نعرف جيداً أننا — في "سبوتنيك"- اخترنا الطريق الأصعب، فطريق الحقيقة صعب دائما، ومهمة نقل الحدث بقدر ما هي متعبة بقدر ما تفتح باباً جديداً للأمل في نفوسنا، فطالما أنك قررت أن تكون فرداً في كتيبة صحفية مقاتلة، تعمل طوال الوقت على نشر الحقيقة، والبحث وراء كل معلومة، قبل أن تنشرها، ليكون كل خبر "على الهواء"، وليكون ما يخفيه الأخرون ويعتبرونه سراً أو قدساً، حقا لقارئ "سبوتنيك".
ولعل الإجراء الغريب، الذي اتخذته الشركة المالكة لموقع التغريدات القصيرة "تويتر" دليلاً على أننا طوال الوقت نجري ونسابق الزمن من أجل احتلال الصدارة، في توقيت تقف فيه دول كبيرة بأجهزة مخابراتها وشركاتها وبرلماناتها في وجه الصدارة الإعلامية الروسية.
فقد قامت شركة تويتر، يوم أمس الخميس 26 أكتوبر/ تشرين الأول، بحجب كل الإعلانات في جميع الحسابات التابعة لقناة التلفزيون "آر تي" ووكالة "سبوتنيك" الروسيتين"، ووفقا لقناة "روسيا24"، تم تفسير هذا بتدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقدمت إدارة شبكة المدونات الصغيرة تقريرا عن هذا "التدخل" في الكونغرس.
وجاء الرد من رئيسة تحرير وسيلتي الإعلام "آر تي" و"سبوتنيك"، مارغريتا سيمونيان، على الفور. ونشرت عدة صفحات من العرض التقديمي. وفي هذه الصفحات تبين أن تويتر عرضت على القناة تنظيم إعلان في وقت الانتخابات.
وكتبت سيمونيان على "تويتر":
آمل أن لا ينسى جاك دورسي أن يخبر الكونغرس، كيف قدمت تويتر عرضا للقناة بالكثير من الدولارات من أجل الإعلانات خلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وهو رد بليغ جداَ في الواقع، وربما هو إشارة لدورسي أن ما يحدث سياسي بالمقام الأول.
وهذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن اتخذ البرلمان الأوروبي، قراراً اعتبر وسائل الإعلام الروسية مثل "سبوتنيك" و"روسيا اليوم"، خطراً على أوروبا، وقتها تساءل الجميع هنا: هل نحن خطرون بالفعل؟ وما هي الخطورة التي تمثلها "سبوتنيك" على أوروبا، حسبما زعم البرلمان الأوروبي؟ ومن يملك أن يزج بالصحافة والإعلام المهني في خلافات سياسية؟
وكانت إجابتنا: نعم، نحن خطرون، وخطرون جدا جدا، والتاريخ يسجل أن الخطورة على أي أنظمة غير عادلة وغير واضحة وغير شفافة، وأي أنظمة دكتاتورية أو يديرها فاشلون، تكمن في الإعلام، لأنه هو الذي يستطيع أن يعيد للشعوب الوعي، وهو الذي يستطيع أن يوقظ الضمائر، وأيضاً هو الأقدر — من خلال نشر الحقائق — على إشعال الثورات، أو فضح أي ممارسات غير ديمقراطية أو أخلاقية أو حتى غير علمية.
و"سبوتنيك" تمثل خطورة حقيقية على كثير من دول العالم، فهي التي تفضح إلى أي معسكر تميل الدول الكبرى التي تدعي دعم الديمقراطية في العالم، ولكنها في الحقيقة لا تمنح دعمها إلا لكل صاحب رأي متطرف، ومن يحملون السلاح ضد كل من يخالفهم الرأي، أو بمعنى أدق، الدول التي تدعي التقدمية ولكنها لا تدعم إلا كل ما هو رجعي، وتدعي الحرية، بينما هي تدعم الإرهاب بكافة أشكاله وصوره.
كما تمثل "سبوتنيك" خطورة كبيرة على كل من يدعمون الأنظمة الفاشية في العالم، وكل من يعادون حرية الرأي والتعبير، وأيضا تمثل خطورة على كل من يرفضون القيم والمثل والمبادئ العليا، ويستبدلونها بأنماط من السلبية والانهزامية، فالحقيقة دائماً ينمو أعداؤها كلما ذاعت.