ولفت إلى أنه رغم أن هناك من يحاول إضفاء طابع إصلاح الفرصة الأخيرة على قرارات وإجراءات الملك سلمان وولي العهد، إلا أن المسألة لا تتعدى حتى الآن كونها، في العمق، مجرد حلقة جديدة ومستعادة من تصفية حسابات اللحظة الأخيرة، مع الداخل والخارج، وعلى الطريقة السعودية المعروفة. على حد تعبيره.
وبين الكاتب السوري أنه لن يكون من الصعب تقبل مثل هذا الطرح، فالعرّاب الأكبر يبقى الملك سلمان، المؤهل وحده، ودون غيره، للوقوف في وجه المؤسسة التكفيرية المتجذّرة في الشارع. وليس هو الأمير الشاب، بن سلمان، حتى الآن، وليس محمد، كما تفترض على الأقل الواجهة الحداثوية التي يجري الترويج له، من خلالها، في أوساط الغرب، وفي بطانة ترامب حصراً. على حد قول هاشم.
وأضاف الكاتب السوري: ليست تلك خطوة مدروسة لرجل قوي يمتلك برنامجا واضحا، كما تشيع صحافة المحافظين الجدد في أمريكا. هي بالأحرى حركة استباقية متهورة قد تفتح الصندوق الأسود لتاريخ طويل من حكم العائلة برمتها؛ وقد تشرع أبواب المملكة، ومن دون استئذان، على "الربيع". ولكنه اليوم خيار شمشون الذي يجازف بتحطيم السعودية ذاتها، والذي يتأسس على معضلة شبه مستحيلة تفترض، أقله، ضرورة تغيير الحقائق والمعادلات الداخلية والإقليمية مجتمعة، ودفعة واحدة، على مذبح إصلاح، لربما فات أوانه، للمملكة المتعبة أمنيا وعسكريا على أكثر من جبهة، والمفلسة ماليا جراء حروب ومغامرات والمضعضعة اجتماعيا. على حد وصف الكاتب.
لا تتطلّع المملكة إلا إلى إصلاح يلبي احتياجاتها ومتطلباتها لنقل السلطة، وقد وصل هوسها بإمكانية الاستحواذ على هذا الهدف درجة توهم القدرة على قلب حقائق الصراع في الشرق الأوسط، والانقلاب على مفاهيمه التاريخية والتأثير في معادلاته الاستراتيجية، وإلى الأبد، من خلال جر الشعب السعودي والرأي العام في الخليج العربي، وفي دول المنطقة، لبناء إجماع جديد على صورة وهوية عدو مختلق، هو كامل محور المقاومة هذه المرة، بل والإمعان في حروب الوكالة حد تحريض "إسرائيل" على الحرب ضد لبنان والهجوم على إيران، بعيدا عن أدنى استيعاب لفشل تجربة التعاون والتنسيق المشتركة مع الصهاينة ضد سورية.
واعتبر الكاتب أن السعودية اليوم تشعر بالحاجة إلى تغيير كامل الشرق الأوسط بغية تمرير مشروعها في الإتيان بحالم غض الخبرة وضعيف القاعدة السياسية ليكون الأول وسط مجرة هائلة من الأمراء والطامحين وأصحاب النفوذ والمطالبين بالشرعية.
واستدرك قائلا: لكن المشكلة أن ترامب غير معني إلا بحصد ما يمكن أن تسفر عنه هذه المعمعة من عمليات سطو ومصادرة وحسابات مجمدة ووعود بتسجيل آرامكو في البورصة النيويوركية، فيما تجربة أردوغان الانقلابية ليست أنموذجا، ولم تؤكد جدواها على صعيد تحييد المنافسين والخصوم وإنجاز استحقاق التفرد المطلق بالسلطة، علاوة على أن المسار التاريخي لشرق أوسط ما بعد فشل الحرب على سوريا يشق الطريق واسعا أمام تيارات التحرر والانعتاق من الرجعية والاحتلال والهيمنة الأجنبية.