على جانبي الطريق في سهل البقاع في منطقة "السعيدة"، تنتشر مئات آلاف الدونمات المزروعة بالحشيشة، ويقول أحد مزارعي هذه النبتة لـ"سبوتنيك": "نلجأ لزراعة هذه النبتة لأن الدولة اللبنانية تهمش بشكل كامل هذه المنطقة وغائبة عن البقاع، مع انعدام المشاريع التنموية والزراعات البديلة، تكلفني زراعة الدونم الواحد حوالي الـ 100 دولار أمريكي، ومردوده المادي حوالي 10 آلاف دولار أمريكي".
ويضيف "نزرع الحشيشة، بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس من كل عام، ونرويها، وفي شهر أيلول/سبتمبر نحصدها مثل القمح بواسطة منجل، وبالطبع نتحسب لأي محاولة من قبل الدولة لتلف مصدر رزقنا حتى لو واجهناها بالسلاح، لأننا بكل بساطة نريد أن نعيش بكرامة ونريد أن نربي أولادنا، وأنا لا أحب أن أزرع الحشيشة ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها تجبرني أن أزرع الحشيشة".
وتتخذ الدولة اللبنانية سياسات وإجراءات لمنع إنتاج وترويج "الحشيشة" على الأراضي اللبنانية، وتعتبر هذه الزراعة جريمة جنائية تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، ولكن في الآونة الأخيرة تعالت الأصوات المطالبة بتشريع زراعة "الحشيشة" في لبنان.
ولعل أبرز هذه الأصوات النائب وليد جنبلاط الذي كان قد دعا في السابق إلى تشريع زراعة "الحشيشة" في لبنان، أسوة بكندا بعد أن قرر رئيس وزرائها "جوستان ترودو" تشريع الماريجوانا في بلاده.
هذا في وقت تشير المعلومات إلى أن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق سحب بند تلف موسم "الحشيشة" من جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، مستنداً على انشغال الجيش اللبناني والقوى الأمنية في معركة الجرود، فماذا وراء قرار وزير الداخلية اللبناني، وهل ستعمد الوزارة هذا العام إلى تلف موسم الحشيشة؟ وفي حال لم يتم تلف الموسم، ما هي وجهة استخدام هذه النبتة المخدرة، هل ستستخدم لمنافع طبية يستفيد منها الاقتصاد اللبناني؟
وبحسب ما أفاد مصدر سياسي لـ"سبوتنيك"، فإنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت الدولة اللبنانية ستقوم بتلف الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة، لا سيما وأن مزارعي الحشيشة هذا العام مصممون على إكمال موسم حصاد "الحشيشة" للنهاية، وذلك لأسباب عدة أولها الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها منطقتا البقاعين الأوسط والشمالي، وثانيها استغلال مزارعي الحشيشة لموسم الانتخابات النيابية في لبنان وغض نظر بعض الجهات السياسية عن هذه الزراعات الممنوعة".
ويضيف هذا المصدر، أنه بات من الصعب جداً على وزارة الداخلية التحرك الآن لتلف آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة بالحشيشة، وذلك لأن موسم القطاف وحصاد هذه النبتة لم يبق عليه سوى أسبوع واحد فقط".
في موازاة ذلك، يقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ"سبوتنيك": "زراعة نبتة الحشيشة تفرض وجود قوانين مطبقة، في البلدان غير المطبقة فيها القوانين لا يمكن تشريع هذه الزراعة، وما الذي يضمن أن محصول الحشيشة سيستخدم في المنافع الطبية كما يدعون، مشيراً إلى أن وجود الحشيشة في لبنان هو دليل واضح على فشل السياسات الاجتماعية الموجودة في الدولة اللبنانية".
ويضيف "لنعالج مشكلة الفقر على الدولة أن تتجه لإنشاء مشاريع اقتصادية وليس إلى تشريع الحشيشة، والأهالي في هذه المنطقة في بقعة زراعية صغيرة يجنون مبالغ مالية طائلة وهذا لا يبرر تشريع هذه الزراعة".
مؤكداً أن المشكلة الأساسية هي مشكلة اجتماعية، وهناك مزروعات بديلة من الممكن الاستفادة منها، وأن الضرر الذي ينتج عن هذا التشريع أكبر بكثير من الإفادة منها، وأنه لا يمكن بناء اقتصاد على الحشيشة، يجب إيجاد حل إنمائي لأهالي المنطقة، واللجوء إلى الزراعات البديلة ووضع نظام ري حديث.
زراعة هذه النبتة أضحت أمراً واقعاً في البقاع مع تزايد معدلات الفقر والحرمان في المنطقة، وقد تنامت الأراضي الزراعية المزروعة بهذه النبتة خلال السنوات الأخيرة لانشغال القوى الأمنية في مكافحة الإرهاب.