عند بوابة المعرض، ابتسامات لم تفارق مستقبلو العائلات والشباب بعدما قطعوا طريقا مؤمناً من قبل القوات العراقية، في منطقة المنصور – أحد أجمل وأرقى أحياء الراقية بغداد – وبكل حرص وشطارة، هرعت امرأة من المفتشات على تنظيم النساء وعزل كبيرات السن والأمهات اللواتي يدفعن عربات أطفالهن إلى بوابة دخول ثانية مخصصة للسيدات، غير مزدحمة مراعاة ً لحركتهن.
بعد قطع التذاكر، عبرنا بوابة المدخل – مكونة من باب قصير يلامس عظمي الفخذ، من عتلات حديدية تشبه التي كنت أتشقلب عليها وتضيق عندها بطني أيام كنت أقصد مدينة ألعاب الرصافة سابقا "حاليا مدينة السندباد"، في طفولتي، والذهول يعلو مشاعري ووجوه الناس من إقبال الوافدين إلى المعرض.
بين الزحام البشري، وصلنا أول جناح للمعرض، كان لأمانة بغداد – وعند مدخلة مختلف أنواع الزهور والنباتات الأنيقة، استقبلتنا نسوة ريفيات يخبزن في "تنور" من الطين، وهن "متحزمات" أي عباءتهن الفلكلورية الشعبية تلف خصورهن كتخت وردة متفتحة.
جولتنا في جناح أمانة بغداد، كانت منعشة من النباتات وهي تطرح على وجوه المارة، كميات وافرة من ثنائي أكسيد الكاربون، حتى وصلنا معرض لامرأة عراقية ترتدي ثوبا مطرزا ً بحروف عربية، تبيع مجسمات لآلهة وشخصيات هامة ومعالم، من حضارات سومر وبابل، وآشور، ومنها شبعاد السومرية "بوابي" وهي من عصر الآسرة الأولى في مدينة أور التي انطلق منها حرف الكتابة الأول من ذي قار جنوبي بغداد، إلى العالم كله.
وتفحصت التفاصيل الدقيقة لكل المجسمات، منها كهرمانة وجرارها التي يختبئ فيها 44 لصا، حتى كادت أن تدخل أصابع الشاعر العراقي الشهير – المتنبي – في عيني، وهو رافع يده في تمثاله المستنسخ عن شموخه في شارع الثقافة وسط بغداد بين نهرين — الأول من الكتب، والثاني دجلة.
كانت هناك موسيقى فلكلورية تملئ المكان، طربت حتى سيقان نبات البامبو والتي كان الإقبال الزوار على شرائها هو الأكثر من بين بقية الشتلات، لاعتقاد العراقيين أنها جالبة للحظ والرزق، وتشترى عادة بأرقام فردية – ثلاث، أو خمس.
وكانت لنا وقفة التقينا فيها المهندسة كوثر جبار مديرة، مديرة قسم الزراعة في بلدية الكرادة، تحدثت لنا حول مشاركة أمانة بغداد في المعرض الدولي، وقالت: "ضمن فعاليات معرض بغداد الدولي تم ترشيح بعض دوائر البلدية، وكما تعرفين هي دوائر خدمية من ضمنها الأقسام الزراعية التي شملت وهي دائرة المتنزهات، وبلديات الكرادة، والكاظمية، والكرخ، والغدير".
واستعرضت لنا، كوثر، ما قامت به هذه البلديات بأعمال عرض للنباتات الموجودة ضمن تجهيزها وإنتاجها والبعض الأخر من الشتلات تم أخذه من الأسواق المحلية، الهدف منها هو خلق روح العمل وحب الزراعة وتشجيع الناس على الزراعة داخل منازلهم، لاسيما ونحن عرضنا نباتات ظلية وقسم منها ظلية وتصلح أن تكون في أماكن مضيئة ولكن غير مشمسة.
وذكرت كوثر جبار، قمنا بهذا المعرض، بأعمال توعية للمواطنين، بحب الزراعة وتجهيز والبيوت والدوائر الحكومية والخاصة بالشتلات والنباتات لما لها من أهمية في الذوق وخلق روح من التفاعل وتنقية الأجواء.
وأخبرتنا المهندسة كوثر، أن جناح الأمانة، نال استقطاب الناس، بالرغم من المشاركة غير الشاملة، وليست كل الدوائر كانت مشاركة، لكن إقبال الزائرين جميل جداً على الأجنحة وخاصة على الدائرة الأم هي "دائرة المشاتل والمتنزهات" المخولة أن تبيع من منتجاتها وباب البيع مفتوح والشراء مستمر، وتقديم الإجابات على الأسئلة بخصوص النباتات، واستلام الملاحظات مستمر منذ اليوم الأول لافتتاح المعرض.
بوابة العالم
ودعنا زهرات "صباح الخير"، والأوركيدا، والجوري، نحو الجناح المصري، وقف عند مدخله زوجان من أحد أشهر آلهة التاريخ المصري، وهو "أنوبيس" حارس بوابة العالم الأخر ومرشد الموتى، بجسد بشر ورأس حيوان أبن آوى، تجمهره حولهما الزائرين لاقتناص صور سيلفي لتطبيق السناب شات، وأخرى تذكارية.
أصوات الباعة وصلتنا عند المدخل، بائع الجزرات، والحلويات المصرية والموالح بمختلف أشكالها التي من بينها أقرب للتي في العراق، ومنها الشيبس، والسمسمية، والمعمول، والكاجو، و"حب الشمس" المعروف باللب في اللهجة المصرية، وغيرها عند عارضة محل "المحمصة" الذي وضع لافتة كبيرة خط فيها عبارة "الأول في عالم المكسرات المتنوعة" فوق صورة لأبي الهول والأهرامات أحد عجائب الدنيا السبع.
خان الخليلي
في الجهة المقابلة للمحمصة وبائعها الذي أمتع كل الزوار من لهجته وطريقته المشوقة في جذب الزبائن، تراصت آلهة الحضارة المصرية، وأبرزها تماثيل لإله الشمس عند القدماء المصريين، حورس.. أبن ايزيس، واوزوريس، ورمز الوعي، والنور، والكاتب المصري الأقدم، وكليوباترا، والقطة "باستت" أحد تجليات ايزيس رمز الأنوثة والدلال، وعرائس مسارح الدمى، وأم كلثوم، وفرقتها الموسيقية، وحتى ريا وسكينة أشهر السفاحات في بدايات القرن العشرين.
أرسلت صورة التماثيل، لصديقتي سارة من مصر، سألتني بلهتجهم التي نجيدها ونحبها:
— أنت ِ في خان الخليلي، من وراية يا بت، ولا إيه؟
ولما أجبتها بأن الصورة من الجناح المصري، في معرض بغداد الدولي، استغربت وأعربت معبرة ً "وكأنها في خان الخليلي!" أحد أحياء القاهرة القديمة، الذي يجذب السياح من مختلف دول العالم وكذلك العراق، وهناك تباع تلك التماثيل التي قابلتهن في المعرض.
وكشفت لي سارة وهي مرشدة سياحية في مدينتها القاهرة، عن أسعار التماثيل، التي لا فرق في قيمتها المالية ما بين مصر والعراق، وأعلمتني أنها اشترت منها قبل عامين بـ30 جنيها ً مصريا ً، لكن سعرها حاليا ً نحو 50 جنيها ً.
وأخذنا تجاذب الحديث، إلى "الجلابيات" أو "الكلابيات" ثوب نسائي طويل، له تسمية باللهجة العراقية مشابهة للمصرية، وأسماء أخرى منها "دشداشة" وهي شائعة، و"نفنوف"..
اشتريت "جلابيتان" واحدة حمراء مطرزة بخيوط زرقاء غامقة جداً، من محل أسمه "الدكان"، والثانية بلون "ثمرة الشمندر" أو الشوندر كما يحب العراقيين تسميته، وكأنها فستان – في مقدمتها شريط ذهبي يزينها، وحزام يحد خصرها، وخامتهما تشبه قماش الكشمير، سعر الواحدة بـ10 آلاف دينار عراقي.
لم تكن في نيتي الشراء، لكن البائع، همس لي، بعيدا ً عن الزبونات الأخريات، قائلا ً:
— سأحسب لك ِ تخفيضا ، ليس بـ15 ألف، وإنما بـ10، وخذي اللون الذي يعجبك تذكار من مصر، ولو لفيتي كل المحلات دول مش حتلاقي السعر ده.
وكذلك الحال بالنسبة لصاحب محل الدكان، الشاب أحمد طلبة، باع لي الجلابية بـ10، شرط أنه يصرح لنا عن مشاركتهم في المعرض، على حد قوله مازحا: أنا حبقى "فيمص" أي مشهور باللغة الإنجليزية، ولن أصرح إلا تشتري مني أو تعطيني عمولة.
وأبدى طلبة سعادته في حديثه "الإقبال على الشراء، غير متوقع بصراحة وكبير جداً وتنظيم هائل جداً".
وذكر طلبة، أن "الجلابيات"، هي صناعة محلية في منطقة الكرداسة أكبر قرى محافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية، وهي شهيرة بالعباءات والكلبيات والملابس النسائية، ومصنعة من القطن المصري، متداركا ً، لكن التصاميم التي نعرضها هنا تختلف عن تلك التي نبيعها في بلادنا، هنا الذوق مقارب للخليجي.
— نحن نعمل على كل الأذواق، المحلي خاص، والمصدر تصاميمه مختلفة، لكنها ناجحة أيضا ً، ونبيعها بنفس القيمة سواء في مصر أو الخارج.
وأكد طلبة (34 سنة) من منطقة الكرداسة، أن تأشيرة الدخول إلى العراق، والمرور، كانت سهلة جداً، وبمنتهى الترحاب والذوق والابتسامة والعريضة..وأهلاً وسهلاً..على حد تعبيره لافتا ً إلى أنها المرة الأولى التي يشارك بها المحل في معرض بغداد، وتوعد بأنها لن تكن الأخيرة.
الأكثر متعة كان الجانب المصري، ودعنا أحمد طلبة، نحو باقي المحلات المخصصة لبدلات الرقص والآلات الموسيقية القديمة، منها "آلة الصاجات" المصنوعة من النخاس، تستعملها الراقصات إذ تقبض على زوج منها في كل يد، بين الأصبعين الوسطى والإبهام مثبتة بواسطة رباط من وسطها، وتردد دائما ً "يا دلع يا دلع"، ونحن فعلنا ذلك بمشهد تمثيلي قصير بكل سعادة – ولا أنسى الطرابيش المصرية التي وضعناها فوق رؤوسنا بشكل مائل وكأننا من باشاوات مصر.
المحلي
بصعوبة.. استطعنا مغادرة الجناح المصري، كونه كان مكتظ بالزوار، نحو منتصف المعرض – على وقع أغنية "كثر الحديث" عن جمال بغداد، إنسابت رائحة الشاي العراقي المنبعثة من الباعة الجوالة، وسحبتنا من كل حواسنا وكذلك فعلت بنا قدور الفشار "الشامية"، والشيبس المحلي المتبل بالمطيبات.
ونسلط الضوء على الثقل المحلي العراقي، والإبداع الذي أظهرته الحرفيات وصانعات الإكسسوارات وبائعي العسل الأجود من بين كل الأنواع إلا وهو "عسل السدر" لأشهر مناحل البلاد – تعود لحيدر الملا لطيف، حتى أن الشراء على منتجاتها الملكية والنافعة للبدن.
- الزراعة
حرصت وزارة الزراعة العراقية، على إظهار ما لدوائرها والشركات التابعة لها، من تقدم وانجاز لمشاريعها في تكثير الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض في ظل النزاعات التي شهدتها البلاد في شهر وسنوات سابقة إثر الإرهاب الذي أوشكت نهايته وزواله من أخر ما تبقى له في غربي الأنبار، بمحاذاة سوريا بتقدم كبير تحققه القوات العراقية منذ 26أكتوبر الجاري.
وصنعت إحدى دوائر الزراعة، قلعة أربيل "تعتبر أقدم قلعة في التاريخ سكنها البشر، بنيت في العهد الآشوري، في الألف الأول ما قبل الميلاد"، من التمر المعجون الخالي من النوى، بالرغم من الخلاف والأزمة القائمة بين المركز وإقليم كردستان، وفي المكان نفسه وزعت دائرة البحوث الزراعية "فراخ الدجاج" على العائلات والأطفال وتشجيعهم على تربيتها منزليا ً والاعتناء بها حتى نضوجها.
وقرب دجاجات محنطة، انشغلت طيور السمان التي تسعى دائرة البحوث الزراعة التابعة للوزارة على تكثيرها، بتناول الحبوب المقدمة لها، وتمنح الحاضرين نظرات قصيرة وتعاود الأكل مرة أخرى.
وقرب شتلات أنواع القمح العراقي الفاخر، جلست ثمار الذرة التي نزلت إلى السوق منذ تقلب الأجواء في البلاد، قبل نحو أسبوعين، على رف قبالة الدجاجات وفراخهن التي بدت في مرحلة النضوج التي نسميها "فروجة" أو "الفرج" المرحلة ما بين الفرخ، واليافع.
- التمور العراقية
مثل قطع الحلوى المعروفة "بالجكليت، أو الشوكليت" – طعم أنواع التمور التي لا يتمتع بجودتها بلد أخر مثل العراق وطن الـ600 نوع من التمر احتل بها المركز الأول عالميا ً منذ الخمسينيات من القرن الماضي.
ومن فنون مشتقات التمر، يستخرج العراقيون "الدبس"، ويصنعون "الدكة" وهي عبارة عن تمر يعجن بالـ"هاون" أو المدقة، مع المكسرات وأبرزها الجوز الذي تشتهر بزراعته أراضي الشمال في إقليم كردستان لاسيما عقرة – الحبة الواحدة منه تكسر باليد من شدة ترفها وطيبها.
وجملت الشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور، موقعها في المعرض، بمختلف أنواع التمور ومشتقاتها من دبس، وعسل وتمر محشو بالجوز، وأخر ملوث بمبشور جوز الهند، والسمسم، والطحينية "الراشي"، وغيرها –كلها نالت رغبة المواطنين على الشراء وتناول تلك الكرات التمرية الشبيهة بحبات شوكولاتة "الفيروروشيه".
صادفنا الكثير من الطاقات والإنتاج العراقية، ومنها اتحاد النحالين العراقيين، اتخذ من بينهم مساحة على مسافة من سيارات السايبا الإيرانية، لبيع منتجاتهم العلاجية للبشرة والأمراض المزمنة مثل داء السكري وغيرها من التي يصاب بها كبار السن عادة.
الجمال
امرأة عراقية، عيونها باسمة، حولت العسل بعد خلطته بنبات الشوفان، إلى مرهم لؤلؤي مقشر ومبيض للبشرة، في علب زجاجية صغيرة جداً سعر الواحدة منها 6 آلاف دينار عراقي ما يعادل تقريبا ً 4 دولارات، تسمح للزبونات تجربته على يديها أو وجهها لو لم تكن تضع الماكياج، وأكدت لنا أن مفعوله ممتاز، وأخذت بكلامها واشتريت المنتج، وصدمت بأنه سحري فعلا ً، جعل وجهي ناصعا ً، حتى أنه أزال خدشا ً وقع قرب حاجبي قبل أيام.
وجانبها انشغلت فتاة في خط أسم أحد الزبائن، بشكل مزخرف على كوب، وأمامها أعمالها اليدوية، من أطواق وأكاليل الورد، والدمى المحاكة من الصوف والكروشية، وعلى الجهة الأخرى كان هناك شاب بعينين خضراوين يبيع أساور وميداليات رجالية منحوتة من الخشب والرخام، مع إكسسوارات من الأحجار، خاصة بالسيارات.
الأناقة
البدلات الرسمية، والمنشآت المصغرة، والآبار والحقول، والبواخر، والناقلات، تأنق بها جناح وزارة النفط العراقية، زرنا كل الشركات، منها نفط الشمال، والجنوب، صادفنا مجسم لحقول البزركان، وعمل بتروجاينا الصينية، التي شاهدنا تأشيراتها على طول الطريق المؤدي إلى الأهوار الأثرية الساحرة في ميسان أقصى جنوبي البلاد.
ضم جناح النفط كل الشركات النفطية المحلية، ومنها المختصة بنقل النفط وتصديره إلى الخارج، عبر البواخر والناقلات التي تهدف إلى أن يكون علم البلاد مرفوعا ً فوقها خارج المياه الإقليمية وليس داخلها فقط، هذا ما علمت به من أحد العاملين هناك.
ذات الأناقة من النفط العراقية، صادفناها في موقع الشركات السعودية التي تشارك في المعرض لأول مرة منذ 28 عاماً من القطعية التي وقعت بين البلدين بسبب أساليب النظام السابق.
حرص ممثلو الشركات السعودية وبلغ عددها في المعرض 66 شركة من مختلف القطاعات الصناعية والتجارية، على ارتداء الزي الخاص ببلادهم، من ثوب ناصع البياض، وفوق الرأس طاقية يزينها الشماغ، ومنهم من وضع الغترة البيضاء، ثم العقال الأسود.
أثارت المنتجات والسلع السعودية، إعجاب الوافدين إلى معرض بغداد، ومنها الأبواب المقاومة للحرائق، مصنوعة من الألمنيوم عرضتها شركة المهيلب للصناعات المعدنية والخشبية الواقع مقرها في مدينة عرعر الواقعة بين حدود المملكة والعراق من الجهة الغربية.
ونالت عروض شركة اليمامة السعودية، للطوب الأحمر والمنتجات الفخارية، إقبال الزوار والشركات المحلية في العراق، لما لمنتجاتها من جودة – يكفي أن لونها الأحمر، وخفة وزنها مقارنة بأنواع الطوب الأخرى، جذب المستهلك إليها.
ووجدت العصائر والألبان السعودية مكانا ً مرموقا ً لها في المعرض، عبر شركة الربيع التي تحمل شعار "صحة للجميع"، وتعتبر أول شركة في الشرق الأوسط والسادسة في العالم تستخدم أحدث الطرق التكنولوجية بالتعبة "تترا ريكارت" التي تم طرحها عام 2006 من خلال عبوات "أول قطفة" حسب الملف التعريفي للشركة.
جولة
تجولنا كثيرا ً بين المحال وضخامتها وإمكانياتها، ومنها "شوبيني للتسوق" — أكبر موقع للتسوق في العراق، يبيع كل شيء حتى الخضار والمعلبات، وتجولنا بين الملابس النسائية الفلكلورية المعروفة بالهاشمي الخاص بالمناسبات – تفضله متوسطات وكبيرات السن عن الشابات، والبشوت من مختلف الأقمشة ما بين الشيفون والكريب الفاخر، والقديفة وأغلبها مطرزة بالنمنم والبلك.
طربتنا فتاة عراقية تدعى، بأناملها وهي ترقص الفالس على مفاتيح البيانو، وأخذتنا رائحة الأقمشة السورية إلى عنفوان الطفولة، أما رائحة الجو كانت مليئة بالعطور العربية والخليجية – تبعث في كل مكان بتحد مع الأخرى المحلية والفرنسية، حتى أقلام أحمر الشفاه من كايلي جينر موجودة هناك بمنشئها الأصلي، غير المقلد، في محل نورتي للعود والعطور – تبضعت منهم على سيروم للبشرة بماء الذهب وأخر بحبات اللؤلؤ.
وطرقنا الأبواب الساحرة لشركة "extra" المحلية، وتصفحنا أهداف اتحاد الغرف التجارية العراقية التي تسعى إلى إقامة روابط مع اتحادات وغرف أجنبية وتنظيمات مماثلة والمشاركة في العربية والعالمية، لتنظيم التعاون الصناعي والتجاري العراقي وباقي دول العالم.
عدد الوافدين
وننفرد بنشر إحصائية بعدد المواطنين الوافدين إلى معرض بغداد، بغضون أسبوع فقط، من اليوم الأول 21 – 27 أكتوبر الجاري، كشفها رئيس اللجنة الإعلامية لمعرض بغداد الدولي، محمد حنون، في تصريح خاص لنا، اليوم الأحد، 29 أكتوبر، قائلا ً:
يوم الجمعة الماضي، شهد المعرض استقبال أكثر من 75 ألف زائرا ً، وشهدنا توافد نحو (35-25) ألف زائرا ً عراقيا ً في اليوم الواحد فقط، على مدى الأسبوع الماضي.
وكشف حنون، عن توافد أكثر من 500 زائر من جنسيات عربية وأجنبية، استقبلهم المعرض حتى الآن منذ اليوم الأول.
خاتمة
اختتمنا رحلتنا، في المعرض بعدما أذهلتنا العروض من 18 دولة مختلفة ما بين الأجنبية والعربية، شاركت بـ400 شركة بينها محلية، بكوب كبير من القهوة بالشوكليت من فرع مقهى بن رضا علوان الأشهر في العراق.
استعرت من المقهى كتابا ً بعنوان (أسرار 2 مايس 1941 – الحرب العراقية الإنكليزية) تصفحته حتى يدفئ غليان القهوة، أمام بناية كبيرة تقع أمام المغادرة من للمعرض، عليها رسوما ً مستوحاة من بوابة بابل التاريخية، تمثلت بالمخلوق الأسطوري "مشخشو" رمز الإله مردوخ، كبير آلهة قدماء البابليين، وهو برأس تنين وجسم أسد وأرجل نسر.
وما بالنا بالحروب؟ سيأتي اليوم الذي ستصبح فيه ويلات العراق وبطولاته على الإرهاب المتمثل بـ"داعش"، مخلدة في التاريخ والكتب، وقتها قد أصل للمعرض بمترو أنفاق، أو قطار معلق، وناطحات السحاب تحجب سماء الطريق الذي سيخلو من صبات الكونكريت، في المستقبل.
ووثقنا بالصور والفيديو، ما بدا في معرض بغداد الذي يختتم فعالياته يوم 30 أكتوبر، من حب العراقيين للحياة وطموحهم لأجل بلد أمن خال ٍ من العنف، وليس موطن للصراع مثلما يصور للعالم أجمع عبر الإعلام الذي لا يُظهر حياة المواطنين ومقاومتهم للظروف والأزمات والحروب التي بالرغم من أخذها الكثير من فلذات قلوبهم، يواصلون تحدياتهم لاسيما التي يقفون بها ضد الإرهاب ويتغلبون عليه دائما ً.
نازك محمد خضير