حسب إحصاء رسمي، وهو إحصاء نادر لعدم وجود متابعة دائمة للحصر، فإنه يوجد داخل ليبيا 34 مركزا لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، ويتم تقسيم هذه المراكز حسب قوة استيعابها، وتتواجد في طرابلس ومصراتة، بالإضافة إلى 24 مركزا لاحتجاز اللاجئين، تديرها إدارة هيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابعة للحكومة، ليوضع فيها الهاربون من الكوارث والحروب في بلادهم.
بالإضافة إلى هذه المراكز، توجد 10 مراكز احتجاز تخضع لسيطرة مجالس محلية تابعة لأكثر من حكومة، بخلاف 32 مركزاً لاحتجاز المهاجرين، تديرها جماعات قبلية، في الوليدية ومناطق صحراوية، كما أن هناك مجموعة غير معروف عددها حتى الآن، لعدم وجود إحصاء رسمي بها، تخضع لسيطرة مجموعات مسلحة، ويتم احتجاز المهاجرين فيها، وللأسف هي بعيدة عن أيدي المنظمات الإغاثية.
وحسب أ. خ، وهو أحد الموظفين في منظمة إغاثية تعمل في ليبيا، فإن أوضاع اللاجئين في ليبيا غير مستقرة، حيث أن بعض هذه المعسكرات تخضع لسيطرة جماعات مسلحة، لا تتمكن الحكومة الليبية من ضبطها أو السيطرة عليها، ما يؤدي إلى حدوث انتھاكات جسیمة لحقوق الإنسان في ھذه المعسكرات، وهو الصورة تم إيصالها للأمم المتحدة، التي حذرت من كارثة إنسانية هناك.
ويضيف الموظف الإغاثي، الذي تحفظ على ذكر اسمه، في تصريحه لـ"سبوتنيك"، أن كثیرا ما یتم الإبقاء على اللاجئین داخل معسكرات الاحتجاز المزدحمة دون غذاء، ودون ماء نقي، ودون مراحیض، وهو ما يتسبب في تفشي الأمراض بينهم، ویضطر بعض ھؤلاء اللاجئین للقیام بأعمال جسدية عنيفة مقابل الغذاء، وهو وضع للأسف قد يحدث أيضاً في معسكرات تابعة لهيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وأبدى "خ" أمله في أن تتمكن القمة الأخيرة التي عقدت في فرنسا، من وضع حد للمعاناة التي يحياها اللاجئون في معسكرات الاحتجاز المنتشرة في مصراتة وطرابلس، وفي المناطق الصحراوية بالقرب من بني وليد، من خلال دعم إنشاء مخيمات للاجئين بديلة عن معسكرات الاحتجاز، بالإضافة إلى تمويل هذه المخيمات لضمان عدم حدوث مجاعة بين اللاجئين، وتوفير دعم طبي جاد لهم.
وجود مراكز ومعسكرات احتجاز اللاجئين، ربما كانت سبباً في انخفاض نسبة محاولات الهرب عبر ليبيا إلى إيطاليا نحو 10%، حيث وصل إلى إيطاليا منذ بداية تموز/يوليو وحتى 25 آب / أغسطس، إلى 2932 مهاجرا فقط، مقابل 21294 في نفس الفترة من العام الماضي، وفقا لأرقام وزارة الداخلية الإيطالية التي نشرت الاثنين 28 أغسطس/ آب 2017.
وبلغت نسبة التراجع في أعداد اللاجئين الوافدين إلى إيطاليا في شهر آب/ أغسطس وحده 90 %، وقال خفر السواحل الليبي إن هذا الانخفاض يعود إلى المراقبة المكثفة للبحر المتوسط. ويعتقد خبراء أن الانخفاض في الارقام يرجع إلى ظهور جماعة مسلحة جديدة في ليبيا تمنع المهربين من مغادرة البلاد.
وحسب إحصاء لمنظمة أطباء بلا حدود، فإن مراكز الاحتجاز تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية، التي يجب توافرها، خاصة مع وجود أعداد كبيرة جدا من اللاجئين، حيث يتفاوت عدد المحتجزين في كل مركز احتجاز بشكل كبير، ولا يزال غامضا في ليبيا كيفية عمل نظام الاحتجاز بالضبط في حين يتم اعتقال الأشخاص بشكل تعسفي، مع غياب أي قانون حالي في البلاد يعمل على تنظيم هذه الأمور، حسب التقرير.
ويضيف "يسبّب احتجاز عدد كبير من الأشخاص في مساحة صغيرة آلامًا في أجهزة المحتجزين الهيكلية العضلية ويسهّل انتقال الأمراض والالتهابات في ما بينهم. كما يسبّب مثلاً تفشي الجرب والجدري. ويتأثر أيضًا عدد الأمراض المعدية التي تصيب الجهاز التنفسي بشكل مباشر بسوء التهوئة. وعلى الرغم من تراجع درجة الاكتظاظ نوعًا ما في مراكز الاحتجاز، لاحظت منظمة أطباء بلا حدود وجود زنزانات مكتظّة على مدى الأشهر الثلاثة الأولى من العام".
وتمكنت المنظمة من إجراء أكثر من 4000 استشارة في سبعة مراكز احتجاز مختلفة، بخاصة تحت إدارة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية. وقد تلقّى نحو 1300 محتجز العلاج في كل شهر بواسطة عيادات متنقّلة لحالات تتضمّن أمراض الجلد، والإسهال، والتهابات الجهاز التنفسي، والتهابات المسالك البوليّة. وتعتبر هذه الأمراض التي يمكن الوقاية منها، بالإضافة إلى سوء التغذية الحاد.
في شهر مايو/أيار الماضي، أضيف مركز احتجاز جديد في تاجوراء بالضاحية الشرقية لطرابلس، وضم هذا المركز 130 مهاجرا أفريقيا شابا أوقفوا في مستودع بتاجوراء، حيث كان المهربون يجمعونهم بانتظار محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط، ووقتها صرح دير مكتب المراسم في جهاز مكافحة الهجرة السرية في ليبيا عبد الرزاق الشنيتي، بأن بين 7000 و8000 مهاجر موجودون في 23 مراكزاً في ليبيا، وهذا العدد زاد حالياً.
ويوضح أ. ز، أحد العاملين في إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية التابعة لوزارة الداخلية الليبية، أن الحكومة تعمل حالياً على تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية في عدد كبير من مراكز الاحتجاز، بخاصة تلك التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين، خاصة بعدما خرجت توصيات دولية بإغلاق مركزي الاحتجاز في صرمان وطمينة، اللذان تم نقل كثيرين من المحتجزين فيهم لمركز أبو سليم في طرابلس.
وأكد أن الدولة تعمل مع الاتحاد الأوروبي وإيطاليا والهيئات الدولية العاملة في المراكز، بما فيها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتحديد المساعدات التي تحتاج إليها السلطات لتوفيق المراكز مع المعايير الدولية الدنيا للاحتجاز بموجب "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء".
وحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن اللاجئين الذين تضمهم مراكز الاحتجاز اللبيبة، معظمهم من دول تشاد والنيجر والسودان وإريتريا والصومال وغامبيا ومالي ونيجيريا والسنغال وتوغو، بالإضافة إلى دخول أعداد كبيرة من مصر وباكستان وبنجلاديش، من الباحثين عن فرصة للسفر إلى أوروبا عن طريق البحر، في رحلة هجرة غير شرعية.
ومن أشهر مراكز الاحتجاز في ليبيا، الخاضعة لسيطرة الحكومة والمجالس، مراكز "بورشادة"، و"الحمراء" بالقرب من غريان، و"الخمس" على بعد 100 كيلومتر شرقي طرابلس، و"زليتن"، و"طمينة" قرب مصراتة، و"أبو سليم"، و"الطويشة" في طرابلس، و"صرمان" على مسافة 60 كيلومتراً غربي طرابلس، بالإضافة إلى "طريق السكة"، الذي زارته البعثة الأوروبية منذ أيام، وطالبت بضرورة تحسين أوضاع اللاجئين فيه.