الجميع أصبح يتساءل حول غياب تلك المسلسلات، وطرحت على الفيس بوك نقاشات حول غياب ما يسمى "المسلسلات الدينية"، ولكن معظمها تم ضمن حديث عن شكلها الديني، مما جعل تلك النقاشات بعيدة تماماً عن مضمون فكرة الإنتاج الفني.
وأظن أن تسمية "مسلسلات دينية" خاطئة، فهي مسلسلات تاريخية عن شخصيات دينية، إلا لو نتحدث عن دراما لشرح الفتاوى، شبيهة بمسلسل "سر الأرض" المصري، لشرح الزراعة وأساليبها من خلال الدراما.
وهناك عدة أسباب لعدم انتاج مسلسلات تاريخية:
أولا:غياب التمويل
المسلسلات التاريخية تحتاج ديكورات وملابس مكلفة جداً، وتصوير بشكل مغاير لما يحدث في المسلسلات الاجتماعية العادية، وكذلك جرافيكس، وكل ذلك يحتاج تمويل ضخم جداً.
لا يوجد في جيل الوسط وجيل الشباب من يتقن اللغة العربية، ولو شاهدت المسلسلات الاجتماعية الرمضانية، ستجد من ينطق القاف كاف، والطاء تاء، والثاء سين، والذال زاي، وهم يتحدثون بعامية مصرية عادية، كذلك لو تابعنا في الدراما كيف يتحدثون اللهجة الصعيدية، ويدمجون معها النطق القاهرة لحرف الجيم وغيره، فهم حتى لا يتقنون تقديم لهجة الصعيد، فما بالك بمسلسل تاريخي لا يمكن تقديمه إلا بلغة عربية فصيحة، لا خلل فيها.
ثالثاً: غياب كتاب السيناريو التاريخي
بعد غياب عدد من كتاب السيناريو الذين احترفوا الكتابة التاريخية عن الساحة، مثل يسري الجندي ومحفوظ عبدالرحمن، لا تجد كاتبا يستطيع العمل على سيناريو تاريخي، يحتاج لسنوات من العمل والبحث في المراجع، فمعظم الموجودين حالياً يعملون 3 أشهر فقط في السنة، ويتباهون بما قدموه، وكأنهم كتبوا الإلياذة.
رابعاً: عدم وجود مخرج يستطيع العمل مع سيناريو تاريخي باحترافية
لو شاهدنا مسلسلات رمضان التي تقدم حدثاً من 20 سنة فقط، مثل مسلسل "الزيبق" ستجد أخطاء كارثية، تصل لدرجة الجرائم الدرامية، لأشياء ومنتجات صدرت منذ اقل من 10 سنوات، والمخرج أرادها في عام 1998، فتخيل نفس النموذج من المخرجين يعمل على مسلسل يحكي تاريخ من 1400 سنة.
خامساً: الأزهر والمؤسسات الدينية
يتخوف أي مقبل على عمل تاريخي يتناول شخصية دينية، من ردود فعل الأزهر، الذي أصبح يرفض تماما ظهور الصحابة، رغم ظهورهم في أعمال سابقة، قبل أن يتوغل فيه الفكر الوهابي، ولنا في فيلم الرسالة عبرة، ولكنه رغم منع الأزهر له، جمع 100 مليون دولار في قاعات العرض، رغم أن تكلفته لم تتجاوز وقتها 10 مليون دولار.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)