ما هي الرسالة التي تقصدها تركيا، بإرسال وزير خارجيتها إلى الدوحة؟
الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية التركي إلى قطر، سبقتها مواقف تركية واضحة تجاه الأزمة الخليجية، وتلك الزيارة تبعث برسالة للجميع بأن موقف أنقرة بات وبشكل واضح مع الجانب القطري.
برأيكم ما هي الأسباب التي دفعت أنقرة لاعتماد سياسة من هذا النوع؟
أعتقد أن من بين الأسباب التي دفعت تركيا لذلك، هو حماية مصالحها السياسية والاقتصادية مع قطر، والتقارب الكبير بين الدوحة وأنقرة في السنوات الأخيرة كان له الدور الأكبر في الانحياز التركي، هذا بالإضافة إلى وقوف قطر بجانب تركيا في الأعوام الأخيرة في مواقف كثيرة، وكان أبرزها الحشد الإعلامي والسياسي القطري ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
هناك اتفاقات أمنية وعسكرية بين معظم دول العالم…ما خصوصية الاتفاق بين الدوحة وأنقرة؟
حجم التنسيق والتقارب انعكس بشكل مباشر من خلال الوصول إلى التفاهم العسكري باتجاه إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، وفي الوقت ذاته وخلال الأشهر الأخيرة، تحسنت العلاقات التركية — السعودية بشكل كبير، ومن المهم حماية والحفاظ على تلك العلاقات مع السعودية والإمارات، وباختيار تركيا الوقوف بجانب قطر صراحة، وأتوقع أن تكون هناك صعوبة في معالجة الموقف التركي مع بقية دول الخليج.
إذاً العلاقات التركية السعودية قد تتأثر بشكل كبير؟
توجد أمام أنقرة فرصة كبيرة، وهي أن تعمل بشكل مباشر وعلني وشفاف باتجاه التنسيق مع السعودية، وأن يقوم وزير الخارجية بزيارة سريعة جداً إلى الرياض عقب عودته من الدوحة، فمنذ اندلاع الأزمة لم نر على الأرض حراكا تركيا قويا للاتصال بالدول الخليجية وكل ما جرى لم يكن بالمستوى المطلوب، ولا بد أن تدعم تركيا مشروع ميثاق قد يكون عربيا أو إسلاميا أو فرديا، ويجب أن تتحرك باتجاه هذه الدول بأسرع وقت.
تطالب تركيا بالتحرك مع كل الأطراف، في الوقت الذي أعلنت الخارجية السعودية أن أي حل سيكون خليجياً- خليجياً…كيف يحدث ذلك؟
منذ بداية الأزمة وتركيا تقر على لسان قياداتها السياسية، بأن الحل يجب أن يكون خليجي — خليجي، ولكن القرارات التي تم اتخاذها ضد الدوحة هي ما دفعت لاعبين إقليميين ودوليين للدخول على خط الأزمة، ولو سبق تلك القرارات لقاءات وحوارات واتصالات مباشرة بين قطر وبقية دول الخليج، ربما كانت الأزمة ذهبت بمنحى آخر، أما ما حدث من حشد وتعبئة بهذا الشكل هو ما دفع دول مثل تركيا وإيران ودول أخرى للدخول على خط الأزمة والمطالبة بمعالجتها وربما عرض وساطات، وفي بداية الأزمة كان من الممكن حصرها في الإطار الخليجي، لكن تطور وتشعب الأزمة بهذا الشكل هو الذي يدفع اللاعبين الإقليميين للدخول على خط الأزمة بهذا الشكل.
هل التدخل التركي السريع منع حدوث سيناريوهات كارثية؟
القيادات الخليجية قالت أكثر من مرة إن الهدف من تلك القرارات ليس لتحريك المسألة بالاتجاة العسكري، وأنا أستبعد أن يكون هناك تصور خليجي بهذا الاتجاه، والرسالة التركية السريعة والتي تمثلت في المواد الغذائية وتصويت البرلمان على إرسال الجنود الأتراك إلى قطر، لم تكن النقطة الوحيدة المؤثرة، ولكن زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى أنقرة بعد ساعات قلائل من اندلاع الأزمة كان له الأثر الكبير، وكذا الاصطفاف على الأرض من جانب إيران وتركيا والموقف الألماني والفرنسي، فتلك القرارات جاءت صادمة ليس لقطر فقط، ولكن لدول تربطها علاقات قوية مع الدوحة.
تركيا شعرت بأن هناك استهداف مباشر لها بعد قطر، ولدى الأتراك شعور على مستوى القيادات السياسية والمحللين والخبراء بأن المرحلة أو الحملة القادمة ستكون استهداف مباشر، وليست دول الخليج هي من ستستهدف تركيا، لكنها السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة بعد زيارة ترامب للرياض، هي التي دفعت تركيا للرد بهذة السرعة وبهذا الشكل، وباختصار فإن أنقرة تشعر بأن هناك مشروع أمريكي يراد فرضه على المنطقة، وظهرت بوادره في المشهد السوري والعراقي والأزمة الأخيرة، هذا بجانب الطريقة الفوقية التي تتعامل بها الإدارة الأمريكية مع دول المنطقة.
هل زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمنطقة أعطت الضوء الأخضر لخلق الأزمات لأجل تنفيذ سيناريو الشرق الأوسط الجديد؟
لا أظن أن قمة ترامب في الرياض بحد ذاتها هي السبب، ولكن السياسة الأمريكية هي من أرادت وحاولت استغلال تلك القمة بهذا الشكل، فهي التي فتحت الطريق أمام الأزمة، والمواقف الأمريكية التي كانت تراهن عليها تركيا وإيران وتعول عليها في محاولة خلق مشهد جديد باتجاه الحل، جاء معاكساً ومتضارباً مع مصالح العديد من دول المنطقة، وكل الجهود التي تقوم بها تركيا وإيران تحاول أمريكا تجاهلها وفرض مشروعها ورؤيتها الفردية.
إذا كان الموقف الأمريكي يتسق مع المواقف السعودي الإماراتية، فلماذ لم تغلق واشنطن قاعدتها العسكرية في قطر حتى الآن؟
هناك ازدواجية في المعايير ومحاولة تلاعب أمريكي بهذه الأزمة وتضخيمها وتشعيبها لمصلحتها القومية.
ما هو تصوركم للمرحلة القادمة من الأزمة؟
دون نقاش خليجي- خليجي سواء كان بعيداً عن الأضواء أو بوساطات عربية أو إسلامية فلن تكون هناك حلول، بل ستزداد الأمور تعقيداً، وما يقلق هو أن تكون هناك خطوات تصعيدية جديدة ضد قطر رداً على الموقف التركي والإيراني، لذا على وزير الخارجية التركي ألا يعود خلال الساعات القادمة قبل أن يذهب إلى الرياض وإلى دبي بأسرع ما يمكن حتى لا تتطور الأمور لأبعد من ذلك.
أجرى الحوار — أحمد عبد الوهاب