يمثل قذاف الدم آمال الليبيين الذين كانوا يتمتعون بحياة مميزة، لكنه يثير قلق الكثيرين الآخرين الذين يخشون عودة أولئك الذين أيدوا حكم القذافي، ونظرا لانعدام الأمن وتزايد العنف في ليبيا، فإنه يستشعرون الآن أن هناك انفراجة قد تمكنهم من العودة، إذ يرون فرصة في جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام مع إجراء انتخابات محتملة في العام القادم. كما أن الإفراج عن سيف الإسلام القذافي، يعطيهم الأمل، على الرغم من أنه لا يزال مختبئا.
يلمع قذاف الدم إحدى صور الزعيم الراحل بينما يقول: "إنه يسكن قلوب الملايين"، ثم يقول بنبرة واثقة: "لن يكون هناك سلام بدوننا نحن نمثل غالبية الليبيين. ونريد أن نضع الأمور في نصابها الصحيح ونصحح الماضي".
و"الماضي" الذي يقصده هو فصل من انتفاضات الربيع العربي، وضربات الناتو الجوية في عام 2011، ما أدى إلى الإطاحة بالقذافي ووفاته على أيدي مقاتلي الميليشيات في مدينة سرت، مسقط رأسه، في ذلك العام في تشرين الأول/ أكتوبر.
بحلول ذلك الوقت، كانت قذاف الدم قد فر من البلاد، وفي عام 2013، أصدرت السلطات الليبية في مرحلة ما بعد الثورة أمرا بالقبض عليه وطلبت تسليمه، إلى جانب مسؤولين آخرين في النظام السابق. وداهمت الشرطة المصرية شقته واشتبكت مع حراسه قبل احتجازه. وبرأته محكمة مصرية بعد أن قال محاموه أنه يحمل جواز سفر مصريًا (أمه مصرية) وأنه قد انشق عن ليبيا في اعتراضه على قتل المتظاهرين.
وقال عبد الباسط أحمد أبو دية، الرئيس السابق لوكالة الأنباء الليبية، في تصريحات لوكالة "فرانس برس" إن "الكثيرين لا يزالون يثقون به لكن آخرين يتهمونه ببيع النظام السابق، لديه الكثير من النفوذ، ويمكن أن يساعد في إعادة تشكيل المشهد السياسي، لكنه لا يستطيع أن يفرض رؤيته بقوة كما كان يفعل في الماضي ".
يشير قذاف الدم إلى الثورة الليبية بأنها "الكارثة"، ويقول: كان للشباب الليبيين الحق في الخروج والاحتجاج على النظام فلم نكن ملائكة، لكن أولئك الذين حملوا السلاح خونة".
يبرهن قذاف الدم على الشعب كان يدعم النظام بأن نجاح الثورة عليه تم بالتدخل الأجنبي، إذ إنه لولا تدخل حلف الناتو لفشلت الثورة، مضيفا: "نحن النظام الحقيقي، أما هؤلاء الحكام الحاليون فقد جاءوا على رأس الصواريخ والصواريخ لا تخلق الشرعية ".
وفي الوقت الذي يرى مسؤول كبير بالمجلس الرئاسي في طرابلس، أن العودة إلى السياسة "صعبة جدا" بالنسبة لقذاف الدم وسيف الإسلام القذافي، ومن الناحية الأمنية، يكاد يكون مستحيلا، فإن إبراهيم الغويل، وهو سفير سابق في عهد القذافي، يقول: "عندما تحتاج إلى تشكيل البلاد، تحتاج إلى رؤية القبائل، يجب أن يسمع صوتهم، هذه هي ثقافتنا".
وقد أعلنت الأمم المتحدة عن استراتيجية جديدة لليبيا شملت استفتاء على دستور جديد، وفي نهاية المطاف انتخابات رئاسية وبرلمانية. وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة إن العملية السياسية الجديدة ستفتح الباب أمام "أولئك الذين ينبذون، والمهمشين، والجهات الفاعلة التي كانت مترددة في الانضمام إلى العملية السياسية ".
وقال قذاف الدم: "أعتقد أن الأمم المتحدة والدول التى دمرت ليبيا تريد أن نكون جزءا من المناقشة، ولن نسمح لمعارضينا باختيار أعضاء الحكومة وحدهم"، واتفقوا جميعا على أن أفضل شخص لإدارة بلادهم هو سيف الإسلام القذافي.
وقد أطلق سراح سيف الإسلام في حزيران/ يونيو، بعد أن احتجزته ميليشيا منذ عام 2011، وهو مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
وأصر المجتمعون في الشقة على أن الليبيين سيقبلون قذافي آخر، خصوصًا أن سيف الإسلام دعم الحريات السياسية والإصلاحات في السوق الحرة والفرص المتاحة للشباب الليبي قبل الثورة، وهو ما يؤكده نور إبراهيم، وهو محامي شاب، إذ يقول: "إنه ليس مثل والده".
في غرفة المعيشة، هناك صورة للقذافي وفي ظهره عمر المختار، الزعيم الليبي الذي قاوم الاستعمار الإيطالي قبل أن يعتقلوه في عام 1931. هذه هي الطريقة التي يعتقد فيها قذاف الدم أن العالم سوف يرى ابن عمه يوما من الأيام. وقال: "سيكون قديسا لليبيين والعرب والمسلمين والأفارقة، جميع الليبيين يريدون الآن أن يعودوا إلى أيامه".