وعاد الفرح شيئا فشيئا، إلى الساحل الأيسر من الموصل، الذي تحرر بالكامل في أواخر يناير/كانون الثاني العام الجاري، من سطوة "داعش" الإرهابي، وحتى الجانب الأيمن المنكوب، نصبت فيه أراجيح بسيطة احتفالا بالعيد والتحرر.
ورصدت مراسلة "سبوتنيك" في العراق، بالصور، أجواء عيد الأضحى الذي بدأ منذ الجمعة، في ساحلي الموصل، وتجمل الأطفال باللهو والمرح والملابس الجديدة بأناقتها وجمالها وبراءتها بعدما كانت ممنوعة من قبل الدواعش منذ منتصف 2014، وحتى زوالهم من كامل المحافظة في 31 أغسطس/آب الماضي.
الفرح في الأيسر
انتشرت أكثر الأراجيح والزحاليق الحديدية واللينة من الـ"نايلون" الشبية بالقماش السميك محشوة بالهواء، في الساحل الأيسر الذي تحرر قبل الأيمن بشهور قليلة، تحديداً في غابات الموصل السياحية القديمة التي طالما استخدمها التنظيم الإرهابي كمعسكرات له ومخازن للأسلحة والمتفجرات ومعتقلات للمختطفات السبايا الإيزيديات في وقت سابق.
واختار الأطفال لاسيما الأولاد أن ترسم فتاة الرسومات، في مدينة ألعاب "دجلة ستي"، قرب منطقة الشلالات، على وجوهم العلم العراقي والذي عانقوه بعد فراق أليم، أما الفتيات اللواتي تلألأت أعيونهن ببريق حلقات الأذن، أردن الفراشات أن تطبع على جباههن وكأنها أحلامهن التي تحررت من قيود الإرهاب.
وفي عشية ليلة العيد والأيام التي سبقته، شهد الساحل الأيسر، حركة تسوق وازدحام في المراكز التجارية، ومنها التي في حي الزهور، ومول عزيز فتحي قرب دورة النافور، أشترت منها العائلات ملابس العيد، ولوازم عمل الحلويات والمعجنات وأهمها وعلى رأسها "الكليجة" التي لها طقوس خاصة ذكرناها لكم في تقرير سابق من داخل المدينة.
الأيمن المتفائل
دولاب هواء وحيد يحرك يدويا، وأربع أراجيح فقط، تفاءل الساحل الأيمن من الموصل بها، قرب البيوت المنكوبة التي دمرتها الحرب وسحقت تاريخها القديم ما بين التخريب المتعمد من قبل "داعش" الإرهابي، والقصف.
ومنذ الصباح الباكر للعيد، توجه أطفال العائلات القليلة، نحو مدينة الألعاب البسيطة هذه في حي الزنجلي قرب قرب مدينه الطب مستشفى العام ومعمل البيبسي، المكان الذي شهد مجزرة مروعة نفذها "داعش" الإرهابي بحق العائلات الهاربة منه أثناء تقدم القوات للتحرير، وقتل 500 منهم ومن نجا منهم سوى طفلتين ورجل واحد فقط قضوا ليلتين بين الجثث يحتضنون أحبائهم قبل إنقاذهم وإجلائهم.
وحتى غروب الشمس وغفوتها، بقى الأطفال يمرحون في الأراجيح ويتناوبون على تحريك الدولاب بأيديهم الصغيرة لأخر قطرة ضوء من السماء وانجلاء الليل — عادوا إلى منازلهم بانتظار يوم آخر من العيد الذي يصادفهم لأول مرة منذ التحرير.
ويقول الساكنون في الساحل الأيمن، إنهم يعبرون نحو الأيسر والذي أطلقوا عليه أسم "دبي" الإماراتية التي يقصدها سكان العالم من كل مكان للتمتع بجمالها، نظراً للحياة التي عادت فيها بقوة وأسرع.
وأبعدت بقايا السيارات المفخخة التي فجرها "داعش"، وغيرها التي قصفت واحترقت مع كل أحياء الساحل الأيمن، لتنصب بدالها الأراجيح، ورغم الدمار وقف الأطفال لالتقاط الصور وعلامة النصر تعلق أيديهم بالهواء مع ابتسامات تكسر تعاسة وبشاعة الخراب الحزين وراءهم.