دخول القوات التركية إلى مناطق في محافظة إدلب السورية يندرج ضمن إتفاق تفعيل منطقة خفض التوتر الرابعة، ومن المرجح أن تشهد المنطقة صراعاً مسلحاً بين القوات التركية والوحدات المرافقة لها من ما يسمى بقوات الجيش الحر من جهة وضد مقاتلي تنظيم جبهة النصرة من جهة أخرى. هذا وقد نقل هذا التنظيم المتشدد جزء كبيراً من مقاتليه بغرض مواجهة التدخل البري التركي.
ولكن كيف يمكن تفسير ذلك ووزير الخارجية التركي يعترف بالتنسيق الأمني بين تركيا وهيئة تحرير الشام في دارة عزة
أسباب التنسيق الأمني بين جبهة النصرة وتركيا
مستقبل أستانا وإلى أين يسير في ظل التنسيق التركي مع جبهة النصرة؟
مستقبل الأوضاع في ظل التعاطي التركي المتجدد مع الأوضاع الحالية في سورية بعد أن كانت الأمور تسير فعلياً نحو المسار السياسي ؟
ماهو الموقف الروسي من التنسيق بين النصرة وتركيا وخاصة أن روسيا وتركيا ضمنتا تركيا في مواجهة النصرة؟
هل ستستمر روسيا في هذه الحالة بتقديم غطاء جوي لهذه العملية وهل يؤتمن الجانب التركي أم أنه يحسب بشكل جيد الأمور ولايمكن أن يفؤض بالمكاسب الإقتصادية المشتركة مع روسيا والتي وقع مؤخراً الرئيسان بوتين وأردوغان على صكوك إتفاقاتها ؟
يقول نائب مدير المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية سومر صالح بهذا الشأن مايلي:
وهيئة تحرير الشام هي المسمى الجديد لجبهة النصرة وتحت قيادتها وكما هو معلوم فالجبهة مصنفة على قوائم الإرهاب الدولي سيما القرارين (2017/2178)، وبالتالي يشكل هذه التصريح إعترافا مباشراً من قبل الحكومة التركية على التنسيق الأمني مع هذا التنظيم الإرهابي. وبذات الوقت يفتح هذا التنسيق الكثير من الأبواب المغلقة لتبيان حقيقة التفاهمات التركية في سياق أستانا، فإعلان موسكو الشهير (29/12/2016) قد حدد قتال النصرة كأساس جامع لأطراف الترويكا الإيرانية التركية الروسية وهو ما جرى تثبيته في إعلان أستانا الأول(23-24/1/2017)، وتم إعادة التأكيد عليه في اتفاق إدلب.
وأضاف الخبير صالح:
ما تشهده الساحة الإدلبية بشكل عام يفضي إلى عكس ذلك، فبعد سلسلة تفاهمات إقليمية ودولية بدءا من طلب تركيا لفصائلها الإندماج في كيان واحد بعيداً عن النصرة (25/9/2017) وزيارة روسية رئاسية إلى تركيا وبعدها لقاء رئيس هيئة الأركان التركية مع نظيره الإيراني ولقاء الرئيسين اردوغان وروحاني في طهران (4/10/2017) جرى الحديث عن عملية عسكرية تركية بغطاء جوي روسي في إدلب تنفيذا لتفاهمات أستانا بمشاركة ما يسمى درع الفرات، ولكن ما جرى مؤخراً من تحركات تركية مشبوهة من جبهة النصرة قد يفضي إلى غير ذلك فالهدف واضح هو إقامة قواعد عسكرية في دارة عزة وجبل الشيخ بركات، لإحكام السيطرة على الطرق البرية التجارية واللوجستية لعفرين بما يمهد لعملية عسكرية تركية هنالك، وهذا خلاف تفاهمات أستانا التي حددت حرب النصرة كهدف، بينما تتجه الأمور بين الطرفين التركي والنصرة لتفاهمات أمنية عسكرية بين الطرفين، هذ الكلام يضع سياق أستانا على المحك ومن المحتمل أن يتحول هدف أستانا بالنسبة لتركيا الى يافطة لمشروع الإستعمار الجديد لإردوغان فالهدف أصبح واضحاً وصل مناطق درع الفرات في مثلث جرابلس إعزاز الباب ب مناطق تواجده الجديدة في إدلب بعد عملية إستلام وتسليم مع جبهة النصرة الإرهابية
لذلك طبيعة العملية التركية وهدفها وحيزها الجغرافي هي من ستحدد بقاء هذا السياق أم فشله، والآن الكرة بملعب روسيا لتوضيح الإرتباك والتناقض التركي في تصريحاته حول العملية العسكرية.
المستشرق الروسي والصحفي في جريدة "إزفيستيا" الروسية أندرية أونتيكوف فيقول:
أما في الحقيقة نحن نعتبر أن تركيا هي إحدى الدول الثلاث الضامنة لمناطق خفض التوتر بما فيها إدلب مع روسيا وإيران، وعلى ما يبدو أن تركيا تقع بين نارين وهي قلقة جداً من التحركات الكردية في كل من العراق وسورية، وهي متعلقة بإلتزاماتها في إنشاء مناطق خفض التوتر، والأتراك صرحوا أن هناك تنيسقاً مع جبهة النصرة لدعم منطقة خفض التوتر في إدلب، ونحن عملياً شهدناً مؤخراً إتفاقات بين القوات الحكومية السورية وحزب الله من جهة مع جبهة النصرة من جهة أخرى حيث تم دحر قوات جبهة النصرة وعائلاتهم إلى منطقة إدلب، وما نحتاجه اليوم هو خروج محتمل من معارك دامية مع النصرة في حال تم الإتفاق يتخلى على أساسه عناصر جبهة النصرة عن العمل المسلح وسيكون هناك إمكانية لإنشاء منطقة خفض التوتر، وتركيا تريد أن يعلم إرهابيو النصرة أنهم أمام خيارين إما ترك السلاح وأما إبادتهم بشكل كامل.
وأردف أونتكيوف قائلاً:
تركيا شريك هام جداً لروسيا لكن في نفس الوقت لدى روسيا أهداف معروفة في سورية هي مكافحة الإرهاب وخاصة جبهة النصرة في إدلب وإنشاء مناطق خفض التوتر ، وأنا لا أعتقد أن هناك خلافات بين روسيا وتركيا وإيران، وأظن أن روسيا سوف تتمسك بأهدافها في سورية، وروسيا جاهزة للتعاون مع الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة في سورية، وروسيا تصر على إنشاء منطقة خفض التوتر في منطقة إدلب من أجل الإنتقال إلى الحل السياسي، وروسيا مصرة أيضاً على الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية، روسيا ترى أن تركيا تكافح جبهة النصرة إذا رأت محاولات استعمار تركي لسورية أو أي محاولة لاحتلال أراضي سورية، فروسيا ترفض هذا تماماً ولن تقبل به.
التفاصيل في الحوار الصوتي المرفق
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم