وفي الوقت ذاته أكد أصفهاني لراديو "سبوتنيك" أن النظر إلى العالم على أساس المكونات العرقية، فإن هذا يؤدي إلى زعزعة الحدود الجغرافية للدول.
وأضاف أن النزاعات الشعبوية القائمة على العرق أو الدين أو الاختلاف الثقافي، منتشرة في أوروبا وستنتشر أكثر، طالما ظلت الحركات الشعبية، والأزمات الاقتصادية، والسلطات المركزية في هذه الدول لا تتناول التنوع الثقافي والعرقي من منظور اجتماعي واضح، بوصفها تعبر عن نمط معين في المجتمعات المعنية.
وأكد المحلل السياسي، أن أي حركة انفصالية لن يكتب لها النجاح مالم يتوافر لها عاملان أساسيان، وهما الإجماع الداخلي، والقبول الدولي.
وضرب مثالا على ذلك بالقول،" فجنوب السودان لم يكن ليحظى باستقلاله لو لم يحصل على دعم دولي واسع جدا، وكذلك كوسوفو لم تكن لتخرج عن سيادة صربيا لولا تدخل حلف شمال الأطلسي عسكريا".
أما أستاذ العلاقات الدولية الدكتور أيمن سمير، فقد رأى أن ظاهرة الانفصال هي ظاهرة غير صحية تؤدي إلى تقسيم العالم إلى دويلات صغيرة، تنشأ من الأساس عن طريق النزاعات والحروب ما بين المركز والإقليم.
وأوضح سمير لـ"سبوتنيك" أن هناك بعض مراكز الدراسات والأبحاث الغربية، تنبأت بأن منطقة المشرق العربي، قد تشهد 10 حروب صغيرة نتيجة لاستفتاء كردستان، الذي قام بإشعال الحماس لدى مجموعات انفصالية أخرى في العالم العربي، وعلى سبيل المثال مجموعات الطوارق والأمازيغ في المغرب وليبيا والجزائر وموريتانيا هللت لهذا الانتصار.
وأضاف،"هناك مؤشرات تقول إن هذه المجموعات سوف تترجم هذا الحماس إلى رغبات ودعوات للانفصال عن هذه الدول".
ورأى سمير، أن إقليم كردستان هو أكثر أقاليم العراق ازدهارا من الناحية الاقتصادية، لذا فالدعوات الانفصالية فيه لا تقوم على أساس جني مكاسب أكثر حال نجاح انفصاله عن العراق، "ولكن نظرا لحالة الاضطهاد والظلم التي شهدها سكان الإقليم على مر سنوات عديدة، وغياب العدالة الاجتماعية في تقسيم الثروات على باقي الأقاليم من قبل السلطة المركزية، هو من أجج مشاعر الغضب لدى سكان الإقليم فكانت دعوات الانفصال".
وبالانتقال إلى أوروبا وفي إطار الحديث عن رد الفعل الحاد من قبل الحكومة والسلطات الإسبانية على استفتاء كاتالونيا، بضرورة مواجهته والحيلولة دون إتمامه، قال أستاذ العلاقات الدولية،"إن هناك في نفس الدولة العديد من الأقاليم التي تود الانفصال عنها مثل إقليم الباسك، والجزر الإسبانية في المحيط الأطلنطي التي لا ترى أي رابط جغرافي أو اجتماعي بينها وبين الإسبان سوى اللغة فقط".
وتابع، أن خروج بعض الدول من الاتحاد الأوروبي، كان وراءه عدم تحقيق العدالة من قبل الاتحاد، وأن انفراط عقد الدول من الاتحاد الأوروبي سيعقبه انفراط عقد الدول نفسها إن لم تقم بتحقيق العدالة الاجتماعية بشكل كبير، وعاجل على الأقاليم التي تعاني من التهميش والفقر، تفاديا لدعوات الانفصال المرتكزة من الأساس على هذا العامل الأساسي.
وتوقع الخبير، عدم نجاح استفتاء كاتالونيا هذه المرة، وأرجع ذلك إلى "سيطرة الحكومة اليمينية على مقاليد الأمور في إسبانيا، والتي قد يختلف الوضع معها إن كانت يسارية"، وعندها قد ينجح الاستفتاء أو ستكون نسبة نجاحه أكبر، بالإضافة إلى توافر "مساندة دول الاتحاد الأوروبي لإسبانيا خاصة بعد خروج بريطانيا" من الاتحاد الأوروبي، والتخوفات من انفراط عقد الاتحاد، "مما يشكل سببا قويا يقف أمام استقلال كاتالونيا في الوقت الراهن".