سبوتنيك: تقييكم ورأيكم بالنصر الذي تم تحقيقه في الموصل؟ هل هو نهائي؟
كل الذي يراقب العمليات وبسبب ظروف وجغرافية ووضع مدينة الموصل كمركز محافظة، كان يدرك أن القتال سيكون صعبا والتحرير سيكون صعبا، سيما أن الموصل تنفتح على سوريا وعلى كردستان، وكردستان لها موقف سلبي من العمليات، وطبيعة المدينة وكثافتها السكانية وحرص القوات المسلحة على ألاّ يحصل تدمير أكثر مما هي ضرورة الحرب، وكان الكل يتنبأ لها أنها ستأخذ فترة أطول، وبالفعل أخذت فترة 9 أشهر كان بالإمكان تطويق المدينة، لكن المشكلة أن الشعب الموجود كان سيتضرر، لذلك كانت القضية بين حماية الشعب الموجود من العمليات وبين حمايتهم من الجوع، العمليات أخذت طابعا صعبا، يضاف إلى ذلك أنهم متحصنون في المدينة وعادة القتال في المدن صعب ليس كما في المناطق المكشوفة.
حصلت خسائر مدنية، حصلت خسائر عسكرية كبيرة بصراحة ما يقرب من 20 ألفا بين شهيد وجريح من القوات المسلحة والجيش والشرطة سقطوا في هذه العمليات، لكن استبسل الحشد الشعبي والجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تمكنوا من تحقيق النصر، ولكن بالحقيقة النصر ليس النصر النهائي، الجيوب لا تزال موجودة والمدينة لا تزال تنفتح على تداعيات بعد تحريرها بسبب طبيعة الخريطة السكانية فيها عرب كرد تركمان مسلمين وسنة ويزيديين…هذه ستكون من الصعوبات التي ستأتي بعد الحرب ولعلها ستزيد عن صعوبات الحرب سيما وجود أطماع لرئيس إقليم كردستان في التمدد على الموصل وعلى مناطق تعتبر من أثرى مناطق العراق نفطا هي مناطق الشيخان وشمال شرق الموصل التي فيها 22 مليار برميل نفط.
بعد التحرير هناك أولويات إدامة التطهير، لأن الموصل كمدينة حسمت تقريبا، وإن كان لا تزال جيوب وقتال وردود فعل حتى أمس، ولكن لن تستطيع أن تستعيد عمليات السيطرة، هذه مقاومات انتحارية، ولكن لا تزال عندنا تلعفر وهي مدينة مهمة وخطيرة وصعبة، لا تزال عنا الحويجة فمنطقة الحويجة صعبة ومعقدة وعلى شمالها الكرد وهم لا يسمحون للحشد الشعبي بالدخول، وهناك تعقيدات.
يتبقى أيضا المناطق المحاذية للحدود السورية التي تنقسم قسمين، قسم من سوريا وقسم من العراق وهذا التداخل الموجود بين فصائل الإرهابيين وداعش الموجودة في الدولتين، وذلك بالإضافة إلى الخلايا النائمة في ديالا، يعني النصر تحقق، ولكن ليس النصر النهائي، هناك بعض الجيوب، وبعض الأفكار التي تنتج متطرفين موجودة، لذلك من أولوياتنا إدانة التطهير وإعادة بناء الجيش والشرطة والحشد الشعبي وفق أسس وطنية سليمة. من أولوياتنا الأشد بعد الانتصار العسكري الذي ينبغي أن يستكمل هو إعادة ترميم العملية السياسية، وإذا ما ترممت العملية السياسية وبقيت الفتنة موجودة بين السنّة والشيعة، والسنّة على خطهم دول والشيعة على خطهم دول، ستبقى هذه ظروف مواتية لإنتاج داعش جديد بلون جديد بأفكار جديدة، قد تكون داعش مؤامرات وتقسيم…بدت شعارات التقسيم ترتفع في كردستان وفي المنطقة الغربية عندنا تحديات أخرى
وضعنا خططا لتسوية العمليات السياسية والعلاقات والدولة عليها أن تضع خططا لإعادة بنية الجيش والاستمرار في عملية التطهير والمهم هو إعادة النازحين وبناء المنازل التي تدمرت، لا يمكن أن نقول انتصرنا إن لم نرجع العوائل التي تضررت إلى مناطق سكنها بعد بنائها وتوفير الحياة الكريمة لهم ونتمنى عليهم أن الذين تسببوا في ما وصلوا إليه من مأساة من السياسيين ألا يكون لهم دور في الحياة القادمة…
أملنا هو بوعي الشعب في مناطقنا الغربية كبير جدا الذين رفضوا وقالوا لن نعود مرة أخرى إلى الذين تسببوا في ما وصلنا إليه.
سبوتنيك: أشرتم إلى أن أهم ما بعد الحرب هو التطهير، بكم تقدّرون حجم الخلايا النائمة للجماعات المتطرفة في المناطق التي تم تحريرها في نينوى وفي تكريت وفي عدة مناطق أخرى؟
أعتبر الحرب محسومة عسكريا ولكن غير محسومة أمنيا، وهناك فرق بين الوضع الأمني والوضع العسكري، الوضع الأمني ربما خلايا في بغداد وتتحرك وتفجر كما فجرت في الكرادة وفجرت في كربلاء… الوضع العسكري لا قلق منه، داعش لا تستطيع ان تتقدم او ان تحتل او ان تبقى في المناطق المحتلة، انما الوضع الأمني والخلايا النائمة وفكرة الذئاب المنفردة التي تعمل بها او عملت بها داعش، ولكن مع ذلك اعتقد الأخطر ليس التطهير، التطهير سيتم، الأخطر هو بقاء العملية السياسية منشطرة بهذا الانشطار الطائفي، والأخطر هو دخول أسباب كانت خلف الأزمة في العراق عادت ودخلت وتخندقت مع المكون السني وأعطت رسالة مؤسفة، وأنا قلت لإخواننا السنة ولرئيس البرلمان انتم تخندقتم تخندقا في ظرف خطأ وكأنكم اعطيتم رسالة للشيعة نحن مع تخندقنا مع هذه الدول اذهبوا انتم وتخندقوا مع إيران، نحن لا نريد ان نتخندق لا مع إيران ولا مع الدول العربية، نريد إيران صديقة والدول العربية أصدقاء، نريد ان نحسم قضايانا ونطهر ارضنا ونقضي على الإرهاب وعلى التطرف الفكري.
دعونا نحن نعالج قضايانا ونستفيد من التجربة، وخير الشعوب هو الشعب الذي يستفيد من تجربته سواء كانت سلبية او ايجابية، نحن مررنا بتجربة ايجابية لو ما انسجمنا عام 2011 و2012 كيف استقر العراق وانفتحت الحدود وبدأت حملة الإعمار الواسع على مختلف المستويات وكيف عندما انتكسنا بسبب الأحداث في سوريا تدمر كل ما تبنيناه.
سبوتنيك: ما أعداد عناصر "داعش" التي تم تصفيتها؟ بعضهم يقدرون عدد من قتل من عناصر "داعش" بنحو ألفين أو 3 آلاف مقاتل.
العدد قد يزيد عن 3 آلاف يصل إلى 5 آلاف
سبوتنيك: الذين قضي عليهم؟
وبخصوص ما حصل في الموصل وصلاح الدين والأنبار هي ان أهل المحافظات المذكورة جرى استغلالهم من قبل بعض السياسيين المرتبطين بأجندات خارجية وجرى استخدامهم طائفيا وتم دفعهم بالتنسيق مع زعماء بعض العشائر الى الوقوف ضد الدولة وحصل ما حصل، البعض لا يزال متخفي والبعض خرج ويا النازحين، ولكن الذين قضي عليهم اكثر من ألفين أو 3 آلاف، نعم. ولكن في الحقيقة الذي حصل في صلاح الدين والأنبار والموصل هو ليس من داعش وانا اقولها لكي نستفيد منها، انما أهل الموصل هم الذين اسقطوا الموصل بمؤامرة بين بقايا حزب البعث والمحافظة والحكومة المحلية والمسؤول بارزاني من اقليم كردستان وثوار العشائر، وهذا يعني ان الذين حصلت بهم هذه الموجة الكبيرة من الهجوم على بغداد والمحافظات هو الشعب وليس داعش.
داعش لم تكن موجودة عندما سقطت صلاح الدين، انما اهل وعشائر صلاح الدين هي من أسقطتها… وجريمة سبايكر لم تنفذها داعش انما هذه العشائر، لم تكن داعش داخلة الى صلاح الدين، وفي الموصل كذلك، تمت عملية تسليم السلاح والاستسلام قبل ان يصل شيء من داعش من سوريا، لذلك عندما نتحدث عن حجم القاعدة الموجودة هو حجم محدود، انما نتحدث عن مؤامرة كبرى واضحة المعالم من منصات الاعتصام هذه الاعتصامات التي كانت في الفلوجة والخيم…
سبوتنيك: ما هي أسباب ذلك والشكل من التصرف في محافظات معينة غالبيتها سنّة؟
هذا واضح لا يحتاج الى مزيد من التأمل لنعرف السبب. العراق تاريخيا محكوم من اخواننا السنة عبر تاريخ الدولة العراقية، لأول مرة من تاريخ العراق اصبح الشيعة شركاء في الحكم وليس حكاما فقط، لأن اذا حسبنا السنة الكرد والعرب يكونون اكثر من 60 في المائة، يعني 65 في المائة موجودين في الدولة من رئيس الجمهورية الى رئيس البرلمان الى الوزارات. هذا المستجد لم تتلقاه الكثير من القوى السنية والعلماء بقبول… الخلفية كانت كلها طائفية، الفتاوي التي صدرت من العلماء السعوديين او حتى القرضاوي او امثال قرضاوي كلها خلفياتها طائفية انه اخرجوا من بغداد.
لذلك الانتفاضة كانت على كل المساحة السنية، السنة في بغداد لم ينتفضوا لانهم مثقفون ويعيشون في سلام مع اخوانهم الشيعة والمسيحيين، اما بقية المناطق الاخرى تحرك 90 بالمائة منها على هذه الخلفية، التخطيط الموجود ان نظام بشار الأسد يسقط ويكون خليفة بشار الأسد النصرة والقاعدة والجيش الحر على خلفية طائفية، والمنطقة الحدودية بين العراق وسوريا كلها سنة، المنطقة الغربية، فيزحفون من سوريا الى المنطقة الغربية الأنبار ومنها الى بغداد ليسقطوا الحكم في العراق ويعيدون حسب تصريحهم الحكم السني، الخلفية كلها طائفية، وهناك ادلة وتصريحات على المنصات ومن قبل علماء موجودين منهم يفتون بهذه الفتوى، كبار علمائهم يفتون بقتل الشيعة.
سبوتنيك: لماذا لم يحاسب هؤلاء الأشخاص؟
هؤلاء بسبب توجههم الطائفي تبنوا حركات عسكرية طائفية كما حماس وفيلق أبو بكر وفيلق المجاهدين وأنصار السنة، شكلوا 23 تنظيما مسلحا، وانكشفت ممارساتهم بالقتل والتفجير، لذلك أحيلوا الى المحاكم، ومنهم من هرب، وحتى الضباط الذين خانوا في الموصل وسلموا الموصل أحيلوا الى القضاء وسلموا الى المحاكم وحكم عليهم بالإعدام، ولكن للأسف الشديد لم ينفذ بحقهم شيء انما عاد بعضهم الى الخدمة العسكرية.
نحن قرارنا تبقى المطالبة بمحاكمة كل من تسبب بمعاناة اهلنا في المنطقة الغربية من السنة، وكل من اثار موجة الحكم الطائفي…
الآن عاد الوعي الى اخواننا السنة ورفضوا هذه الشخصيات والدليل عندما جاءت الدول الخمس قطر والإمارات والسعودية والأردن وتركيا، وتحت عنوان دعم السنة في العراق جاؤوا بنفس الوجوه، والذي اعترض عليهم نفس السنة نظموا مؤتمرا قبل مؤتمرهم، هناك اعتراض سني على هذه الوجوه التي أثارت الفتنة.
سبوتنيك: في الموصل كان للحشد الشعبي دور كبير، كيف تقيمون دور الحشد الشعبي في هذه المعركة؟
الحشد الشعبي أقولها للتاريخ والجهود لولا الحشد الشعبي لسقطت بغداد، لأن جميع وحدات الجيش تقريبا انهارت على خلفية طائفية، انسحب الأكراد منها والسنة، والجيش لما ينسحب منه حوالي 40 في بالمائة يسقط، من حمى بغداد والعراق هو الحشد الشعبي سواء كان في الانبار، طبعا الانبار سقطت بعد ان خرجت من رئاسة الوزراء، وفي زمن الحكومة الجديدة وفي زمن وجود 63 دولة غفي التحالف سقطت الرمادي، الجيش انسحب منها وسقطت، الذي حررها مرة اخرى هو الحشد الشعبي، الذي حرر صلاح الدين هو الحشد الشعبي… له الدور الأكبر في عملية التحرير.
سبوتنيك: مازالت دول مثل الولايات المتحدة وهي الدولة المؤسسة التي تقود التحالف ضد "داعش" تصنف الحشد الشعبي كمنظمة إرهابية، كيف ترى هذا التخبط في هذا القرار؟
ليس من حقهم أن يتحدثوا عن قوة وطنية عراقية من أبناء العراق قدموا بالموصل فقط 20 ألف شهيد وجريح، تتحدث عنهم كإرهابيين، ولا يحق لدولة أن تتحدث على الحشد الشعبي على أنه طائفي، لو كان طائفيا لكان سيطر على تكريت وسكّن فيها ناس وطلّع الناس، ما كان رجعها لأهلها، ولكان سيطر على الرمادي والمناطق الأخرى. الحشد الشعبي، حشد وطني، تحمل مسؤوليته، وما تحرك بلا قرار الحشد الشعبي، تحرك بقرار مني وبأمر ديواني أنا شكلته وسلحته، ولولا الحشد الشعبي ما بقي أحد لا شيعة ولا سنة، أما أن تأتي دولة لحسابات سياسية ولمصالح سياسية، ولرؤى في إعادة ترسيم خريطة المنطقة تتهم قوى وطنية مثل الحشد الشعبي بأنها إرهابية لا نقبل منهم ذلك أبدا. الحشد حشدنا ونعتز به.
سبوتنيك: ولماذا اختير الحشد الشعبي للوقوف لتأمين الحدود العراقية السورية؟ هل لقوته وتماسكه؟ وما حجم التنسيق بين الحكومة العراقية والحكومة السورية في مجال تأمين الحدود؟
الحقيقة مادام الإرهاب موجود في سوريا وداعش تبقى هذه المحافظات والمناطق الحدودية قلقة ومهددة، ومن تدابير المعركة أن تُغلق الحدود حتى يتوقف التدفق من السلاح والرجال، سواء إن كانوا سوريين أو عبر سوريا من دول أخرى حتى القوقاز والشيشان وحتى من أفغانستان، فلا بد من غلق الحدود، هذا أولا. لذلك الحشد الشعبي، توجه بشكل مسؤول وأخذ هذه المنطقة الخطيرة من الحدود العراقية السورية.
ثانيا، معبر التنف الذي هو سوري ويقابله معبر الوليد العراقي كانت هناك نوايا أن يتحول إلى قاعدة عسكرية في هذه المنطقة، وإغلاق الحدود الرسمية بيننا وبين سوريا، ونحن لا نريد للحدود أن تنغلق بيننا وبين سوريا، ولذلك الحشد الشعبي لكي يبقي الحدود مفتوحة أولاً، ولكي يمنع تسلل الإرهابيين، ثانياً. تحرك إلى هذه الحدود وسيطر عليها ولن ينسحب منها ولن يسمح بإقامة قواعد أخرى في هذه المنطقة.
سبوتنيك: أنتم ترفضون بشكل قاطع إقامة القاعدة الأمريكية في التنف؟
طبيعي، التنف سورية، ولكن نحن نرفضها بالوليد، المزاج الشعبي العراقي يرفض إقامة قواعد أجنبية على أرضه، الشعب العراقي ليس مثل كوريا واليابان يرحب بقواعد أميركية، الشعب العراقي فيه مرجعية وعلماء وعتبات مقدسة، مزاج العراقيين فيه عشائر وأمجاد والعزة والكرامة ترفض وجود قواعد أجنبية، وأنا قلت لأميركا ليس من مصلحتكم العودة لبناء قواعدكم، راح تنضربون مرة أخرى، وتُدخلونا في مواجهة تحت عنوان محتل وإخراج محتل، الشعب العراقي يرفض وجود قواعد عسكرية على أرضه، أما أن تكون قواعد عسكرية في أرض الآخرين فهذه مسؤوليتهم.
سبوتنيك: في هذا الموقف، هل ترى تغيرا في الإدارة الأميركية الجديدة عن ما قبلها، وكيف تقيم هذه الإدارة الجديدة فيما يخص العراق والمنطقة المحيطة؟
سأشير إلى أحد مواقف الإدارة الجديدة المتعلق بالإرهاب وداعش والعلاقة بيننا، الإدارة السابقة كانت متهمة ومسؤولة عن مجيء داعش، ورغم وجود اتفاقية بيننا وبينهم، اتفاقية شراكة أمنية بيننا رفضوا يعطونا حتى طائرة من الطائرات التي اشتريناها منهم لضرب الجزيرة حتى لا تدخل داعش، وترامب هو الذي فضح دور الإدارة السابقة في تشكيل داعش ودفعهم لهذه المناطق، وكانوا يشتركون في غرف العمليات. الإدارة السابقة تتحمل مسؤولية كبيرة جدًا عن وجود ودخول داعش والآثار التي ترتبت على ذلك، وهذا الكلام يقوله ترامب ويتهم أوباما، وأنا على ذلك شاهد. داعش لم تأتي من فراغ، داعش تشبه طالبان التي شكلتها الإدارة الأمريكية لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان زمان، كذلك هذه جاءوا بها لمواجهة موقف الحكومة العراقية التي رفضت أن تفرض الحصار على سوريا، ورفضت منع الطيران على سوريا، ورفضت وجود قواعد أمريكية، ذلك كانت معاقبة للحكومة العراقية مجيء داعش، إدارة ترامب كانت أكثر جدية في ملاحقة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وتحدثت كثيرا عن مسؤولية الإدارة السابقة والحكومة السابقة، وربما حسوا بما كنت أقول إن الإرهاب يحتاج إلى حرب عالمية وإلا سيتسع، وفعلا اتسع وصار يضرب بأميركا وبلجيكا وفرنسا والمناطق الأخرى، فجاءوا دفاعا عن أنفسهم ودفاعا عن العالم الموجود.
عموماً في هذا الجانب، تتميز الإدارة الجديدة عن الإدارة السابقة في موقف صارم وجاد تجاه الإرهاب، ويعتبرون ويصرحون مع الأسف أيضا وهذا أرفضه، أن هذا الانتصار انتصارهم وأن الحرب هم من قادوها، لكن الحقيقة أن هذا الانتصار للجيش العراقي، هم دعموا طيرانهم دعما لكنه يبقى الجهد الأكبر تحمله الجندي العراقي والحشد الشعبي وطيران الجيش العراقي.
بالنسبة للقضايا الأخرى، الحقيقة أنا إلى الآن لا أملك صورة واضحة عن استراتيجية الإدارة الجديدة، وسألت هذا السؤال، ما هي استراتيجيتكم، قالوا إلى الآن لا تكتمل لدينا استراتيجية، لأنه إلى الآن المواقع المسؤولة بالدولة لم تكتمل، لذلك نحن ننتظر ما هي استراتيجية الإدارة الجديدة بالنسبة للمنطقة، سوريا والعراق وفلسطين ومصر.
سبوتنيك: لكنهم بدأوا بإجراء غريب وهو منع جزءا من المواطنين العراقيين من دخول الولايات المتحدة، هل تجدون هذا اتهاما للشعب العراقي؟
رفعوا هذا المنع الذي وضعوه على 7 دول، رفعوه عن العراق، وهذا من السياسيات التي نستطيع أن نقول عنها أنها غير مقبولة وغير معقولة، معاقبة الشعوب لا ينبغي أن تكون من قبل دولة هي رائدة الديمقراطية في العالم.
سبوتنيك: بالنسبة إلى الدور الروسي خاصة في سوريا، كيف ترون هذا الدور في سوريا، وما الذي تتطلعون إليه في العراق من الدور الروسي؟
قلتها من قبل وأكررها الآن، لولا الموقف الروسي لانهارت المنطقة برمتها، ولكانت في المنطقة خريطة جديدة غريبة وعجيبة، ولانتهكت فيها كل السيادة والكرامة وحقوق الشعب، لولا الموقف الروسي في مجلس الأمن الذي رفض ضرب سوريا، وإسقاطها على طريقة ضرب القذافي وإسقاط النظام في ليبيا، لولا الموقف الروسي الذي تبنى القضية السورية في مقابل ما تبنته أمريكا، لسقط النظام في سوريا، وبسقوط النظام في سوريا ينتعش الإرهاب والإرهابيون، وتتغير الخريطة وتسقط بغداد.
قلت للروس وللصينين، موقفكم المعقول دوليا هو الذي حمى المنطقة من الانهيار، ومازال الموقف الروسي هو الحامي للمنطقة من الانهيار، وأتمنى وأنا عندي زيارة قريبة إلى روسيا، أن يكون لروسيا الاتحادية والسيد بوتين نفس الدور الذي يقف إلى جنب العراق في دعم سيادته ووحدة أراضيه وشعبه ومنع التدخلات ومنع اتخاذ قرارات مضرة بسيادة العراق.
سبوتنيك: ما أبرز المحاور التي تتضمنها زيارتكم إلى موسكو؟
سنتحدث في قضايا استراتيجية أساسية كنا ناقشناها يوم كنت رئيس وزراء، حينما انفتحت على روسيا، وفتحت الآفاق معهم على مستوى التسليح والمستوى السياسي، ومستوى الطاقة والنفط، والتبادل الاقتصادي، ولأهمية روسيا في المنطقة وضرورة إيجاد حالة من الاستقرار والتوازن، ستكون الزيارة التي ألتقي فيها بأعلى المسؤولين بدءا من السيد بوتين ووزير الخارجية والسيدة رئيسة مجلس الاتحاد، ستتركز على ضرورة تفعيل الدور الروسي في المنطقة وفي العراق بالذات وتفعيل الآفاق الاقتصادية بين البلدين فيما يتعلق بالكهرباء والطاقة والتجارة، كذلك أيضا سيكون الحديث عن تسليح الجيش العراقي، ونريد للجيش العراقي أن يكون عنده أيضاً سلاح روسي، لأن السلاح الروسي هو من تدرب عليه الجيش العراقي، ويعرفه جيدا.
سبوتنيك: هل هناك صفقات اقتصادية محددة؟
هكذا نريد أن نؤسس لمثل هكذا اتفاقات في المرحلة المقبلة، قد يكون الآن هناك صعوبات للحكومة، ولكن نريد علاقة استراتيجية ثابتة ودائمة، فيها عقود اقتصادية وتعمير ومشاركة وسلاح وحضور سياسي بالنسبة لروسيا في العراق.
سبوتنيك: فيما يخص إقليم كردستان، أكثر من مرّة هدد الإقليم بإجراء استفتاء على استقلاله — هل ترى جدّية هذه المرة؟
مسعود البرزاني عنده أحلام تراوده دائماً وهو رجل لا يحسب حسابات الواقع إنما يعيش أحلاما، وتصدر عنه مواقف خطيرة على الشعب الكردي والعراقي كلاهما. إنّ الحدود يرسمها دم، وهو يعلم أن البشمركة لم يكن له أي دور في عملية مواجهة داعش، وأربيل سقطت لولا الطيران الإيراني والعراقي والأميركي. ليست لديهم قوة حقيقية ولكنه يريد أن يستثمر نتائج العمليات ونتائج داعش وفراغ المنطقة وانشغال القوات العراقية بملاحقة داعش والإرهابيين.
مسعود تراوده أحلام الدولة الكبرى وليس دولة فقط في العراق، وإنما دولة كوردستان الكبرى في تركيا وإيران والعراق وهو جاهد في الوصول إلى هذا الهدف، لكنه لم يحسب حسابات الواقع، وليس كل خطوة تريد أن تنفذها إسرائيل تستطيع أن تنفذها في العراق. كوردستان غير قابلة أن تكون دولة منفصلة لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الدستورية. الكورد قرروا مصيرهم حين استفتوا على الدستور حين قرر أن العراق جمهورية اتحادية فدرالية. وليس من حقهم كل يوم تقرير مصير. من الناحية الدستورية عملهم مرفوض ولا يمكن القبول به ومن الناحية الواقعية، ربما يصير الاستفتاء ولكن غير ممكن أن تنفصل كوردستان.
سبوتنيك: لقد تكلمت من قبل على دور تركيا في دعم البيشمركة أو التسبب في مرور آلاف المقاتلين الأجانب إلى داعش — كيف ترى الموقف التركي الآن في ظل الاتهامات من كافة الدول في المنطقة؟
الموقف التركي في الأزمة التي مرّ بها العراق قبل دخول داعش وقبل الاعتصمات، كان دور سلبي، وكان دور محفز طائفياً وكان يعمل على تكتيل المكون السني ضد الحكومة. وأنا تحدثت مع السيد أردوغان في زيارتي وقلت له سفيركم يتصرف كأنه المندوب السامي ومبعوث الخليفة العثماني ورحّلنا ذاك السفير وجاء سفير آخر وعلى نفس الغرار يتصرفون. يتصرفون وكأن العراق لا يزال تحت إشراف الدولة العثمانية أو أنّه الحديقة الخلفية لدولة تركيا. وكان لهم دور كبير في تحفيز الأخوة السنة الذين قاموا بالاحتجاجات والاعتصامات ضد الحكومة. وكانوا يعتقدون أنهم يستطعون إسقاط العملية السياسية والسيطرة على العراق من خلال اتباعهم والمكونات التابعة لهم. وكانت هناك أحلام بعيدة عن الواقع لكنها قد تسببت بالكثير من المآسي التي مرّت بنا. النقطة الأخرى التي تبرهن على التوجهات السلبية للإدراة التركية، هو الاحتفاظ بوجود للقوات التركية على الأرض العراقية بأي مجوّز بأي خلفية، يتحدثون عن الماضي، ويتحدثون أن الموصل تابعة لتركيا، والآن يعملون على أن تكون الموصل تركية، طبعا حين نقول الموصل يعني تشمل إربيل والسليمانية وكركوك. توجد أحلام، وتوجد طموحات تركيا بالعراق وبشمال العراق بالحقيقة، لا يزالون يعملون عليها، ولكنهم اضعف من أن يحققوا هذه الأحلام.
سبوتنيك: لكنهم يقومون بضربات بين الحين والآخر داخل الأراضي العراقية
تحت عنوان ضرب مقرات قوات بي كا كا (حزب العمال الكوردستاني)، والحقيقة ليست ضرب للقوات العراقية أو المدن العراقية، نعم قد تصيب بعض القرى الكردية وبعض المدنيين الأبرياء، لكن عنوان ضرباتهم هو ضرب مقرات حزب العمال الكوردستاني.
لكن الشي المؤكد أنهم بعثوا بقوات إلى معسكر بعشيقة وهو موجودون والأكثر من هذا، لماذا لم تحرر تلعفر؟ تركيا ترفض، الأميركيين يطلبون من الحكومة العراقية والقوات العراقية لا تذهب إلى تلعفر لماذا؟ يُخشى من رد فعل أردوغان، خوفاً من أن يعمل إشكالاً.
الاعتراض المعلن هو على مشاركة الحشد الشعبي وليس تحرير المنطقة
يعترضون على الحشد الشعبي قطعاً، ولكنهم يعترضون على تعامل القوات العراقية مع تلعفر إلا عبر تفاهم تركي.
سبوتنيك: لماذا بالتحديد هذه المنطقة؟
لأنهم من تركمان ويعتبروهم من رعاياهم.
سبوتنيك: في النهاية…ما هي خطتكم للانتخابات البرلمانية المقبلة، وهل تم تحديد موعد للانتخابات؟
انتخابات المحافظات تأجلت كان موعدها المقرر نيسان/أبريل الماضي، تأجلت إلى أيلول/سبتمبر، وأيضا غير قابلة للتنفيذ وستجتمع انتخابات مجالس المحافظات مع انتخابات البرلمان في نهاية الشهر الرابع من عام 2018، أي بعد 10 أشهر.
هناك محاولات لتعطيل الانتخابات، لكن تأخير الانتخابات عمل خطير جدا، ويجعل العراق يعيش حالة فراغ دستوري، لا حكومة ولا برلمان وهنا تبدأ أزمة كيف سيدار العراق، يخططون لحكومة طوارئ أو تدخلات دولية، ولكن نحن نرفض ونصر على إجراء الانتخابات في وقتها.
مشروعنا لإصلاح الوضع الحقيقي، هذه الدعايات التي سمعناها عن الإصلاح بالحقيقة لن يتحقق منها أي شيء في الواقع.
سبوتنيك: الحكومة الحالية اتخذت قرارا بتأجيل الانتخابات؟
لا، الحكومة لم تتخذ هذا القرار، وإنما بعض السنة يريدون، بعض الدول الإقليمية تريد، بعض الشيعة يريدون، لكن الحكومة لا تتحدث عن التأجيل بل تتحدث عن إجراء الانتخابات في موعدها، لكن إذا أرادت هذه القوى أن تضرب عن الانتخابات طبعا ستتأجل.
العراق يحتاج إلى إصلاحات الآن. ليست قضية "داعش" وانتهت، ما هو أخطر من داعش بقاء حالة عدم الوفاق السياسي بين مكونات الشعب العراقي، وبالذات مع السنة، وإذا لم تنحل مشكلة السنة لن تنحل مشكلة العراق.
لذلك الإصلاحات التي نحتاجها هي خدمات للإعمار للبناء للاستقرار، وإيجاد حل لمشكلة النظام السياسي. هذا النظام السياسي فاسد، النظام المعمول به منذ سقوط صدام هو نظام فاسد قائم على نظام المحاصصة تحت عنوان الشراكة، والمحاصصة لا تبني بلدا.
مشروعنا للانتخابات المقبلة هو الأغلبية السياسية وليست الشراكة والمحاصصة، أغلبية وطنية سياسية يلتقي في إطارها شيعة وسنة وعرب وكورد ومسيحيون ومسلمون وشبك ويزيديون وتركمان، هذا هو الحل الذي نعمل من أجله، ونعمل بالمقدمات اللازمة في الانتخابات لتحقيق الأغلبية. فالأغلبية تعطينا حكومة قوية، خلفها برلمان منسجم قوي تستطيع أن تتقدم خطوات على طريق الإصلاح الحقيقي وتحقيق الاستقرار والاستفادة من ثروات العراق في عملية الإعمار والبناء.
أجرى الحوار: سارة نورالدين