت هي التي تسيطر على "داعش" وتوجهه وتقوده، وتحافظ على قوامه وقوته العسكرية من أجل محاربة الجيش السوري وحلفائه، فالولايات المتحدة صنعت داعش وهذا باعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ولا زالت ترعاه من أجل استخدام إرهابييه في تحقيق أهدافها.
يشار إلى أنّ قوات "سوريا الديمقراطية" أعلنت أنّها ستبدأ خلال الصيف الهجوم على مدينة الرقة معقل "داعش" الرئيس، وقال عبد القادر هفيدلي القيادي بقوات سوريا الديمقراطية إنّه يعتقد أنّ دخول واقتحام الرقة سينطلق مع بداية الصيف، فيما كان يتحدث في مؤتمر صحافي من مدينة الطبقة التي تمّ استعادتها من تنظيم الدول، طبعا الهجوم على الرقة لا يعني أنه ستندلع معارك بين "داعش" وقوات سوريا الديمقراطية بل على الأغلب ستم استلام وتسليم الرقة من أجل الحفاظ على إرهابيي تنظيم "داعش" الذين سنضم قسم كبير منهم إلى قوام "قوات سوريا الديمقراطية" من أجل أن يزيد عدد هذه القوات للسيطرة على الأرض، أما القسم الآخر من إرهابيي تنظيم "داعش" فقد بدأوا بالتوجه إلى البادية السورية وإلى دير الزور من أجل محاربة الجيش السوري ومنعه من السيطرة على المدينة لأن هدف الولايات المتحدة هو السيطرة على كامل المنطقة الشمالية الشرقية الغنية بالنفط والغاز، ولكن التحالف السوري الروسي الايراني لن يترك الحبل للأمريكان وحلفائهم من التنظيمات الإرهابية، فالمعركة مستمرة والجيش الروسي لا يخسر معركة بدأها، فهو دخل إلى سوريا بشكل شرعي وبدعوة من الرئيس بشار الأسد لدعم الجيش السوري والدولة السورية في معركته ضد الإرهاب الذي لا زالت تدعمه الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة.