يشار إلى أن السلطات الإسرائيلية أعلنت إغلاق كافة أبواب المسجد الأقصى والمنطقة المحيطة به، ومنع دخول المسلمين إليه، عقب عملية إطلاق نار داخل باحات المسجد أدت إلى مقتل اثنين من عناصر الشرطة الإسرائيلية، وثلاثة مسلحين فلسطينيين.
وأعلنت الهيئات الإسلامية والمسيحية في القدس، أنها فقدت السيطرة على المسجد الأقصى بشكل كامل، بفعل الإجراءات الإسرائيلية.
وأكدت الهيئة في بيان صفحي تلقت "سبوتنيك" نسخة عنه، أن كافة الخطوات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية بحق الأقصى ورواده ومرابطيه هي "إجراءات باطلة تمثل اعتداءً صارخاً على المسجد الأقصى".
من جانبه قال المحلل السياسي مصطفى الصواف، "إن الإجراءات الإسرائيلية في القدس ليست جديدة، وهي غير مرتبطة بالعملية التي نفذت في ساحات المسجد الأقصى، فالإجراءات متخذة بشكل مسبق وبقرارات من الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف الصواف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "يجب أن لا نحمِّل الإجراءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى ومدينة القدس لعملية إطلاق النار في الأقصى، فهذ الإجراءات هي النهج الذي تتعامل به إسرائيل مع القضية الفلسطينية، وربما يكون الدافع وراء العملية الإجراءت والتضييق الإسرائيلي في القدس".
وتابع، "على المستوى الرسمي لن نجد رداً عربياً أو إسلامياً يتماشى مع حجم الجريمة المرتكبة من قبل إسرائيل، فالأقصى لأكثر من 45 عاماً وهو يدنس من قبل الاحتلال، ولم يفعل العرب والمسلمين شيئاً، بل إنهم يريدون الآن إقامة علاقات مع إسرائيل".
وأردف الصواف، "على المستوى الشعبي العربي ننتظر شيئاً كبيراً وردة فعل قوية، أما على المستوى الشعبي الفلسطيني فهو كل يوم يقوم بالرد على الإجراءات الإسرائيلية من خلال المواجهات والعمليات والهبات الشعبية".
من جهته استبعد المحلل السياسي طلال عوكل أن يكون هناك انتفاضة فلسطينية شعبية جديدة عقب الإجراءات الإسرائيلية المشددة في القدس، لافتاً إلى أن الانقسام الفلسطيني منع تطوير الانتفاضة السابقة، كما أن السلطة الفلسطينية ليست في وارد السماح أو دعم انتفاضة شعبية.
وقال عوكل في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الانتفاضة مرهونة بقادم الإجراءات الإسرائيلية، فإذا اتخذت إسرائيل من عملية إطلاق النار بالقدس ذريعة لإتخاذ إجراءات تفرض التقسيم الزماني والمكاني في القدس، وتفرض المزيد من الإجراءات القمعية بشأن المسجد الأقصى، أظن أن ذلك سيؤدي إلى اندلاع انتفاضة شعبية جديدة تفجر الأوضاع عموماً".
ولفت إلى وجود بعض المواقف العربية والدولية الحازمة التي تطالب إسرائيل بإعادة فتح المسجد الأقصى فوراً، منوهاً أن الوضع العربي والإسلامي سيكون في حالة حرج شديد إذا واصلت إسرائيل إجراءاتها في القدس، ولم تعد الوضع إلى الحالة الطبيعية في المسجد الأقصى.
وأضاف، "التجربة حتى الآن تفيد بأن إسرائيل لا تستجيب لأي ضغوط، والمجتمع الدولي يدين أي عمل ضد إسرائيل، ويساعدها أن تقدم نفسها بدور الضحية، لذلك من غير المتوقع وجود أي ردود فعل ملزمة لإسرائيل على المستوى الدولي، خاصة في وجود الولايات المتحدة التي تحاول منع صدور أي كلمة ضد إسرائيل".
بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي مخيمر أبو سعدة أن خيارات السلطة الفلسطينية في ملف القدس محدودة وهي وضع لا تحسد عليه، في ظل التناغم غير المسبوق بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، مشيراً إلى أن أي "عمل فلسطيني يؤدي إلى إدانة أمريكية غير مسبوقة".
وأضاف أبو سعدة في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الرئيس الفلسطيني محمود عباس متخوف من أن تؤدي مثل هذه العملية إلى مزيد من التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك بادر في إدانة عملية إطلاق النار التي حدثت في القدس حتى يمتص موجة الغضب الإسرائيلية".
وأكد أن إسرائيل استغلت هذا الحادث لتعزز من سيطرتها على المسجد الأقصى، في رسالة إسرائيلية مفادها أن عمل فلسطيني آخر في باحات المسجد الأقصى سوف يقابل برد إسرائيلي عنيف، أو بخطوات إسرائيلية تصعيدية.
وبالحديث عن إمكانية اندلاع هبة شعبية فلسطينية جديدة جراء الإجراءات الإسرائيلية في القدس، قال أبو سعدة أنه من الصعب حدوث ذلك، فقطاع غزة غارق في أزماته اليومية، والضفة الغربية يشغلها الاستيطان والحواجز، والفلسطينيين داخل إسرائيل سيواجهون بردة فعل عنيفة إذا أقدموا على أيَّة حراك".