الخرطوم — سبوتنيك. ورأى الخبراء، في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن اللجوء للتحكيم الدولي، سيكون الخيار الأفضل لتحديد أحقية أي من البلدين بمنطقة مثلث حلايب الحدودية، فيما أشاروا إلى أنه، في جميع الأحوال، فالوثائق الجغرافية والتاريخية "تؤكد ملكية السودان للمنطقة".
وقال رئيس قسم العلوم السياسية، بجامعة "أفريقيا العالمية"، الدكتور مهدي دهب، في تصريح لـ "سبوتنيك"، إن "الخلاف حول مثلث حلايب بين السودان ومصر، يمثل قضية قديمة لكنها تتجدد بين وقت وآخر، بسبب (اختلاف ايدلوجي) بين نظامي الحكم في الدولتين، وغيرها من مشاكل أخرى يتعلق بالسباق المحموم بين البلدين في لعب أدوار محورية في القضايا الإفريقية".
ويؤكد دهب أن حل النزاع بين مصر والسودان على ملكية مثلث حلايب الحدودي "لن يكون إلا عن طريق التحكيم الدولي"، غير أنه أشار إلى أن مصر رفضت هذا الخيار أكثر من مرة.
واستطرد قائلاً "الموقف السوداني بات أقوى حاليا بعد تقديم طلب جديد للأمم المتحدة، في وقت سابق بإعادة ترسيم الحدود البحرية مدعوماً بوثائق تاريخية"، معتبراً أن هذا الأمر "سيجبر مصر على الانصياع للتحكيم الدولي بعد أن رفضت ذلك طوال سنوات، وأنه في حال لجوء البلدين للتحكيم الدولي، ستؤول تبعية المثلث للسودان استناداً للوثائق".
كما اعتبر دهب أن "قضية مثلث حلايب ذات طابع سياسي، أكثر من كونها نزاعاً حدودياً".
وأردف قائلاً "أضف إلى ذلك أن هناك جُملة من الملفات تؤثر سلبا على علاقات البلدين، ومن ضمنها موضوع المياه والخلافات الايدلوجية بين الدولتين".
كان وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور أعلن، أواخر آذار/مارس 2016، أن بلاده طلبت من الأمم المتحدة، اطلاعها على نسخة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي آلت بمقتضاها ملكيتي جزيرتي صنافير وتيران الواقعتان على مدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر للسعودية، وذلك "لمعرفة تأثيرها على حدود السودان البحرية".
ونقلت صحيفة "الرأي العام" المقربة من حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم بالسودان، عن الوزير غندور قوله، إن السودان "ما زال ينتظر الرد على الطلب"، مجدداً موقف بلاده الثابت من أن "حلايب وشلاتين أراض سودانية ولا تنازل عنها".
ومن جانبه أعرب الخبير العسكري المتقاعد العميد طيار صلاح الدين كرار، في تصريح لـ "سبوتنيك"، عن قناعته بحرص السودان على عدم مواجهة مصر عسكريا، لأجل استرداد مدن المثلث، وأن حكومة السودان تتعامل بحكمة مع هذا الملف منذ نشوء المشكلة في العام 1957".
وقال كرار "على الرغم من وقوف السودان مع مصر في حربها ضد إسرائيل ومنحها 30 كيلومترا في ذات المنطقة كقاعدة عسكرية، إلا أن مصر تحاول استخدام ملف حلايب كورقة ضغط على السودان لصالح قضايا أخرى".
ورأى كرار أن مصر "بموقفها في قضية حلايب وقيامها باستفزاز الخرطوم، عبر أجهزتها الإعلامية، تحاول جر السودان إلى مواجهة عسكرية، غير أن السودان لا يريد منح مصر هذه الفرصة. وأقول إن اندلاع الحرب بين السودان ومصر بشأن حلايب لن تكون مجدية بل توسع من هوة الخلاف بين البلدين الجارتين".
وفي حول أهمية الموقع الجغرافي لمثلث حلايب من النواحي الاقتصادية والسياسية، قال الخبير الدبلوماسي، السفير علي يوسف، لـ "سبوتنيك"، إن مثلث حلايب لا يتمتع بموارد اقتصادية بالقدر الذي يدفع دولتين جارتين للدخول في صراع طويل أو مواجهة عسكرية".
وأكد أنه فليس أمام الدولتين سوى أحد خيارين إما التفاوض السلمي أو الذهاب إلى التحكيم الدولي، فيما لن يتم اللجوء للخيار الثالث وهو المواجهة العسكرية، لافتا إلى أن المشكلة قانونية بالأساس.
وطرح يوسف رؤية اعتبرها، من وجهة نظره، الطريق الأمثل لحل هذه المشكلة، وهي أن يكون مثلث حلايب منطقة تكامل بشرط أن يكون هناك اتفاق بين الدولتين لتحديد لأي منهما السيادة على المنطقة، تجنباً لوقوع أي خلافات سياسية مستقبلية.
يذكر أن مثلث حلايب يضم مدن حلايب، وشلاتين، وأبو رماد هي منطقة على ساحل البحر الأحمر وتقع على الحدود المصرية — السودانية، وعلى الرغم من سيطرة مصر عليها إلا أنها ظلت، منذ العام 1956، موضع نزاع بين البلدين.