قانون "الحرب الباردة"
يتأهب الرئيس الأمريكي، اليوم 14 آب/ أغسطس، توقيع مرسوم يسمح بفتح تحقيقات ضد شركات صينية، حيث تم اتهام رجال أعمال من الصين بانتهاك قوانين الملكية الفكرية ضد شركات أمريكية، كون السلطات الصينية تطالب الشركات الأجنبية العاملة في الصين مشاركتها التكنولوجيا التي يستخدمونها، أي الملكية الفكرية. وهذا ما سوف تعتبره الصين عملا عدائيا، أو بعبارة أخرى، إعلان رسمي لحرب تجارية.
ومع ذلك، قد تكون الإجراءات غير المنطقية من الإدارة الأمريكية هي ظاهريا فقط، بل على العكس فإن سلوك ترامب منطقي إن أراد البيت الأبيض حل النزاع مع كوريا الشمالية بالقوة. ومن غير المستبعد أن ترامب قرر على غرار أسلافه البدأ بحرب رابحة، على الأقل، ارتفعت شعبيته بعد التصريحات الأخيرة حول الصين.
ويستند ترامب باتهامه للصين بانتهاك حقوق الملكية الفكرية على قوانين قديمة من عام 1974، التي توقف العمل بها بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية. ويجري الحديث عن المادة 301 من قانون التجارة في الولايات المتحدة، الذي يعطي الحق للرئيس الأمريكي بزيادة الرسوم الجمركية على البضائع من دول أخرى دون موافقة الكونغرس.
وقال الخبير الاقتصادي، سيد برون، من معهد الاقتصاد الدولي "بيترسون" إن "القانون لم يتم استخدامه أكثر من نصف قرن لسبب وجيه جدا…نحن أنشأنا نظام تجاري جديد، ولهذا لا يجب علينا استخدام هذا القانون".
"النظام التجاري الجديد" الذي يتكلم عنه برون، هو بطبيعة الحال، منظمة التجارة العالمية، التي تم إنشاؤها في عام 1995، حيث تقوم بحل النزاعات التجارية بين أكثر من 160 دولة داخل المنظمة. هذا والتزم ترامب منذ بداية حملته الانتخابية وبعد فوزه بالانتخابات بأخذ الأشخاص الذين لديهم تفكير مشابه لتفكيره في الإدارة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص رئيس المجلس الوطني للتجارة بيتر نافارو، والمستشار الرئاسي ستيف بانون، اللذان ينظران إلى منظمة التجارة العالمية بشكل سلبي أيضا. بالنسبة لهم، فإن هذه المنظمة هي رمز العولمة وأن انضمام الصين إلى هذه المنظمة أدى إلى "غروب" الصناعة الأمريكية بشكل تدريجي.
ومع ذلك، بالنسبة لبقية العالم، وللولايات المتحدة سابقا، فإن منظمة التجارة العالمية تساعد بالحفاظ على النظام العالمي التجاري. وإن حاولت الولايات المتحدة الهجوم على هذه المنظمة، فهذا سوف يسبب قلقا ليس فقط لدى أعداء ومنافسي الولايات المتحدة، وإنما لدى حلفائها أيضا.
وينتقد معارضو ترامب تصريحاته الأخيرة حول الصين، ولكن ليس حول سرقة الملكية الفكرية من قبل الشركات الصينية، حيث يعتقد الكثيرون أن الحرب التجارية ضد الصين يمكن أن تكون أسهل بكثير وفعالة في حال التعامل مع الاتحاد الأوربي، لأن الصين لا تسرق الملكية الفكرية للأمريكيين فقط وإنما للشركات الأوروبية أيضا.
ليس هناك شك في أن الصين، سوف تقوم بالرد على المرسوم الذي سيوقعه ترامب اليوم، حيث كانت الصين مستعدة منذ بدأ الحملة الانتخابية لترامب والخطابات المعادية لها، حيث أعدت تدابير جوابية في حالة الأعمال العدائية الأمريكية.
وفي 17 كانون الثاني/ يناير حذر الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الصينية، لو كانغ، في مقابلة له، الإدارة الأمريكية من الأعمال العدائية ضد الصين في مجال التجارة. ونظرا لحجم التجارة الهائل بين الولايات المتحدة والصين، فإنه ليس من الواضح إلى الآن من سوف يعاني أكثر.
وجاء في مقال لصحيفة "China Daily"، أن إدارة ترامب تنفذ خطوة متهورة جدا، التي سوف يندم عليها. وأضافت الصحيفة "نأمل أن يجد ترامب وسيلة أخرى". مؤكدة أن الأمور سوف تسوء أكثر بكثير على ما هي عليه الآن في حال بدء النزاع بين الصين والولايات المتحدة.
وإن بدأت حرب تجارية على نطاق واسع، فإنها سوف تؤثر أيضا على العلاقات السياسية بين البلدين، ولكن إلى الآن تعتمد كلا من الصين والولايات المتحدة نهجا دبلوماسيا حول هذه القضية. فعلى سبيل المثال، صرح مؤخرا وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أن العلاقات الجيدة بين البلدين وصلت إلى "نقطة تحول" منذ عام 1972، أي بعد أكثر من أربعة عقود خالية من النزاع.
وصرح وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن المهمة التي تواجه الدبلوماسيين الصينيين هي أن يستعدوا بشكل جيد لزيارة ترامب المقبلة إلى الصين، حيث تعتبر الخارجية الصينة أن هذه الزيارة سوف تساعد على استعادة العلاقات الصينية الأمريكية لنصف قرن قادم.