عقب إصدار مجلس مدني شكلته "قوات سوريا الديمقراطية" من المتوقع أن يحكم مدينة الرقة السورية بعد طرد تنظيم "داعش" منها، قرارا، السبت، بالعفو عن 83 عنصرا من التنظيم في بادرة لحسن النوايا.
دارت حلقة "بوضوح" حول عدد من التساؤلات طرحها هذا الخبر المتداول إعلاميا، والتي أجاب عنها ضيف الحلقة أمين سر مجلس الشعب السوري، الدكتور خالد العبود، الذي قال، إن للدولة السورية أولويتان هامتان، أولاهما، تتمثل في مواجهة الإرهاب على مستوى الداخل السوري، والثانية، تتعلق باقتطاع أي جزء من الوطن السوري والمتمثلة، في أي مخالَفة لدستور البلاد.
وأوضح العبود، "قد نتفهم مكونات، وظروف الشعب السوري في لحظة تاريخية من عمر الوطن، خاصة عندما تحاول تلك المكونات الالتقاء مع الدولة في مواجهة الإرهاب في المفاصل المهددة من الوطن السوري".
وأضاف، " عندها، نتطلع إلى جملة المكونات التي وقفت في مواجهة الإرهاب، على أنه فعل موضوعي يصب في مصلحة الوطن، وفي مواجهة الخطر الإقليمي، والدولي(الارهاب)
وأردف،" وبعد القضاء على الإرهاب، يمكننا النظر إلى هذا التصرف من هذا المكوّن الموجود في "الرقة"- في إشارة لـ"قوات سوريا الديموقراطية"- على أنه مخالفة للدستور، وتجاوز على أولويات وطنية كبيرة".
وعن الإعفاءات التي تتم من حين لآخر لعناصر" داعش"، الذين لم تلطخ أيديهم بدماء السوريين من قبل بعض المكونات المجتمعية، في بعض الجهات السورية ، قال العبود، "تتفهم الإدارة السورية ،ذلك، بهدف استيعاب جميع أبناء الشعب السوري، الذين تورطوا بشكل أو بآخر، نتيجة المخطط الأمريكي الذي استهدف "سوريا" على مدار 7 سنوات".
وقال العبود، إن الدولة السورية تحاول إيجاد مساحات مشتركة بين كافة مكونات الشعب السوري، فالدولة تريد أن تقدم لمواطنيها تفهمها لمدى الضغط المعنوي، والمادي الذي يتعرض له السوريون في ظل الظروف غير الموضوعية التي تمر بها البلاد، كما أنها تتفهم حجم المشروع الذي قادته الإدارة الأمريكية في تضليل الكثير من أبناء الوطن السوري.
وأوضح أمين سر مجلس الشعب السوري، أن الإدارة الأمريكية تدعم هذا العمل، وتحاول الدفع به قدما، حيث أن "تقسيم سوريا لم يعد ضمن أولويات الإدارة الأمريكية اليوم، ليس لعدم رغبة، وإنما لعدم قدرة"، ونتيجة لعدم القدرة الأمريكية على تمرير مشروع التقسيم، فهي تستثمر في هذه المكونات، لربح ورقة تؤهلها أن تكون على طاولة التسويات الإقليمية والدولية، في مواجهة خصومها من الأطراف الروسية، والإيرانية، والسورية.
وأكد الدكتور العبود، على "فهم الإدارة السورية، المحاولات الأمريكية لاستغلال النتوءات، والمكونات الموجودة، داخل الشعب السوري"، من أجل ربح ورقة تؤهلها للحوار الإقليمي، مستقبلا،" مشددا على عدم تفهم الجانب السوري لذلك".
وعن التحضير لانفصال "الرقة"، بتكوين" قوات سوريا الديموقراطية"، مجلسا مدنيا فيها، قال امين سر مجلس الشعب السوري،" الطرف الأمريكي يحاول إغراء "قوات سوريا الديموقراطية"، بذلك، ولكنهم سيكتشفون عما قريب، أنهم كانوا واهمين عندما سلموا للإدارة الأمريكية إمكانية قيادتهم نحو عناوين طائفية، أو مذهبية ، أو عرقية، أو جغرافية، وسيظهر ذلك جليا حينما يتخلى الأمريكان عنهم وقت امتلاك الطرف الأمريكي الورقة التي يواجهون بها الطرف الروسي تحديدا".
وعن الأهمية التي تتمتع بها مدينة "الرقة"، حتى يتم التركيز عليها بهذا الشكل، قال السياسي السوري، "هناك فرق بين نظرتنا لـ"الرقة"، ونظرة الآخر لها".
وأوضح، فـ"الرقة"، تمثل عاصمة لـ"داعش"، على مستوى جغرافية الوطن السوري، وبعد أن سقطت أهداف الطرف الأمريكي في الاستثمار في الفوضى، والإرهاب، فهو يتوجه إلى "الرقة"، من أجل تقديم نفسه على أنه الطرف المنجز في مواجهة الإرهاب- خاصة في ظل اتهامات "ترامب" لـ"أوباما"- أثناء حملته الانتخابية- بأن إدارة الأخير هي من كانت وراء "داعش"، وتعهد "ترامب"، بمواجهة الإرهاب، وبالتالي، فإن أي إنجاز له في "الرقة"، سوف يعلي من أسهم "ترامب"، على مستوى الداخل الأمريكي.
وأضاف، "وكذلك الطرف الأوروبي، الذي طالما اكتوى بنار الإرهاب ويريد أن يقدم نفسه على أنه المخلص من هذا الخطر الإقليمي".
أما استراتيجيا، فراى العبود، أن تركيز الطرف الأمريكي على "الرقة"، يأتي من أجل صرفها في مواجهة الطرف الروسي، الذي طالما تحدث عن شركاء دوليين في حربه على الإرهاب، والذي طالما طالب الولايات المتحدة أن تكون حليفا، وشريكا دوليا له في محاربة الإرهاب على مستوى الداخل السوري، " فوضع "الرقة" الآن أمام نصب عين الأمريكان، هدفه اقتسام عناوين معينة مع الطرف الروسي، على المستويين الدولي، والإقليمي".
واختتم العبود قوله "أما بالنسبة للإدارة السورية، فـ"الرقة"، مثلها مثل أي جزء من تراب الوطن السوري".