ولفت هاشم إلى أنه بعيدا عن مئات المليارات التي دفعت، والالتزامات والوعود، المكتوبة وغير المكتوبة، التي تعهد بها الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان لترامب وحاشيته، وبمعزل عن السابقة الفريدة في التاريخ السياسي والأيديولوجي للمملكة السعودية، التي جعلت من دولة الإمارات المتحدة، وبالتحديد ولي العهد محمد بن زايد، "العرّاب" الفعلي لوصول بن سلمان إلى العرش، ولربما لعملية إنقاذ المملكة من جمودها وانتشالها من هيمنة مؤسستها الدينية، فإن إشكالية استراتيجية مخيفة، ومحملة بأسوأ الاحتمالات والعواقب، تطرح نفسها حين تجعل من دولة مجاورة أقل ثقلا وأدنى مرتبة بالمعايير الجيواقتصادية والجيوسياسية، ولكنها صاعدة — هي الإمارات — وصية على تعافي عملاق جغرافي مترامي الأطراف ومتعدد التدخلات والتأثيرات، لكنه يتخبط في تناقضاته، وفي كبريائه الجريح — هو السعودية. على حد قول الكاتب السوري.
وأضاف هاشم: الحقيقة، فإن مشهد الإصلاح السعودي قد يكون أقرب إلى نوع من تقاسم التركة…وهي تركة لا تشتمل وحسب على أرصدة وأصول مالية في الداخل والخارج، بل وتضم أيضا مساحات شاسعة من النفوذ السعودي الذي تغذّى على البترودولار على امتداد القارات الخمس، وطوال العقود الأربعة الماضية، علاوة على طوابير لا حصر لها من المعارضات المأجورة التي استخدمت منذ ثمانينيات القرن الماضي لتصفية حسابات الحكومة السعودية مع حكومات بلدانها الأصلية.
واعتبر المحلل السياسي السوري أن رهط المعارضات السورية يشكل الأنموذج الأخير والأبشع ارتزاقا في هذه السلسلة، ولربما الأسوأ مصيرا، لأنها تتوج نهاية حقبة أولا، ولأن عليها بالتالي أن تدفع ضريبة مزدوجة: ضريبة الفشل السعودي العام على مستوى الاستراتيجيات العربية والإسلامية، وخاصة في سوريا، وضريبة الفشل السعودي على مستوى الاستراتيجيات الداخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على حد وصفه.
وقال: إن دعوة المعارضات السورية للبحث عن رؤية أخرى للحل لا تنطوي على مجرد إقرار نهائي بالفشل المزمن، الذي يلاحق السياسات السعودية تجاه سوريا في الميدان السوري، وإليه عبر لبنان والعراق، وحتى عبر العواصم الأمريكية والأوروبية، وذلك منذ مقتل الحريري قبل أكثر من 12 عاما، بل ومنذ أن طرحت الرياض مبادرتها للسلام في قمة بيروت العربية…هي دعوة تندرج قبل كل شيء في سياق الاعتراف بالفشل الكامل للخيارات السعودية على مستوى الاستراتيجيات الشاملة. بحسب ما ذكره هاشم.
وختم بالقول: تحذير المعارضات السورية لن يكون هنا إلا خطوة أولية على طريق التخفف من الحمولات الجانبية ومحاولة إنقاذ المركب الموشك على الغرق قبل التفرغ لملفات الانتقال الشائكة والمعقدة، والتي تحمل في تداعياتها احتمالات تحول السعودية إلى ملعب للمواجهات الداخلية والإقليمية والدولية.
وإذا كان أردوغان يفرز السوريين اليوم بين من هو مرشح للطرد ومن هو مستحق للجنسية التركية، فإن أيتام "آل سعود" بانتظار مصير واحد: التحول إلى قربان. على حد وصفه.