بيروت — سبوتنيك. وقالت مصادر ميدانية، لـ"سبوتنيك"، إن الحزب "نجح في السيطرة على مزيد من المواقع "جبهة النصرة" على امتداد خط المواجهة، بين جرود بلدة فليطا السورية، وجرود بلدة عرسال اللبنانية، لافتاً إلى أن ذلك يشمل ما يقارب 65 إلى 70 بالمئة من مناطق سيطرة المسلّحين على هذه المناطق".
ووفقاً للمصادر فإن المعارك التي يخوضها "حزب الله" في إطار ما يسمّيه "معركة تطهير جرود عرسال من الإرهابيين"، حققت حتى الآن ما يتجاوز الأهداف المحددة لها، في ثلاثة أيام، مشيراً إلى أن المواجهات تتركز حالياً عند المعاقل الأخيرة للمسلحين في منطقة وادي الخيل والملاهي، وهي تعد المعقل الأساسي لـ"جبهة النصرة" في جرود عرسال، والنقطة الأقرب إلى البلدة.
وأشارت المصادر الميدانية إلى أن "حزب الله" بات قادراً على السيطرة النارية على كافة على المعابر المؤدية إلى عرسال، ما يخفف الخطر عن البلدة وأهلها.
وفي موازاة ذلك، يواصل الجيش اللبناني اجراءاته لمنع تسلل الإرهابيين غرباً، حيث يقوم برصد كل التحرّكات، والتعامل مع الأهداف المتحركة المشبوهة.
واستهدفت مدفعية الجيش اللبناني مجموعة من المسلحين في ضهر الصفا حاولت التسلل قرب مراكزه في عرسال.
وقال "الإعلام الحربي" التابع لـ"حزب الله" إن مقاتليه تمكنوا من السيطرة على مزيد من المرتفعات والمواقع التي كانت تضم تحصينات لمسلحي "جبهة النصرة" في جرود عرسال.
وبالإضافة إلى وادي العويني، سيطر "حزب الله" على مرتفع شعبة القلعة في شرق جرود عرسال، وهو يعد اعلى مرتفع في هذه المنطقة (2350 متراً)، ويشر فعلى واجدي الدب ووادي الريحان، اللذين أصبحا تحت السيطرة النارية.
وفي وقت سابق، أعلن "الإعلام الحربي" عن سيطرة "حزب الله" على قرنة وادي الخيل ومرتفع قرنة القنزح في جرود عرسال، بعد مواجهات عنيفة مع مسلحي "جبهة النصرة"، إلى جانب مرتفعات أخرى، أبرزها شهر الصفا وضليل اليل والأزابة.
كذلك، أكد "الاعلام الحربي" أن مقاتلي "حزب الله" سيطروا على مقر قيادة عمليات "جبهة النصرة" في حقاب الخيل شرق جرد عرسال، والمعروف بـ"مقر عمر".
إلى ذلك، أشارت المصادر الميدانية إلى أن جرود فليطا باتت مؤمنة بشكل كبير، بعدما فقدت "جبهة النصرة" كافة مواقعها، في هذا المحور، ولا سيما بعد سيطرة "حزب الله" على وادي العويني، أحد المعاقل الرئيسية للمسلحين، والذي بات بحكم الساقط عسكرياً، منذ مساء يوم أمس.
وبحسب المصادر الميدانية، التي تحدثت إلى "سبوتنيك"، فإن أجواء من التخبط في صفوف مسلحي "جبهة النصرة"، مشيرة إلى أن حالة من الانهيار السريع حدثت في الكثير من المواقع.
وتعزو المصادر الميدانية هذا التقدم السريع لـ"حزب الله"، الذي بدا أنه امتلك زمام المبادرة، منذ الساعات الأولى من العملية العسكرية الشاملة، إلى جملة عوامل أبرزها الاستناد إلى خطة متكاملة، بناء على عمليات رصد واستطلاع دقيقة لمواقع "جبهة النصرة" و"داعش"، والتمهيد الناري الذي شلّ حركة المسلحين بشكل كبير، خصوصاً بعد تدخل الطيران السوري من خلال سلسلة غارات شنها على مواقعهم خلال الأيام السابقة لانطلاق المعارك، فضلاً عن التنسيق الوثيق بين "حزب الله" والجيش اللبناني، الذي نجح في ضبط الجهة الغربية من جرود عرسال، برغم عدم انخراطه المباشر في العمليات القتالية. وتتوقع المصادر أن تتركز المعارك الأخيرة في منطقة وادي حميد والملاهي المحاذية لبلدة عرسال حيث لن يكون أمامهم سوى الانضمام إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" أو القتال حتى اللحظة الأخيرة.
وأشارت المصادر إلى ان هدف المرحلة الثالثة من "معركة تطهير جرود عرسال" تتمثل في السيطرة الكاملة على وادي الخيل، الذي تفيد المعلومات بأن وحدات المشاة في "حزب الله" بدأت بالفعل عملية اقتحامه، ما يجعل المناطق الباقية تحت قبضة "جبهة النصرة" مقسمة إلى شطرين شرقي وآخر غربي، وهو ما يقطع خطوط الامداد بين المسلحين، ويشتت قدرتهم على المقاومة.
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن عشرات المسلحين المنتمين إلى فصيل يعرف باسم "سرايا أهل الشام"، التابع لـ"الجيش السوري الحر"، انسحبوا من جرد عرسال، إلى مخيمات النازحين في منطقة وادي حميد والملاهي، مشيرة الى أن ذلك تمّ بناء على تنسيق مع "حزب الله".
ومن شأن ذلك أن يسهّل على "حز ب الله" مهمة التقدم في المحور الأوسط من الجرود.
وقدرت المصادر الميدانية رقعة سيطرة "حزب الله" على منطقة العمليات بنحو 180 كيلومتراً مربعاً، من أصل 300 كيلومتر مربع، وذلك بحسب خرائط السيطرة الميدانية التي وزعها "حزب الله" قبل بدء العمليات العسكرية، وفي يومها الثالث، ولكنها توقعت تزايد حدّة القتال في الساعات المقبلة، خصوصاً أن المسلحين باتوا محصورين في رقعة ضيقة، بعد فقدانهم الكثير من المواقع المحصنة، خلال الأيام الثلاثة من المعارك، وربما تفضل القتال الى اللحظة الاخيرة، ما لم يتم التوصل الى تسوية ينسحبون بموجبها إلى محافظة إدلب في سوريا.
وكانت المفاوضات بشأن وقف القتال، وانسحاب مسلحي "جبهة النصرة" قد تعرّضت لانتكاسة كبرى، يوم أمس، بعد مقتل الوسيط اللبناني أحمد الفليطي، جراء إصابته بصاروخ استهدف سيارته، خلال مهمة تفاوضية في جرود عرسال. وفيما اتهمت الآلة الإعلامية لـ"جبهة النصرة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي "حزب الله" بقتل الفليطي، إلا أن قيادة الجيش اللبناني أكدت، في بيان، أن سيارته أصيبت بصاروخ أطلقه الإرهابيون.
وشيّع أهالي بلدة عرسال الفليطي، ظهر اليوم، حيث ووري الثرى في جبانة البلدة.
في هذا الوقت، ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن هيئة العلماء المسلمين تقوم بوساطة جديدة، لتأمين انسحاب مسلحي "جبهة النصرة" إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في الجهة الشمالية الممتدة من شمال جرود عرسال إلى جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع.
وتبدو تلك التسويات مجرّد اجراءات مؤقتة، خصوصاً أن معوقات عدّة باتت تواجه الوساطات، فعلاوة على مقتل الوسيط اللبناني، فإنّ ثمة عقدة أخرى تتمثل في مصير أمير "جبهة النصرة" ابو مالك التلي، الذي ترفض تركيا استقباله، بحسب ما أفادت قناة "الجديد" اللبنانية، التي أشارت إلى أن "دولة خليجية" أبدت استعدادها للوساطة في حل هذه العقدة، من دون أن تكشف مزيداً من التفاصيل.
وكان أبو مالك التلي قد عرض شروطاً تعجيزية، عشية انطلاق معارك عرسال، للقبول بالتسوية، ومن بينها مغادرته وعشرات المسلحين، عبر مطار بيروت الدولي إلى تركيا، بالإضافة إلى مبالغ مالية ضخمة.
وفي ما يتعلق بالخسار البشرية للمعارك، فقد تحدّث "الإعلام الحربي" عن مقتل نحو 45 مسلحاً في اشتباكات يومين السبت والأحد، في حين نعى "حزب الله" حتى الآن 15 من عناصره، بينهم قائد ميداني.
وبوقت لاحق، استهدفت مدفعية الجيش اللبناني تحركات للمسلحين في جرود بلدة رأس بعلبك، التي يتحصن فيها إرهابيو "داعش" ما يعد مؤشراً إلى أن المعارك قد تنتقل قريباً إلى الجزء الشمالي من جبهة عرسال.