لافتا إلى أن القوتان العظميان اتفقتا على عدم الرضوخ للضغوط الإسرائيلية المطالبة بإنشاء منطقة محايدة في الأراضي السورية بعمق 60 كيلومتر على طول خط وقف إطلاق النار لعام 1967، ولأنها دعمت "الجهاديين" بحيوية منقطعة النظير، ودأبت على قصف سوريا، فقد وجدت إسرائيل نفسها، في النهاية، في معسكر المهزومين، ولم يعد بوسعها أن تفرض شروطها، على حد وصف الكاتب الفرنسي.
وقال ميسان: اتفق الكرملين والبيت الأبيض أيضا، في وثيقة عمان على ضرورة إشراك اللاجئين السوريين في الانتخابات الرئاسية القادمة، بينما دعا "الإخوان المسلمون" في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2014 إلى مقاطعتها، وحظرت الدول الغربية إجراء التصويت فوق أراضيها، في انتهاك صريح لاتفاقية فيينا.
أما مسألة مئات ألوف السوريين المحبوسين في مخيمات اللجوء في الأردن وتركيا تحت سيطرة جماعة "الإخوان المسلمين"، فمن المفترض أن تشهد تطورا سريعا بعد التحول السعودي. على حد قول الكاتب.
وأضاف:
ولكن، مع كل التقدم الذي أحرزه بوتين وترامب، لا يزال فريقاهما يتذابحان في مجلس الأمن، فبعد اتهام سوريا بقصف شعبها بغاز السارين في خان شيخون، قصفت الولايات المتحدة قاعدة الشعيرات الجوية، ودعمت إنشاء آلية تحقيق مشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
واستدرك قائلا: من وجهة نظر "الصقر" جيفري فيلتمان، الرجل الثاني في الأمم المتحدة، وكذلك السفيرة الأمريكية نيكي هالي المدافعة الشرسة عن "الكبرياء الأمريكي"، ينبغي على الأمم المتحدة أن تقر بصواب موقف الولايات المتحدة، لهذا السبب رفضت آلية التحقيق متابعة البروتوكولات التي أنشئت في إطار اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، فرفضت الذهاب إلى خان شيخون وأخذ عينات من قاعدة الشعيرات، واكتفت بكل بساطة بتجميع معلومات تسير في اتجاه الفرضية الأمريكية، فنتج عن ذلك سلسلة متتالية من استخدام حق النقض "الفيتو" من روسيا، بهذه القضية، في 12 نيسان/ أبريل، و24 تشرين الأول/ أكتوبر، و16 و17 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وأكد الكاتب الفرنسي أنه لا يسعنا إلا أن نشعر بالذهول أمام ولدنات السفيرة نيكي هالي، ففي العديد من المواضيع الأخرى، استخدمت القوى العظمى حق النقض "الفيتو" وانتقلت إلى مناقشة مواضيع أخرى، إلا الولايات المتحدة التي لا تقبل ألا يعطى الحق لرئيسها، من هنا تأتي محاولاتهم المتكررة لإرغام مجلس الأمن على اعتماد كذبة السلاح الكيميائي.
واعتبر ميسان أنه في الماضي، تلاعبت الولايات المتحدة بقادة ضعفاء الأمر الذي مكن الرئيس جورج بوش الأب حينها من حشد كل دول الكرة الأرضية، باسم الدفاع عن القانون الدولي، لغزو العراق بشكل مشروع.
وكذبت الولايات المتحدة بمنتهى البساطة قبل ستة عشر عاما، ولا تزال تكذب، لتبرر طموحاتها الإمبريالية، وهكذا لفقت للعراق تهمة تحضير أسلحة دمار شامل لمهاجمته، وأثارت موجة عارمة من التظاهرات السلمية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ.
وختم بالقول: مهما يكن من أمر، فقد تم غزو العراق، وتدميره، وفي الوقت الحالي، صارت الولايات المتحدة تكذب بحكم العادة والكبرياء، ولم يعد الأمريكيون يدركون حقيقة الواقع الذي يرغبون في مطابقته مع أوهامهم، كما لم يعودوا قادرين على الاعتراف بأخطائهم، مثل كل الإمبراطوريات الآفلة.